حقيقة سعاد ومردوخ...بقلم: نور المحمود

21.07.2011 09:44 AM

قد تنام الحقيقة أو تختبئ خلف الأبواب أو في الأدراج والملفات، وقد تحاول “أيادٍ خفية” خنقها وتقطيع أوصالها، لكنها لا تموت .

سعاد حسني حقيقة حاولت “الأيادي الخفية” طمسها، لكنها أبت أن تموت مع موت السندريللا الجميلة، وها هي تطل لتعلن عن نفسها بعد عشر سنوات من إلقاء سعاد من شرفة شقتها في لندن .

روبرت مردوخ حقيقة أيضاً بدأت تعلن عن نفسها . ورغم بُعد التشابه بين الحقيقتين وطبيعتهما، إلا أن براءة الأولى من تهمة الانتحار وتواطؤ بعض أجهزة المخابرات لقتلها أصبحت واضحة وضوح الشمس، و”جريمة” الثاني بحق الإعلام والمتضررين منه انكشفت حتى تغيب الشمس عن إمبراطورية مردوخ الإعلامية .

مؤكد أن المصادفة جمعت بين مكان “الجريمتين” في لندن، وبين اتهام الأجهزة الأمنية والمخابرات البريطانية في ضلوعها فيهما أو على الأقل معرفتها بهما وتسترها على “المجرمين” . كذلك شاءت المصادفة أن تُزال الأقنعة الآن وتنكشف كثير من الحقائق، تماماً كما يحصل في العالم العربي .

جريمة قتل سعاد حسني تمس الجميع خصوصاً إذا تبين أنها “جريمة سياسية” لا انتحار كما أوهمونا . وحقيقة مردوخ أيضاً تهمنا لأن خيوط الأخطبوط وصلت إلى جزء من إعلامنا العربي بعد أن باعه من باعه حصصاً من مؤسسته الإعلامية والتي تملك للأسف أكبر مكتبة غنائية وسينمائية في العالم العربي، ليصبح أرشيفنا السينمائي وتاريخنا الفني بين يدي مردوخ .

منذ مدة ارتفعت بعض الأصوات الإعلامية البريطانية تحذر من تمدد سيطرة مردوخ على الإعلام وسعيه لضم أهم الصحف والمؤسسات الإعلامية البريطانية إلى إمبراطوريته، وكان خوفهم من أن يصبح إعلامهم ذا صوت واحد ولون واحد وتوجه واحد . وحاولوا بشتى الطرق التحذير من “نوايا” مردوخ للسيطرة على الإعلام، لكن أحداً لم يتوقع أن تكون خلف جدران هذه الإمبراطورية شبكة تجسس وتنصت على المصادر والشخصيات الملكية والعامة .

اعتذر مردوخ أم لم يعتذر لا فرق، فالمهم أن الحقيقة انكشفت ومن المستحيل أن نؤمن ببراءته وبأنه وابنه لم يكونا على علم بما يجري في “نيوز أوف ذو وورلد” إحدى أهم وأشهر صحفهم . فكلنا يعلم أن شراء صحيفة أو أي وسيلة إعلامية ليس مجرد “بزنس”، بل هو نافذة يبث من خلالها مالكها كل أفكاره وتوجهاته وأحياناً “سمومه”، ومن خلالها يستطيع التأثير في حياة الناس وعقولهم .

خلال ندوة عن التربية في إطار مؤتمر عقد في باريس في مايو/أيار الماضي، قال مردوخ “علمتنا التكنولوجيا أن نركز أكثر على جمهورنا”، وهو صادق فيما قاله، لأنه بسعيه لشراء غالبية الوسائل الإعلامية البريطانية يضع في كفة واحدة الربح المادي والتحكم في الجمهور .

نتمنى ألا تتحرك “أيادٍ خفية” أخرى لتتلاعب بقضيتي سعاد ومردوخ، وأن يكون ما يحصل بداية لنهضة إعلامية وبداية انهيار سيطرة بعض “التجار” على الإعلام .

 عن جريدة الخليج

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير