بعد تغييب 34 عاما ..

فكر وسيرة حنا مقبل يبعثان من جديد في كتاب وجائزة

01.03.2018 03:09 PM

رام الله – وطن : نحو 34 عاما مرت على اغتيال حنا مقبل، ذلك الرجل الذي كان ملأ السمع والبصر، ولسان "فلسطين الثورة"، والذي غابت سيرته وفكره، حتى باتت الاغلبية العظمى من الاجيال الفلسطينية لا تعرف من هو، مثله مثل غيره من عشرات المثقفين والمفكرين الفلسطينيين الذين رفعوا شعار "بالدم نكتب لفلسطين".

حالة النسيان التي عصفت بالذاكرة الفلسطينية، دفعت الاتحاد العام للكتاب والادباء الفلسطينيين لاطلاق كتاب سيرة الارجوان والحبر الثوري حنا مقبل: بالدم نكتب لفلسطين، بالتعاون مع نقابة الصحفيين ودائرة الاعلام في جامعة بيرزيت، واعلان جائزة الشهيد حنا مقبل للاعلام، كخطوة لتشجيع طلبة الاعلام لاعداد بحوث عن سيرة الشهيد .

ويعد مقبل الذي ولد عام 1939م في قرية الطيبة، ابرز الاسماء التي اسست وعملت في الصحافة الفلسطينية، اذ اسهم في تأسيس أولى الدوريات الفلسطينية وهي صحيفة "فتح" كلسان حال حركة فتح، التي كانت تصدر في العاصمة الأردنية عمان، حيث كان مديراً لتحريرها؛ وساهم في تأسيس الإعلام الموحد الفلسطيني، وعمل مسؤولاً تنفيذياً في قيادة الجهاز عند تـأسيسه.

وتولى مقبل رئاسة تحرير مجلة "فلسطين الثورة"  في بيروت؛ وذلك بعد استشهاد رئيس تحريرها الأول الشهيد كمال ناصر، حيث استمر فيها حتى تشرين ثاني 1973م؛ ومن خلال هذه المجلة عمل حنا مقبل على نشر ثقافة الوحدة الوطنية والديمقراطية والمقاومة، وكانت "فلسطين الثورة" لسان حال المقاومة الفلسطينية.

في عام 1978بدأ حنا مقبل في إنشاء مؤسسة تحمل اسم "القدس برس"؛ حيث قال آنذاك: "سأحاول أن أضخ إلى الناس من خلالها ما يمكن أن يساهم في جلاء الحقيقة"؛ وكان يفكر ويطمح إلى إنشاء مجلة عربية قومية اسمها "دفاتر عربية".

وانتخب مقبل عام 1979 أميناً عاماً لاتحاد الصحفيين العرب بصفته ممثلاً لفلسطين؛ وجدد انتخابه عام 1983 لأربع سنواتٍ أخرى، وكان أحد مؤسسي "الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين"، وتولى أمانة سر الأمانة العامة للاتحاد حتى عام 1980م، كما كان عضوًا في اللجنة الدولية لحماية الصحفيين، المنبثقة عن منظمة الصحفيين العالمية (I.O.J) ومديرًا لوكالة "قدس برس" للخدمات الصحفية في بيروت، ووكالة "الشرق برس" في نيقوسيا.

واغتيل مقبل في نيقوسيا صباح 3 ايار 1984 بينما كان متوجهاً إلى مكتبة حيث أقدم مجهولون بإطلاق النار عليه من مسدس كاتم للصوت؛ فاخترقت رصاصة قلبه، بعد أن مزقت بطاقة الصحافة التي كان يحملها في جيب قميصه، حيث استشهد مقبل ؛ ونقل جثمانه إلى عمان، حيث ووري الثرى في مقبرة أم الحيران بالأردن.

ويحتوي الكتاب الذي يقع في 500 صفحة من القطع المتوسط، مقدمة بعنوان الحبر الساخن والفعل الثوري لرئيس الاتحاد العام للكتاب والادباء الفلسطينيين مراد السوداني، ونصا لابنته سلام، وشهادات لاصدقاءه رشاد ابو شاور وخالد ابو خالد وجهاد حتر، اضافة الى عشرات المقالات السياسية التي كتبها مقبل طيلة حياته في عدد من المنابر الاعلامية، وحوارات اعلامية معه، والبوم صور.

وسلط اصدار كتاب وجائزة باسم مقبل تساؤلات حول الكثير من الاسماء الوارنة التي جرى تغييبها عن وعي وثقافة الاجيال الفلسطينية الجديدة، اذ قال السوداني لوطن ان سياسة التغييب لم تطل حنا مقبل فقط، بل طالت الكثير من الاسماء الوزانة التي كان لديها رؤيتها العالية والنقدية ولم تتسع لها المؤسسة بكل مكوناتها، وبالتالي فأن التقصير مرده بالدرجة الاولى للكتاب والاعلاميين، لذلك جاء اطلاق الكتاب، ولذلك يتم الرد على هذا التقصير بعد نحو 30 عاما من تغييب مقبل، لانه لا عذر لمن غيب مقبل والكثير من الاسماء.

واضاف السوداني "ان مقبل استاذ الاعلام في فلسطين فقد تبوأ مناصب عديدة مهمة، واسم ملأ الدينا وتخرج من بين يديه اسماء ثقافية واعلامية عالية، والذين غيبوا هذه الاسماء لا يرون فلسطين الا من عين واحدة، لذلك علينا ان نعيد اظهار هذه الاسماء الكبرى بما يليق بفلسطين".

واضاف "من لم يكن وفيا لفلسطين لا يمكن ان يكون وفيا للكلمة التي ذهبت لشهادتها، لذلك نحن في عام 2018، ومن جامعة بيرزيت كأجيال جديدة في اتحاد الكتاب واحفاد سلالة الاعلام نريد ان نعيد قولنا بالدم نكتب لفلسطين حتى تتحرر وتكتمل بنشيدها."

من جانبه اشاد استاذ الاعلام في جامعة بيرزيت وليد الشرفا باصدار كتاب وجائزة مقبل، قائلا لوطن " اهمية اصدار الكتاب تكمن في تقديم نموذج معلم لاجيال الفلسطين المقبلة، خاصة ان حياة مقبل تعد درسا في الفداء والعطاء والانتاج الفلسطيني، بينما يقبع  الجيل الحالي تحت سطوة وسائل الاعلام والنماذج الاستهلاكية، وبالتالي نحن بحاجة الى اعادة التاريخ لانه لا يوجد اكثر بلاغة من فعل الشهيد".

وحول اسباب التحول التي طرأ على المشهد الاجتماعي والثقافي الفلسطيني، والتي بسببها غيبت اسماء رموز فلسطينية، قال الشرفا ان "التحول مرده لسببن اولهما الانكسار الداخلي الفلسطيني  كسبب رئيس في صياغة نماذج لصالح جماعات وايدولوجيات محددة وضيقة، وانهيار الكثير من الايدلوجيات الكبرى التي راهنوا الفلسطينيين عليها من اجل التحرر، وهذا خلق صدمة لهم، الى جانب اوسلو التي تسببت بقطيعة بالحلم الفلسطيني ، ما ادى الى خيبات متكررة خلقت جيل جديد قائم على ثقافة الاستعراض دون تاريخ، لذلك حنا مقبل يعيد الفلسطينين لقراءة التاريخ من جديد.

وعن دور نقابة الصحفيين في تخليد ذكرى الصحفيين الاوائل الذين لعبوا دورا في تجسيد وتأسيس الصحافة الفلسطينية قال عضو الامانة العامة لنقابة الصحفيين موسى الشاعر لوطن ان "دور نقابة الصحفيين غاب لفترة طويلة في المرحلة السابقة نتيجة الاوضاع التي عاشتها النقابة والوضع الفلسطيني العام، ومع اعادة تاسيس النقابة في عام 2010 وهي تحاول اخذ دورها الحقيقي والفاعل في الشعب الفلسطيني تجاه كل القضايا التي تهمها، بالمشاركة مع المؤسسات الفلسطينية والعربية الفاعلة".

تصميم وتطوير