بيرس وايلول "الفظيع "...بقلم: محمد عبيد

30.07.2011 08:57 AM

ليس مستغرباً على رئيس الكيان الصهيوني شمعون بيريز أن يرى سبتمبر/أيلول المقبل “فظيعاً”، نظراً لما يحمله من توجه فلسطيني إلى الأمم المتحدة بحثاً عن اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية المستقلة، وليس مستغرباً أيضاً أن نجده يلهج بالكذب ويسوّق الدعاية الصهيونية أمام الصحافيين في القدس المحتلة، زاعماً أن “إسرائيل” الموغلة في العنف والإرهاب، “حريصة على السلام”، وأنها أقرب من أي وقت مضى للتوصل إليه . 

ما الذي يرمي إليه هذا السياسي “الإسرائيلي” المبدع في فنون الدعاية وقلب الحقائق سوى اللعب على أوتار تشتيت الجهد الفلسطيني، وبث الفرقة في الصفوف، من خلال الحديث عن “محادثات” مع الجانب الفلسطيني؟ والمعلوم أن سبب تعليق أي محادثات منذ زمن هو التعنت “الإسرائيلي”، ورفض الكيان مراراً وتكراراً الجهود الدولية لاستئناف المفاوضات . 

بيريز يتحدث عن “اتصالات” مع الفلسطينيين “بلا مفاجآت”، موحياً بأن نفيه يفيد التأكيد، وملمحاً إلى إمكانية أن تفرز الاتصالات المزعومة اتفاقاً، وتحرز تقدماً في وقت قياسي يسبق “سبتمبر الفظيع”، ويثير استخدامه تعبير “بلا مفاجآت” الشكوك بأننا ننتظر مفاجأة أو كارثة جديدة، فهذا الرجل لم ولن يأتي بأمر إيجابي، منذ امتهن السياسة . 

الفلسطينيون دخلوا المواجهة الفعلية حالياً، و”إسرائيل” لن توفر وسيلة ولا سياسة، في سبيل الفوز في معركة إحباط مسيرة الفلسطينيين نحو الأمم المتحدة، وهي لذلك عادت على لسان بيريز لتتحدث عن تسوية وأدتها منذ زمن طويل، واستعاضت عنها بجملة من الحروب والاغتيالات، وحصار الفلسطينيين، وقطع الأموال عنهم، ودعم قطعان المستعمرين المتطرفين الموغلين في تدنيس كل مقدس، وحرق المحاصيل، وترويع الآمنين . 

الكيان لا يريد فقدان ورقة طالما أخرجها كلما أحس بانكشاف كذبه وتزويره على المستوى العالمي، وهذه الورقة التي يستعملها كأداة لإلهاء العالم أو صرف بصره عن قضية ما، هي ورقة مفاوضات التسوية، التي تبث فيها “إسرائيل” الروح حيناً، وتجعل منها قالباً أجوف بلا معنى في معظم الأحيان . 

“فظاعة” سبتمبر في نظر “إسرائيل” تفيد أنها تخشى الخطوة، ولديها مخاوف مما ستحصده من تأييد دولي، مع علمها المسبق أن “الفيتو” الأمريكي جاهز منذ أشهر، وله من المبررات والأعذار ما يكفي لإشغال الأمم المتحدة ساعات في نقاش عقيم . 

ورغم أن الحديث حتى الآن يدور في إطار لعبة الاحتمالات، ومرهون بنجاح التحرك الدبلوماسي الواسع الذي أطلقه الفلسطينيون على المستوى الدولي، إلا أن الكيان لا يدع مجالاً للصدفة، أو المفاجأة، فيتحرك ضمن مخطط مدروس، وفي إطار تقاسم بالغ الوضوح والانكشاف للأدوار بين ساسته ومتطرفيه، لإحباط الجهد الفلسطيني، وزرع الفتنة بين الفلسطينيين، بالكذب والتلفيق والدعاية . 

الفلسطينيون أكدوا الاستمرار في تحركهم، وهذه خطوة أولى في مواجهة العملية المنظّمة التي تقودها “إسرائيل” ضدهم، ويجب عليهم الاستمرار في تحركهم وتعزيز فرص إنجاحه، حتى إن اصطدم بالنهاية بفيتو أمريكي، ورفض ألماني أو بريطاني، وتحفظ فرنسي، أو غير ذلك من المواقف التي اعتدنا من القوى الكبرى بيعها وتصديرها ل”إسرائيل” على مر الزمان . 

إذا تمكن الفلسطينيون من ترتيب تحركهم، وحشدوا الدعم العربي والإفريقي، وتأييد الدول المحبة للعدالة في العالم، يكون المهم في الأمر ناجزاً، وعندها لن يكون مصير التحرك الفشل، فعلى الأقل سيثبت بالوجه القاطع زيف القوى العظمى، وانحيازها -بل انقيادها- للكيان المحتل ومصالحه وأطماعه .

 عن جريدة الخليج

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير