الأديب السوري النعيمي لـ وطن: وجدت في فلسطين الفرح والابتكار و"نيويورك العرب"

22.03.2018 12:04 PM

تبرع بجائزته لنادي الاسير

رام الله- وطن- إبراهيم عنقاوي: الحرب والتجارب المريرة والدمار والمآسي، تواجه مخيلة غالبية العرب الذين يفكرون في زيارة الأراضي الفلسطينية، إلا أن تلك الصورة المرسومة في المخيلة تغيرت نسبياً بمجرد دخول الكاتب والروائي السوري المقيم في باريس خليل النعيمي، أراضي الضفة الغربية المحتلة، فوجد الحياة والعلم والابتكار رغم صورة الحياة الصعبة التي أنشأها الاحتلال على مدار 70 عاماً.

يقول النعيمي لـ وطن، إن "المختلف هو الصورة الجديدة التي وجدتها على الارض ، إذ  كان لدي صورة دخلت الى نفسي عن طريق وسائل الإعلام العربية بشكل خاص، التي تقدم الفلسطيني على اساس أنه انسان ذو تجارب مريرة وظروفه صعبة ولديه الكثير من المزايا والمساوئ مثل كل العالم، لكن المساوئ كانت تبدو لي كثيرة".

وجدت "نيويورك العرب"

يضيف "على الأرض اكتشفت شيئا خر، فالطبيعة جميلة وفرحة وليست كما اتصور، والناس هنا متماسكون نفسيا واخلاقيا، ولديهم قدرة على الابتكار والتطور والإعمار، ورام الله نظيفة، وممكن تسميتها (نيويورك العرب)، ولم أرى متسول في المدينة، وفقد كنت قادما على أساس أنها مدينة كئيبة".

ويقول "اكتشفت أن الفلسطينيين فرحين ومبتهجين برغم الاحتلال والظروف القاسية ولم يستطع الاحتلال أن ينتزع من الفلسطيني تمرده الداخلي وحريته الشخصية، ولا تاريخه فبقي مقاوما ومناضلا ومبتهجا اكثر مما رأيت في دول عربية أخرى لا تعاني من الاحتلال".

ويؤكد النعيمي أنه سيكرر التجربة مرة أخرى ويكتب عن فلسطين لتكون إحدى إبداعاته الأدبية المستقبلية.

النعيمي: لست مع الجوائز الخليجية

وكان النعيمي قدم إلى فلسطين من أجل تكريمه على كتاباته الأدبية، حيث حصل على جائزة محمود درويش عن العام 2018.
ويقول النعيمي لـ وطن إن "الجائزة مهمة لأنها لشاعر فلسطيني عربي كبير، وشاعر كوني هو محمود ردويش وقضى حياته بعيداً عن المكان الذي تربى فيه وعاش فيه وخلال حياته وتجربته الشخصية، تغيرته ظروفه وأصبح شاعراً كبيراً جداً، ونحن نفتخر به".

ويضيف "لست مع الجوائز العربية خاصة في دول الخليج، لأنها جوائز تقوم على المماحكة والتسابق والتخضع والتخلي عن الرأي الشخصي من أجل أن تقبل الهيئات الجوائز  بالمتسابقين، وهي جوائز كبيرة القيمة المادية ولكن ليس لها اي قيمة ابداعية أو قيمة إنسانية مع الأسف".

ويتابع "جائزة محمود درويش لا تقوم على التسابق، وإنما على اختيار ومسؤولية لجنة الجائزة، وأعتز وافتخر بانها اختارتني ككاتب عربي، وهذا ما جعلني ألا ارفض الجائزة، وقررت منذ أنبئوني بالجائزة ألا اخذ قيمتها المادية، وإنما قبلت الجائزة للبعد النفسي والأخلاقي والمعرفي وليس من أجل المال".

الأسير المثال الحي الذي يجسد التمرد

النعيمي الذي يرى في نفسه الإنسان يقف إلى جانب المقهورين، تبرع بالقيمة المادية (قيمتها 25 ألف دولار) من الجائزة لصالح نادي الأسير الفلسطيني، قائلاً إن "نادي الأسير يمثل بالنسبة لي المقاومة الإنسانية ضد القمع والاضطهاد ضد الاحتلال، والأسير هو المثال الحي الذي يجسد تمرد الكائن ضد الوضع الذي يوضع فيه اجباريا".

وفي لحظات تأثر بدت واضحة على وجهه، خلال ذهابه للتبرع بالجائزة في نادي الأسير، يقول الروائي النعيمي، إن هذا التبرع أقل ما يمكن تقديمه في مقابل التضحيات والصمود أمام الاحتلال الذي يحاول تفريغ فلسطين من تاريخها وأهلها.

النضال أنتج أشخاص لم نكن نعرفهم

ويقول "بمجيئي هنا عرفت أن النضال الفلسطيني انتج أشخاص لم نكن نعرفهم، ولم نكن نعرف أن الشعب الفلسطيني بهذا الابداع والحياة". مضيفاً في كلامه الموجه لإدارة نادي الأسير ولعدد من الأسرى الذين تواجدوا لاستقباله في مقر النادي: "انتم أقوى من الاحتلال لأن لديكم الأرض والشعب والتاريخ والبشر".

ويوضح النعيمي "اختياري لنادي الأسير يبدو بديهيا بالنسبة لي، لأنني مع العصيان والتمرد ورفض الخضوع والقمع، وبالتالي افضل تجسيد لهذا المفهوم الإنساني، هو أن يقوم الكائن بالمقاومة وأن يحاول التحرر من وضعه، والأسير هو الانسان الذي جسد هذا المفهوم، وأعطى جزء من حياته وحريته للنضال والخلاص من الوضع الذي هو فيه".

من هو الكاتب النعيمي؟

يشار إلى أن خليل النعيمي كاتب روائي سوري وُلد في بادية الشام، عاش طفولته وصباه مترحلًا مع قبيلته في سهوب البادية السورية. درس الطب والفلسفة في دمشق، وفي باريس تخصص في الجراحة، ودرس الفلسفة المقارنة. يقيم في باريس منذ أكثر من عشرين عامًا، حيث يعمل طبيبًا، وهو أيضًا عضو الجمعية الجراحية الفرنسية. هو مغرم بالمكان وسرد تفاصيله من خلال مجموعة من الأعمال السردية منها "الرجل الذي يأكل نفسه" و"الشيء والقطيعة " و"تفريغ الكائن"  و"مديح الهرب"  و"دمشق 77" ، وله أيضًا مؤلفات في أدب الرحلة مثل "مخيلة الأمكنة" و"كتاب الهند".

تصميم وتطوير