نادية حرحش تكتب لوطن مهاترات وطن .. "شو هالدنيا التراللي"

19.03.2017 04:17 PM

منذ أيام وانا أحاول لجم نفسي عن الكتابة . فكل المواضيع كئيبة وضاغطة تفضي الى حالة من اليأس . المواضيع تتكرر في مأساويتها ولم يعد هناك اظلم من القعر الذي وصلنا اليه. كل يوم قصة متكررة لفساد  وسوء إدارة واحتلال يتجذر فينا كشجر الزيتون الذي صرنا نراه على مداخل المستعمرات.

قصص بطولات انية . لا تخصنا . اما لشهيد نستنفذ روحه في غبائنا وبكاؤنا المصطنع ، او في البحث عن بطل او مجرم نتكلم عنه لبضع أيام لننساه ونلتهي باخر وهكذا.

او طبعا مسابقة كاراب ايدول لتلهينا وتخرج مواهبنا المقموعة.

لن أتكلم عن بطولة ريما خلف باستقالتها قبل أسبوعين من موعد تقاعدها من اجل تقرير اممي اخر. ولن اتربص لعلا عوض الوزيرة التي يبدو انها لم تعد تعجب احدهم . ولن اعلق على موضوع خالدة غوشة واسقاطها لمتخابر مع الاحتلال. ولن اتناول موضوع منى الخطيب وعاهرة رام الله  .

فلا يخفى على ريما خلف ان الجمعية الأممية المرموقة ليست امينة منذ خلقها . ولا بد ان علا عوض غفلت عن ان هذه السلطة لم تكن شرعية بالاصل عند تعيينها وعليه فان مساءلتها والتحقيق معها لن يكون اكثر شرعية.. فان تكون وزيرة او فاسدة اسوة.

وخالدة غوشه التي تحارب العمالة تسكن في مستعمرة ومواطنة إسرائيلية . ولن اتعرض لموضوع مقال اكتشف ان هناك عاهرة واحدة فقط في رام الله . وكم الفساد المستفحل بالمؤسسات كافة

سأتكلم عن أغنية التراللي ....

لأننا أولا شعب موهوب. وهنا لا اتهكم . فكم المواهب الفلسطينية التي تظهر في برامج المواهب المختلفة يؤكد على هذا.

ما الذي لفت انتباهي للاغنية وجعلني اكتب عنها ؟

بدء وبما انني خبيرة بالاصوات والموسيقى بعد خبرة سنوات في مشاهدة اراب ايدول والفويس وغيرها ، استطيع ان أقول ان الاغنية جميلة جدا . كلماتها سلسة والاصوات عذبة وكل ما يمكن ان يقال في هذا المجال .

هذه الاغنية وبكل بساطة اثارت بداخلي مشاعر إيجابية لم اعد اراها بسهولة . مجموعة من الشباب الفنانين فعلا  بإنتاج متكامل فلسطيني. هؤلاء لم ينتظروا فرصة لمسابقة ولا تمويل اجنبي ولا واسطة ولا استوديو ولا أموال طائلة ليقدموا عملا محترفا متكامل وممتع وجماعي وفلسطيني فعلا.

اشخاص وجوههم مألوفة . في أماكن قريبة الى وجداننا وواقعنا وبيئتنا بلا تملق .  واغنية بكلمات وأداء تحملنا الى الزمن الجميل في حب تراللي يحيا بدنيا تراللي.

في زمن سلطة أوسلو التي صارت فيه مقاومة الاحتلال تهمة يعاقب عليها القانون الفلسطيني (كما رأينا في محكمة الشهيد) . في نفس الزمن الذي نسمع فيه تهكما عن بطل مثل خضر عدنان وقمع لمتظاهرين يبكون ظلم قتل ابطال هذا الوطن المغدور.

هذا الزمن الذي انقلبت فيه المعايير ، ولم يعد الفلسطيني يعرف له قضية او ارض .

في زمن يتم التفاوض فيه على المصالح الشخصية ويباع فيه الوطن بالمتر والدولار.

في زمن صارت فيه محاربة التطبيع تطقيع اعلامي ، والوطنية علم بلون يجسد حزب او فصيل.

في زمن اصبح فيه الولاء لمن يدفع ، والكلمة تكتب من اجل ضجة إعلامية ورتفاع في اللايكات والمشاركات . في زمن أصبحت فيه الفضائح تكتيكات للشهرة , والفساد صار حنكة اقتصادية.

في زمن لم يعد فيه الفلسطيني يدرك ابعاد خريطته وأين تقع عاصمته او بحره .

في زمن اصبح فيه الوطن وطنين , والشعب اصبح شعوبا مترامية الأطراف .

في زمن أصبحت فيه المستعمرات احياء والقدس صارت من مدن الداخل والشهيد فيه صار ملام .

في زمن كهذا يخرج الينا مجموعة من الشباب الذين عملوا على انفسهم سنوات ليستحقوا ان يصبحوا فنانين . ان نشاهد عملا لا تحاول فيه امرأة التعري ولا التلوي من اجل مشاهدة . سلاسة في العرض بلا ابتذال . أصوات جميلة متناغمة . فنانون يؤدون على الات مختلفة . فلسطينيون بلا تكلف .

في هكذا زمن ...يتهالك النسيج الفلسطيني ولقد بدأ العت في اكله . ان نرى هكذا عمل بلا حاجة لترويج ولا تصويت ولا رئيس يدعم من بيروت .

شو هالحب الترللي في دنيا ترللي يثب لنا ان الشعب الفلسطيني ليس بالضرورة تراللي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير