دراسة أكاديمية لإسرائيلية حول سياسية الاعتقال الإداري - محمد أبو علان

25.05.2012 09:46 PM
"شيرا كريبس" مساعدة سابقة لرئيس المحكمة العليا الإسرائيلية "دوريت بنش"، تعد حاليا دراسة لغرض نيل درجة الدكتوراه في إحدى الجامعات الأمريكية، موضوع دراستها سياسية الاعتقال الإداري في دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
في سياق دراستها (عرضت صحيفة "هآرتس" العبرية مقتطفات منها)التقت قضاه متقاعدين عملوا في المحكمة العليا الإسرائيلية، كما حللت في دراستها مجريات نظر المحكمة العليا الإسرائيلية في قضايا الاعتقال الإداري على مدار عشر سنوات مرت.
أحد قضاة المحكمة العليا المتقاعدين قال في موضوع النظر في قضايا الاعتقال الإداري: "أنا لا أحب الجلوس في جلسة لمناقشة الاعتقال الإداري، ولا أحد غيري يحب ذلك، كونه يوجد شعور بعدم الراحة في هذه القضايا، والقضاة لا يجبون ملفات من هذا النوع، فنحن مختصون في القانون الجنائي، وعلى ملفات مع شهود، وقضايا فيها تحقيق وتحقيق مضاد، نحاول الهروب منذ بأسرع سرعة ممكنه، ولكنك تعرف أن الأمر، ولكنك تعلم أن ذلك لمصلحة الشعب ومصلحة الوطن".
وبتابع القاضي الإسرائيلي المتقاعد القول "القانون العسكري الساري المفعول في الضفة الغربية يمكن اعتقال الشخص لمدة ستة شهور بدون لائحة اتهام أو محكمة، ويمكن تجديد الاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر أخرى في كل مرّة ودون فترة زمنية محددة، بالتالي يمكن اعتقال الشخص لسنوات طوال دون محاكمة عادلة، ودون أن تعرض التهم الموجه ضده على محكمة فعلية، ودون أن تعطى له الفرصة للدفاع عن نفسه".
وتعلق صاحبة الدراسة على مجريات نظر المحكمة العليا الإسرائيلية في قضايا الاعتقال الإداري بقولها: " كعاملة في السلك القضائي دائما كان يبدو لي الاستغراب من الطريقة التي تدير فيها المحكمة العليا الإسرائيلية ملفات قضايا الاعتقال الإداري، وكانت هناك الكثير من الأمور غير الواضحة، عدد ليس بقليل من القضايا كانت تصل إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، قسم كبير منها كان يسحب قبل يوم من النظر فيها، ومنها ما كان يسحب قبل ساعة من النظر فيها، فلماذا كانوا يكلفون أنفسهم كل هذا العناء".
عندما بدأت معدة الدراسة البحث في الموضوع لأهداف أكاديمية تبين لها الصورة بكاملها، خلال مدة عشر سنوات لم تقبل المحكمة العليا اعتراض أي معتقل إداري، وفي الحالتين التي أرادت المحكمة العليا النظر فيهما تبين أن المحاكم العسكرية قررت الإفراج عن المعتقل الإداري في الأولى ، وفي الثانية كان المعتقل الإداري قد أفرج عنه.
والسبب في سحب الملفات من أمام قضاة المحكمة العليا يعود لتوصل الأطراف لاتفاق ما قبل موعد المحكمة، فحوالي 36% من الملفات كانت تسحب بعد التوصل لاتفاق مع الشباك الإسرائيلي، و 19% من الملفات سحبت بعد النظر فيها ولكن لنفس السبب وهو التوصل لاتفاق مع الشباك، و 44% من الملفات رفض النظر فيها.
وعن مجريات نظر المحكمة العليا في قضايا الاعتقال الإداري تقول "شيرا كريبس"، متوسط الوقت الذي تستغرقه قضية اعتقال إداري في المحكمة العليا حوالي أل (20) دقيقة بغض النظر عن المدة التي قضها المعتل سواء كانت شهور أو سنوات.
النتيجة دائماً تكون محسومة مسبقاً، وفي كثير من الحالات تكون المحكمة بدون حضور المعتقل نفسه، وفي نهاية الأمر تتفق الأطراف أن هناك أدلة سرية لا يمكن عرضها أمام المحكمة ويكون النقاش خلف أبواب مغلقة، وبهذا الشكل ينتهي النظر في القضية دون أن يتمكن أحد من مناقشة ممثل الشباك أو ممثل الإدعاء العام.
ويعتبرا لنظر في قضايا الاعتقال الإداري في المحكمة العليا الإسرائيلية من القضايا الصعبة لكل الأطراف ذات العلاقة، من قضاة وإدعاء عام وحتى للشباك نفسه، أحد العاملين سابقاً في الإدعاء العام وصف الأمر بالقول:" لا يمكنك النوم بهدوء وأنت تفكر إن كانت هناك بالفعل محاكمة عادلة".
وتصف "شيرا كريبس" أن ما يجري في ملفات الاعتقال الإداري في المحكمة العليا هو مفاوضات بين الأطراف ذات العلاقة أكثر منه محكمة، وهذا يكون في ظل وجود المتهم خلف القضبان، وهذا الوضع هو الذي أدى لسحب الكثير من قضايا الاعتقال الإداري من أمام المحكمة العليا دون حصول المعتقل على ضمانه بإطلاق سراحه.
وفي وصف لحالة المعتقل الإداري أثناء التفاوض مع الدولة حول اعتقاله الإداري تقول "كريبس"، " المعتقل يصل لطاولة المفاوضات مع الدولة وهو مكبل اليدين، وبعد اعتقال لفترة طويلة دون أن يعرف التهم الموجه ضده، وفي ظل الفارق الكبير في القوة بين المعتقل والدولة لا يمكنه تقدير الاحتمالات الممكنة، هذا الوضع يدفعه للموافقة على حلول سيئة أملاً بالإفراج عنه".
وحسب ما تظهره الدراسة أن أهم الصعوبات التي تواجه النظر في قضايا الاعتقال الإداري في المحكمة العليا الإسرائيلية هي أن المحكمة العليا الإسرائيلية تقف بشكل دائم إلى جانب الدولة وإلى جانب جهاز الشباك، ففي السنوات العشرة الأخيرة نظرت المحكمة العليا الإسرائيلية في (322) ملف اعتقال إداري، وفي جميع الملفات لم تجد المحكمة العليا الإسرائيلية أي قرائن قوية تبرر استمرار عملية الاعتقال، بالتالي كانت التوصية الأساسية لها هو استخدام الاعتقال الإداري بالحد الأدنى الممكن، على الرغم من ذلك لم تفرج المحكمة العليا الإسرائيلية عن معتقل إداري واحد.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير