هل تفعلها النساء وتقلب الطاولة؟..كتبت.. وفاء عبد الرحمن

08.11.2015 01:54 PM

في كل مواجهة ضد الاحتلال تدرك النساء أنهن تماما مثل الشباب- وقود لثورة وهبة وانتفاضة- يدفعنَ الثمن وبالكاد يحصدن ثماراً.

على النساء اثبات جدارتهن بالدم حين يسقط خطاب الكليشهات الزائف بأنها "الأم، والأخت، والزوجة، والابنة"، ويتحولن لأرقام ومادة استعطاف وتسول!

في المواجهة الحالية مع الاحتلال، انطلقت الشابات للحواجز الاحتلالية إلى جانب الشاب "أبو بنطلون ساحل وشعر سبايكي"، انطلقن وانطلقت السخرية والنقد من الأبطال الوهميين الذين يعيشون في فضائهم الوهمي أن كيف "لأم فيزون" أن تحرر وطناً؟

"أم فيزون"، و"أبو بنطلون ساحل"، أعادوا لنا الأمل، بأن وهم أوسلو لم يتسلل لعقولهم ولم يغسلها، هي وهو لا يرون مناطق أ، وب، وج، لا يعترفون بالخط الأخضر، ولا بحاجز "ايرز-بيت حانون"، بالنسبة لهم يافا تشبه نابلس وغزة.

"أم فيزون" و"أبو بنطلون ساحل" أعادوا تعريف المقاومة التي سربتها أوسلو للوعي الشعبي بأنها اضاءة شمعة وتوقيع بيان وأغنية فقط، المقاومة بالحجر والسكين، وبالأغنية وبيت الشعر، وبالرصاص أيضاً

"أم فيزون" خرجت من عباءة الحركة النسائية المؤطرة وغير المؤطرة، تماماً كما فعل "أبو بنطلون ساحل"، ليعلنا أن لا طاعة لفصيل في معصية الوطن، وأن هناك أثمان تًدفع

الشابات لا يعرفن قرار 1325، ولا اتفاقية سيداو، ولا يقلقهن موضوع الكوتا، فجميعها جزء من تكوين الوعي كمنتج مكمل لأوسلو الذي رسم لنا الممكن والمعقول في بناء دولة تحت الاحتلال وتنمية تحت الاحتلال ومساواة تحت الاحتلال.

أما الحركة النسائية المرتبكة كارتباك الفصائل امام الحراك والفعل المقاوم الذي يقوده الشباب والشابات ليس فقط في الاشتباك الميداني مع الاحتلال، بل في اشتباك إعلامي سياسي في كل المحافل، فمطلوب أن تثبت جدارتها بشكل مختلف، مطلوب أن تقدم قراءتها وتحليلها للمشهد الحالي، ليس عبر الجدل إن كانت المواجهة انتفاضة أو هبة أو موجة، بل بتجاوز هذا الجدل لسؤال الكيف، "كيف تتحول هذه المواجهة لأسلوب حياة، ولتوسيعها وتحويلها لمقاومة ذكية تكلف الاحتلال وتحافظ على صمود الشعب الفلسطيني في أرضه.
إن أرادت الحركة النسائية السياسية أن تبقى ذات مغزى وذات علاقة، وتخرج من عباءة الفصائل والخطاب الذكوري السائد، عليها أن تقوم بخطوة لا يجرؤ عليها من يقودون النظام السياسي الفلسطيني بكل مكوناته

الاستقالة خطوة متقدمة في الاستجابة للواقع الحالي

فلتعقد الأذرع النسائية للفصائل مؤتمراً صحفياً تقدم فيه نساء الصف الأول استقالاتها الجماعية، وتدعو شاباتها المنتميات لاستلام القيادة وتحديد الأولويات والاستراتيجيات والأدوات اللازمة.

هذه الدعوة ليست دعوة عدمية، ولا تعني أن يذهب الصف الأول للبيت، بل أن يستمر في العطاء كهيئة حكماء- حكيمات في حالة النساء-، يقدمن المشورة، وعصارة التجربة للشابات اللواتي سيحملن الراية. هي دعوة للتداول السلمي للقيادة، وتجديد الدم والروح في العمل الحزبي الذي هو اعلى مراتب العمل السياسي

لو فعلت النساء ذلك، سيقدمن نموذجاً غير مسبوق في تاريخ الحركة النسائية والوطنية الفلسطينية، والأهم قد يحرجن قيادات الفصائل المتكلسة أن يحذوا حذوهن، وقد يشجعن الشباب في رفع أصواتهم للمطالبة- بما هو حق لهم-

هل تفعلها النساء؟ هل سيخرجن من هيمنة العمل الذكوري السياسي، ويقلبن الطاولة قبل أن يتجاوزهن الزمن والتاريخ والجغرافيا.. ؟  أتمنى ذلك

*رئيس تحرير شبكة نوى

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير