مفاعل ديمونة.. كارثة تنتظر العرب

30.04.2016 04:05 PM

كتب خالد عبد المنعم

 السرية التي أحاطت بمفاعل ديمونة وقت إنشائه، لا تختلف عن السرية التي تحيط بالمعلومات التي تتحدث عن المفاعل كمصدر بات يشكل خطرًا حقيقيًّا يهدد البيئة المحيطة به، ففي عام 1958 بدأ بناء الفرن الذري بمساعدة فرنسية، وتم الادعاء بأن المكان مصنع أنسجة، ومن ثم أعلنت حكومة الكيان الصهيوني أنه فرن ذري لأهداف سلمية، في عام 1986 نشر التقني السابق في مفاعل ديمونة، موردخاي فعنونو بعض أسرار المفاعل النووي وعلاقته بصنع رؤوس نووية، الأمر الذي أدى لاختطافه من قِبَل عملاء صهاينة من إيطاليا وحوكم بتهمة الخيانة فيما بعد.

ديمونة وانتهاء الصلاحية

يبلغ متوسط عمر المفاعلات النووية قرابة الـ40 عامًا، فبحسب «معاريف» العبرية فإن المفاعل الذي اشترته إسرائيل من فرنسا، حسب الطابع القياسي للمنتج، فإن العمر الافتراضي لمفاعلات من هذا النوع هو حوالي 40 عامًا، بينما مفاعل ديمونة الذي بدأ العمل فعليًّا عام 1963 فإنه يبلغ من العمر زهاء الـ53 سنة، الأمر الذي يعني أن المفاعل خرج من الخدمة بالفعل عام 2003، رغم المراوغة الإسرائيلية بالعمل على صيانة المفاعل، حيث قال مدير لجنة الطاقة الذرية جدعون فرانك: إنهم في الولايات المتحدة طوروا وسائل تسمح بإطالة عمر المفاعلات بحوالي 20 سنة، إلَّا أن خبراء شككوا في جدوى هذا الكلام، فقلب المفاعل المصنوع من المعدن والمغلف بالباطون السميك المسلح لا يمكن استبداله، فنواة المفاعل تمتص كميات كبيرة من الحرارة والإشعاع، مما يؤدي مع مرور السنوات إلى تآكلها، ولذلك فهو معد للعمل حوالي أربعين سنة فقط، كما أن سخان المياه السوداء الذي يتلف لا يمكن إصلاحه.

التراخي الصهيوني مع الكارثة النووية

على الرغم من أن الكيان الصهيوني يمتلك أكثر من 80 قنبلة ذرية، حسب مركز السلام السويدي، الأمر الذي يعطي الكيان الصهيوني القوة اللازمة للردع، حتى لو تم إغلاق المفاعل، إلَّا أن الكيان الصهيوني على ما يبدو لديه الرغبة في الاحتفاظ بالمفاعل النووي، فمن جهة المفاعل يرمز إلى قوة الكيان النووية، لذلك ستحاول إسرائيل أن تطيل عمر المفاعل ما استطاعت، ومن جهة أخرى يرجح مراقبون أن الكيان الصهيوني لا يملك القدرة والرغبة باستبدال النواة، لأسباب سياسية وعلمية واقتصادية؛ لأن ذلك يعني بناء مفاعل جديد، فوفقًا «يديعوت أحرونوت» العبرية، فإن إسرائيل ليست لديها القدرة ولا العتاد اللازمة لبناء مفاعل نووي جديد، وهي بحاجة لمساعدة خارجية، إذا وقعت على الميثاق يمكنها الحصول على مفاعلات نووية لأغراض البحث العلمي وإنتاج الكهرباء.

كما يرجع محللون أسباب التراخي كون الكيان الصهيوني غائبًا عن الرقابة الدولية، فهو يرفض الكشف عن تفاصيل برنامجه النووي أو فتح منشآته النووية أمام التفتيش الدولي، فالكيان الصهيوني لا يخضع للمراقبة من قِبَل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ويرفض التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، الأمر الذي تستفيد  منه تل أبيب ويمنحها سياسة ضبابية حيال قدراتها النووية التي تقدرها مصادر أجنبية بنحو مائتي قنبلة نووية، فإلى الآن الكيان الصهيوني لا يعترف بامتلاكه مفاعلًا لصناعة أسلحة دمار شامل، ويعرّفه رسميًّا بأنه «مركز أبحاث ديمونة».

تطورات الوضع

ذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن أعضاء بالكنيست طالبوا بعقد جلسة طارئة في أعقاب الكشف عن وجود أكثر من 1500 عيب في قلب مفاعل ديمونة بصحراء النقب، وما يسببه المفاعل من مخاطر، ونقلت الصحيفة عن عضو الكنيست الإسرائيلي من حزب «يش عتيد» مائير كوهين قوله: إنها للمرة الأولى يتم مناقشة هذه القضية بالكنيست، موضحًا أن عمر المفاعل يزيد عن 40 عامًا وهو العمر الافتراضي لأي مفاعل، وأوضح أنه سيطالب بمناقشة القضية ليس ضمن لجنة الطاقة النووية بالكنيست، وإنما ضمن لجنة الصحة، لبحث الآثار السلبية على صحة الإسرائيليين في النقب بعد العيوب التي ضربت المفاعل.

وأصيب الصهاينة في النقب بحالة من الخوف والفزع وأصبحوا يفكرون في ترك منازلهم حال استمرار عمل المفاعل.

وقال الكاتب في صحيفة هآرتس حاييم ليفينسون اليوم: إن بعض الصور التلفزيونية والموجات فوق الصوتية كشفت عن قرابة ألف و537 ثغرة وعيبًا في مفاعل ديمونة، الأمر الذي يثير المخاوف لدى العلماء النوويين الإسرائيليين، وأوضح أن التخوف الحقيقي من المفاعل يتمثل في مدى دقة الإجراءات الأمنية لتأمينه، ومنها توفير الأمان والحماية للعاملين فيه، وصيانة المقر الدائم له، خشية تعرضه لأي اهتزازات أرضية أو هجمات بالصواريخ المعادية.

مخاطر مفاعل ديمونة على العرب

يشكل مفاعل ديمونة خطرًا مباشرًا على البلدان العربية، حتى من قبل الحالة المتهالكة التي وصل إليها الآن، حيث إن الغبار الذري المنبعث منه الذي يتجه نحو الأردن يمثل خطرًا بيئيًّا وبيولوجيًّا، وتفيد تقارير نشرتها صحف عبرية أن طريقة الاحتلال الإسرائيلي في التخلص من نفاياته النووية لا يزال يشوبها الكثير من السرية، لكن البعض يؤكد أنها تدفنها في صحراء النقب وفي البحر الأحمر، ومن المتوقع في حال انفجاره قد يصل الضرر الناتج عنه لدائرة نصف قطرها يصل إلى قبرص وبنفس هذه المسافة في دائرة حوله، مما يعني أن الدول العربية المحيطة كمصر والأردن ولبنان وفلسطين وبعض دول الخليج ستكون مهددة بطبيعة الحال0

في عام 2001 نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» حديثًا مع عالم إسرائيلي كان يعمل بمفاعل ديمونة قال فيه: إن مفاعل ديمونة لم يعد آمنًا، وطالب بضرورة إغلاقه «قبل أن يتسبب في وقوع كارثة»، وكان تقرير أعدته القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي أكد أن العشرات من أصل حوالي 100 عامل في مفاعل ديمونة النووي أصيبوا بالسرطان قد توفوا، وبحسب التقرير، فقد وقعت في المفاعل حوادث عمل كثيرة، من ضمنها احتراق مواد خطيرة وسامة دون أن يتم تزويدهم بمعدات وقائية مناسبة.

مؤخرًا قامت القناة العاشرة وللمرة الأولى بتحقيق عنونته بـ«السر المعتم فرن ديمونة» كشف عن إصابة المئات من عمال وموظفي المفاعل بالسرطان، وعن محاولة السلطات طمس الحقيقة وملاحقة ذوي الضحايا، ونقل التحقيق صرخة عشرات من ضحايا الإصابة بالمرض القاتل، ومنهم دانئيل شرودكير الذي قال: إن والده الراحل سيمون ضحى بنفسه من أجل إسرائيل لكنها أهملته ولم تحترمه كإنسان وأبقته فريسة للمرض حتى الموت، الأمر الذي يؤكد وجود مشكلات كارثية داخل المفاعل الصهيوني.

نقلا عن البديل

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير