في الذكرى الـ25 لاتفاق اوسلو

مصطفى البرغوثي يدعو لاستراتيجية وطنية بديلة لنهج المفاوضات

13.09.2018 01:39 PM

رام الله- وطن: دعا الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية د. مصطفى البرغوثي إلى إستراتيجية وطنية بديلة عن نهج المفاوضات  بعد 25 عاماً على توقيع اتفاق أوسلو .

وقال البرغوثي خلال مؤتمر صحفي عقده في مقر حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية برام الله، اليوم، إن الاستنتاج الرئيس الذي يجب أن نستخلصه من اتفاق أوسلو بعد 25 عاما على توقيعه، أن الإدارة الأمريكية الحالية وإسرائيل متفقتان على إنهاء اتفاق أوسلو، و شريكتان  في تدمير فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة و ذات السيادة الحقيقية، وتتعاونان على النيل من حقوق الشعب الفلسطيني ، ويترجم ذلك من خلال إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وقطع المساعدان عن الاونروا ،ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والسعي لشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين مما يدل على انصياع كامل للرؤية الإسرائيلية المتطرفة  لتصفية قضايا الحل النهائي والتي كان يجب أن يتم التفاوض عليها و الإنتهاء منها بحلول عام 1999.

وأضاف البرغوثي : أن اتفاق أوسلو فشل لأنه استند أولا على الاعتقاد بأن إسرائيل مستعدة للقبول بحل وسط، ولكن اتضح أن إسرائيل استخدمت اتفاق أوسلو لكسب الوقت وتكريس الأمر  الواقع على الأرض من جانب واحد، ولتكريس نظام التمييز العنصري  الأسوأ في التاريخ ، إضافة إلى استخدامه لإحداث شرخ في الصف الفلسطيني وكمدخل للتطبيع مع العالم.وثانيا أنه استند إلى الاعتقاد بأن الولايات المتحدة يمكن أن تكون راعٍ نزيه للمفاوضات.

واستكمل البرغوثي أن الاستنتاجات تقودنا إلى ضرورة تبني إستراتيجية وطنية فلسطينية بديلة عما اتبع حتى الآن، هدفها المركزي تغيير ميزان القوى، والتحرر من اتفاق أوسلو و من ملحقاته بما فيها اتفاق باريس الاقتصادي بالكامل، ومن كافة الالتزامات المجحفة  بما في ذلك التنسيق الأمني، ويجب أن ترتكز هذه الإستراتيجية على ستة عناصر، هي:

1.    المقاومة الشعبية الواسعة.
2.     حركة المقاطعة وفرض العقوبات على إسرائيل
3.    توحيد الصف الوطني وإنهاء الانقسام.
4.    تعزيز الصمود الفلسطيني على الأرض.
5.    إعادة بناء مكونات التكامل بين الشعب الفلسطيني في الداخل أراضي 48 ، والأراضي المحتلة، والخارج.
6.    ضرورة خلخلة معسكر الخصم بسلسلة من النشاطات والمبادرات الفلسطينية في مختلف الميادين وفي مختلف أنحاء العالم.

وجاء مؤتمر د. مصطفى البرغوثي بعد ساعات قليلة من هدم سلطات الاحتلال  بيوت متنقلة "كرفانات" في قرية الخان الأحمر، حيث قال "جئنا الآن من الخان الأحمر حيث قامت قوات الاحتلال، فجر اليوم باقتحام القرية وهدم 4 كرفانات كانت مخصصة للأزواج الشابة في القرية، وقاموا بتطويق خيمة الاعتصام وإغلاق كافة الطرق إلى المنطقة ونحن نعتبر أن ما قاموا به صباح اليوم، جريمة جديدة تضاف إلى سلسلة جرائم الاحتلال ضد الخان الأحمر وضد الشعب الفلسطيني، ونعتبر أن ما قاموا به هو مناورة اختباريه تمهيدا لما قد يقومون به من تطهير عرقي ضد كل قرية الخان الأحمر، مضيفاً أن هذا العمل تم بالضبط في الذكرى الـ25 لتوقيع اتفاق أوسلو، وهذا بحد ذاته مؤشر لحقيقة الوضع على الأرض بعد 25 عاما على توقيع الاتفاق".

وقال البرغوثي "المفارقة التاريخية انه في نفس موعد توقيع الاتفاق، أعلنت الولايات المتحدة عن إغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير في واشنطن، وما يجري هو إعلان إسرائيلي أمريكي مشترك لوفاة وانتهاء ما سمي باتفاق أوسلو، وإن إسرائيل تريد أن تفرض الأمر الواقع من جانب واحد لكافة قضايا الحل النهائي".

وأكد البرغوثي أن أخطر ما جرى إقرار قانون القومية التهويدي، والذي يعني شيئا واحدا" أن فلسطين بكاملها لليهود فقط" و"أن حق تقرير المصير محصور باليهود فقط"، وبالتالي ما تكرسه إسرائيل بعد 25 عاما على  اتفاق أوسلو، هو منظومة أبرتها يد وتمييز عنصري أسوأ مما كان قائما في جنوب إفريقيا.

وأضاف: آمل التعلم من أخطاء أوسلو، فلم يكن اتفاق أوسلو قدراً، وإنما خياراً بني للأسف على تحليل خاطئ، واجتهاد لم يكن صحيحاً في فهم الخصم الذي نواجهه، حيث أن توقيع الاتفاق كان مبنياً على الاعتقاد بان الجانب الإسرائيلي والحركة الصهيونية تقبل بحل وسط سمي بحل الدولتين، لكن ما ثبت قطعاً أن اتفاق أوسلو ما كان للحركة الصهيونية سوى محطة لكسب الوقت، وما اتضح أن اتفاق أوسلو كان فخاً كبيراً نُصب للشعب الفلسطيني لإلغاء نتائج الانتفاضة الشعبية الأولى الباسلة التي جعلت الاحتلال غير قادر على الاستمرار في حكم الفلسطينيين.

وقال إن الاتفاق استخدم لإحداث شرخ بين الفلسطينيين، وإعطاء ضوء أخضر للعالم للتطبيع مع إسرائيل، فقبل المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية لم تكن دول عظمى مثل الصين والهند تعترف بإسرائيل أو تقيم علاقات معها.

وتابع: من الواضح أنه لم يظهر في إسرائيل حتى اللحظة أي قيادة تقبل بدولة فلسطينية حقيقية،وحتى اسحق رابين لم يكن يتحدث إلا عن حكم ذاتي تحت الاحتلال وعلى ما لايزيد عن 50% من الضفة الغربية.

وأوضح أمين عام المبادرة الوطنية، أن هناك أخطاء كبيرة ارتكبت، واستغلتها إسرائيل بشكل كبير في اتفاق أوسلو و هي:

1.  الاعتراف غير المتكافئ، حيث اعترفت منظمة التحرير بإسرائيل، دون أن تعترف بدولة فلسطينية، ودون تحديد حدود "دولة إسرائيل".
2. تم توقيع الاتفاق دون اشتراط وقف الاستيطان كما كان يطالب د. حيدر عبد الشافي،  و بالنتيجة ارتفع عدد المستوطنين عند توقيع الاتفاق من 111 ألف مستوطن، إلى حوالي 700 ألف مستوطن اليوم.
3.أن الاتفاق كان جزئياً انتقالياً ومرحليا دون الاتفاق على النتيجة النهائية التي يسير نحوها التنفيذ المرحلي، وبالتالي بقيت القضايا الرئيسية مؤجلة ومن ثم طبقت إسرائيل خططها المنفردة بشأن كل منها كالقدس، و الاستيطان و الأمن، و المياه .
4. القبول بمبدأ تجزئة الأراضي الذي تم في اتفاق القاهرة بعد اتفاق أوسلو عام 1994، وهذه التجزئة تشكل اليوم المشكلة الأكبر في حياة الشعب الفلسطيني، ونتج عن تقسيمات (أ، ب، ج)، نشوء 224 تجمعاً وجزر مقطعة الأوصال في الضفة الغربية بالجدار والاستيطان والحواجز، ومنطقة (ج) التي تشكل 62% من مساحة الضفة هي منطقة مكرسة بالكامل للاستيطان.

وبيّن البرغوثي من خلال الخرائط التي عرضها أمام الصحفيين، أن التوسع الاستيطاني تواصل، فهناك حوالي 140 مستوطنة، ويوجد 120 بؤرة استيطانية يجري "تشريعها" الواحدة تلو الأخرى، إضافة إلى أن المناطق العسكرية المغلقة محرمة على الفلسطينيين، والقواعد العسكرية موجودة، وما تسمى "أراضي دولة" محرمة أيضا على الفلسطينيين، بالإضافة إلى الطرق الالتفافية للمستوطنين، وهذه هي النتيجة النهائية للقضايا النهائية التي كانت يجب أن يتفاوض عليها .

وقال اليوم، ونتيجة اتفاق أوسلو، نتحدث عن ظواهر خطيرة، منها فصل القدس بالكامل عن الضفة، وفصل غزة عن الضفة ، والتمييز بين المواطنين عبر منظومات مختلفة، والتوسع الاستيطاني الذي لا يتوقف، وتقطيع أوصال المواطنين، بالمحصلة نشوء كيان تمييز عنصري(أبرتها يد) بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

وأكد د. البرغوثي أن إسرائيل تواجه معضلتين كبيرتين رغم فشل اتفاق أوسلو، وهي:

1.    الوجود الديموغرافي على أرض فلسطين، إذ أن عدد الفلسطينيين المقيمين على أرض فلسطين التاريخية تجاوز عدد اليهود الإسرائيليين.
  2.    استمرار مقاومة الشعب الفلسطيني للمخطط الصهيوني.

وأضاف: بالتالي نحن في مرحلة تطلب أن ندرك عناصر قوتنا، ومعالجة عناصر ضعفنا.

وقال على الحركة الصهيونية والعالم أن يعلموا أنه في حال أقدمت إسرائيل على تدمير فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، فلن يكون هناك إلا حل واحد وهو دولة واحدة ديمقراطية يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات على كل أرض فلسطين كاملة، ولا يمكن أن تكون هذه الدولة يهودية أو عنصرية.

وتابع: ما يجب أن يفهمه العالم من حولنا أن شعب فلسطين لم  ولن يرضخ أبدا، و لن يقبل أن نكون عبيدا لنظام العبودية و الأبارتهايد ، و سنكافح بكل طاقتنا من أجل الحرية و الكرامة و العدالة.

تصميم وتطوير