مواطن رام الله: الدخل المرتفع لا يعني رفاهية الأسرة

29.04.2012 09:03 PM
رام الله – وطن للانباء - عزيزة نوفل : لم يكن انتقال الفلسطينية "أم أحمد زايد" من مدينتها جنين إلى مدينة رام الله للعمل، ذو فائدة مالية كبيرة لها، رغم حصولها على فرصة عمل "جيدة" في إحدى الوزرات الفلسطينية وبدخل أعلى، بسبب الإرتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية في رام الله التي قدّرتها "بالضِعف".

حالة جعلت أم أحمد 34 عاما، تعتمد على شراء معظم المواد التموينية الأساسية من جنين خلال زيارتها لعائلتها هناك، لتخفيف العبء الاقتصادي الذي وقع على كاهلها بانتقالها الى رام الله.

أسرة أم احمد المكونة من زوجها وأبنائها الثلاثة" انتقلت للعيش في رام الله عام 2009 بعد أن كان دخلها يعتمد على راتب زوج الموظف الحكومي، إلا أنها - كما تقول لـ "مضمون جديد"-كانت أحسن حالا منها اليوم.

"كنت استطيع تنظيم أمور المنزل بشكل أفضل من اليوم" تقول وتضيف، "منذ اليوم الأول لسكني في رام الله لاحظت الفرق الكبير في الأسعار".

كانت أم احمد تسمع من زميلاتها اللواتي يسكن رام الله أن الأسعار هنا مرتفعة، لكن لم أتوقع ان يصل الأمر إلى هذا الحد. فالفرق في السلعة يصل أحيانا إلى " 5- 10 شيكلا" (دولار ونصف – 3 دولارات).

ويبدو هذا الفرق واضحا مع بداية كل شهر حيث تقوم بشراء احتياجات المنزل مرة واحدة، التي تصل فرقيتها إلى "200" شيكل" (60 دولار)، الأمر الذي جعلها تعتمد على شراء الأمور الأساسية من جنين وبأسعار أقل.

ورغم ذلك، تضطر أم أحمد لشراء بعض الحاجات الطارئة من هنا، الأمر الذي جعلها تخصص ضعف ما كانت تخصصه في جنين فقط لتمويل مصاريف الأكل والشراب شهريا، حيث تنفق أكثر من 2000 شيكلا، (600 دولار)، بعد أن كان الأمر في مدينتها الأصلية لا يتعدى النصف.

ونوهت إلى نقطة مهمة هي أن هذا المبلغ فقط لسد احتياجات عائلتها الصغيرة، دون حساب المناسبات و"العزايم" التي بالعادة تضطر لصرف مبالغ أكثر بكثير.

وتقارن أم أحمد وضعها بوضع "شقيقاتها الأربعة" واللواتي يعملن في جنين موظفات في الحكومة، وتتقاضى هي راتبا أعلى منهن، حيث يستطعن الاستفادة من هذا الراتب والادخار أيضا.

وتقول أن راتبها الحالي، بحسب هذه الأسعار، يؤهلها للعيش في مدينة جنين بوضع أفضل بكثير مما هي عليه الأن، وخاصة أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية غير ثابت، والغلاء يطال كل شئ بدءا من المواصلات إلى سكن والروضات والحضانات والمدارس.

غلاء أسواق رام الله، مقارنة مع المدن الفلسطينية الأخرى في ازدياد الأمر الذي ادى الى تذمر وسخط بين سكان المدينة، ووافديها.

وباستطلاع بسيط لعشرة مواد غذائية أساسية، في محليين تجاريين قريبين في محيط دوار المنارة في رام الله، ومقارنة أسعارهما مع محال تجارية في نابلس وجنين يبدو هذا الفرق واضحا، كما في الجدول التالي:
الرقم السلعة رام الله 1 رام الله 2 متوسط رام الله نابلس جنين
1. طحين( عشرة كيلو ) 50 38 44 30 26
2. رز ( عشرة كيلو ) 80 62 71 53 52
3. سكر ( عشرة كيلو ) 50 40 45 38 38
4. زيت الصافي (3 كيلو) 28 25,5 26,75 25 26
5. سمنه الغزالين (2 كيلو) 26 26 26 25 26
6. شاي ليبتون (125 كيس) 13 13 13 12 12
7. كيلو عدس صحيح و مجروش 11 7 9 7 6
8. لحمة خروف 75 70 72.5 65 65
9. لحم العجل 60 54 57 53 54
10. كيلوا الدجاج 13.5 13 13.25 10 11

وبنظرة سريعة، يظهر الفرق الكبير في الأسعار بين محال التجارية في نفس المدينة، حيث وصل الفرق في المواد الغذائية بين محل بالقرب من سوق الخضار على دوار المنارة وسط رام الله، وسوبرماركت في منطقة نزله عيد مصباح على دوار المنارة أيضا، إلى 47.5 شيكلا أيه ما يعادل (13 دولار(.

وفيما يتعلق باللحوم الفرق بين ملحمة قرب مجمع البيرة للسيارات، وأخرى بالقرب من سوق الخضار في رام الله إلى (11 شيكلا) في نوعين من اللحوم فقط، أي ما يعادل (3 دولارات).

بالنسبة لأسعار كيلو الدجاج كان الفارق بين محليين في رام الله "ملحمة" القريبة من سوق الخضار، و"ملحمة" قرب مركز الشرطة، وكلاهما في منطقة المنارة: "نصف شيكل".

مقارنة المتوسط الحسابي للفرق بين المحلين في رام الله، والأسعار في مدينة نابلس ومقارنته مع أسعار نفس البضائع في مدينة نابلس يظهر أن الفرق وصل في المواد الغذائية التموينية إلى (44.75 شيكلا)، أي ما يعادل (12 دولار).

وحول أسعار اللحوم فكان الفرق كالآتي: (اللحوم الحمراء الخاروف و العجل 9 شيكلا ، أي ما يعادل (2.75 دولار)، والفرق في سعر كيلو الدجاج المنظف إلى (3.5 شيكل)، أي قرابة الواحد دولار.

والفروق بين رام الله و جنين وصلت إلى 49.7 شيكلا (14 دولار) في المواد الاستهلاكية، وعشرة شواكل (2.90 دولار) بأسعار اللحوم، وفي سعر كيلو الدجاج 2.5 شيكلا (0.7 دولار).

الحكومة ... الفرق مبرر
هذا التفاوت في الأسعار، لا يشكل دافعا لدى الحكومة للتحرك، كما يقول المهندس عمر كبها، مدير عام دائرة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني لـ "مضمون جديد" فالوزارة لا علاقة لها في تحديد الأسعار السلع، إلا في حال كان هناك احتكار لسلع معينة وفي الحالات التي يكون هناك مغالاة مبالغ فيها وغير مبررة.

وأورد كبها خلال حديثه تبريرا لهذا التفاوت: "بعد شكاوى كثيرة حول هذه القضية، أجرينا دراسة بالتعاون مع جامعة بيرزيت، تبين فيها ان العامل المؤثر هو ارتفاع تكلفة أجرة و"خلوات" المحال التجارية".

وقال: ارتفاع قيمة إيجار المحال والمخازن في رام الله مقارنة بالمدن الفلسطينية الأخرى وراء غلاء أسواق رام الله.

وأكد كبها أن التدخل الذي تقوم به الحكومة هو إجبار التجار على إشهار الأسعار على السلع وفقا لقائمة استرشاديه وضعتها الوزارة لـ 66 سلعة أساسية من رمضان الفاءت، حددت فيها السعر الأعلى لبيع السلعة، بشكل يضمن ربح لا يقل عن 15% للتاجر.

و رغم هذا الهامش من الربح، فإن عدد كبير من التجار لم يلتزموا بهذه الأسعار، حيث سجلت الوزارة خلال الفترة الفائتة أكثر من 696 مخالفة، معظمها لتجار لم يتقيدوا بالبيع وفقا لهذه القائمة.

وأشار كبها إلى ان الوزارة تستقبل شكاوى الموطنين من كل المحافظات على خطوط مباشرة، و في جميع دوائر حماية المستهلك و المنتشرة في جميع أنحاء الضفة الغربية.

وبحسب كبها فإن الأليات التي تستطيع فيها الوزارة التدخل لضبط الأسعار هي إجبار التاجر على إشهار السلعة بحيث يتم مقارنة هذه الأسعار مع الأسعار التي حددتها الوزارة ضمن هذه القائمة.

موقف الحكومة غير مقبول
ما ساقه كبها تبريرا للارتفاع في الأسعار اعتبره مدير جميعه حماية المستهلك صلاح هنية غير مبرر وغير مقبول، مؤكدا أنها محاولة للتملص من مسؤولية الوزارة في ضبط الأسعار و توحيدها.

وقال هنية في حديث لـ "مضمون جديد": مبرر ارتفاع أجرة المحلات في رام الله والبيرة، غير مقبول، حيث اتضح لنا في إحصائية بحثية قمنا بها بالتعاون مع اتحاد الغرف التجارية أن أكثر من ثلاث أرباع المحال التجارية في رام الله والبيرة هي "إجارات قديمة" من قبل 1967 أي أن الأجرة الشهرية لهذه المحال لا تتعدى الخمسة دنانير في الشهر، والأجرة السنوية 100 دينار.

وتابع هنية: "نحن نعتقد أن السبب الخفي لهذا الارتفاع هو اعتبار رام الله العاصمة الإدارية للسلطة الوطنية الفلسطينية ومركز عمل مؤسسات ووزارات السلطة، ومؤسسات القطاع الخاص".

واستهجن هنية الصمت الرسمي عن هذه الحالة. وقال إن مستوى الدخول في رام الله لا يختلف عن باقي المحافظات الفلسطينية، ورواتب الموظفين في الحكومة والمؤسسات الأهلية والخاصة موحدة.
وقال هنية إن جهود مضنية بذلت لإجبار وزارة الاقتصاد الوطني تحديد قائمة سلع استرشاديه لمجموعة من السلع الأساسية لا تستقيم حياة المواطنين بدونها، وذلك بقصد تفعيل الدور الرقابي لوزارة الاقتصاد.

وتابع هنية: "ان الحكومة تبرر عدم التدخل بأنها لا تتدخل بسياسات السوق وهذا أيضا غير مقبول لدينا فنحن لم نصل لمستوى دولة مستقلة ومستقرة لكي يحول الاقتصاد الفلسطيني لاقتصاد سوق.

وشدد هنية على أن مراقبة الأسعار فيما يتعلق بالسلع الاستهلاكية الأساسية واللحوم والمواد الزراعية هي اختصاص وزارة الاقتصاد الوطني فقط، وهي التي بيدها ضبط هذه الأسعار وتحديدها، ولديها الصلاحيات لمخالفة التجار غير الملتزمين.

وقال إن الحل الأمثل للخروج من هذه الأزمة، هو الدعوة لتوحيد الأسعار بقرار حكومي بالحد الأعلى في كل محافظات الضفة.

ودعا هنية المستهلك للعب دورة بوعيه بتقديم شكاوى عن أية مخالفات عن أيه خلل وتلاعب بالأسعار، والتوجه للشكوى ضد أيه من التجار المتلاعبين بالأسعار.
اعد هذا التقرير لـ صالح "مضمون جديد"
تصميم وتطوير