فلسطين ابنة الشهيد شاهين.. تشبه الوطن في الاسم واليتم !

09.11.2015 10:21 AM

وطن-خاص- كتبت: رولا حسنين 

تحتضن والدة الشهيد سليمان شاهين طفلته فلسطين، تبكيه حيناً، وتنظر الى طفلته حيناً آخراً، كأنها تقول لها "كيف لم أتنبأ لفعل والدكِ وقد أسماكِ باسم الوطن؟! فكنتِ بحجم الوطن في معاناته، الوطن يتيم وأنتِ اليوم يتيمة"، تحتضنها وقلبها يعتصر ألماً على فراق ابنها، فراق لم تتوقع أن يأتي بهذه السرعة، ولا حتى  بهذه الصورة البطولية.

تتحدث والدة الشهيد عن ابنها الحنون، الذي وصفته بعاشقٍ للوطن منذ الصغر، أسمى طفلته الأولى والتي لم تبلغ من العمر 6 أشهر بعد باسم فلسطين، حتى يكون الوطن حاضر مع كل حرف ينطقه الشهيد، الى أن قضى نحبه منتفضاً للوطن وعاصمته.

22 عاماً عاشها الشهيد في ربى الوطن، لاجئ من مدينة الرملة يسكن في مدينة البيرة شمال رام الله، شاهد على معاناة الوطن ومعاناة شعب أسقاه المحتل كأس المهانة، ليشبه شهداء نفذوا عمليات ضد المحتل، ويكون المنتفض الحرّ، يُقدم على تنفيذ عملية دهس بطولية، بعد أن حصل على رخصة السياقة منذ مدة قصيرة جداً، استأجر سيارة قبل يومين من تنفيذ العملية، التي أصاب بها 4 إسرائيليين، وصفت حالة 2 منهم بالخطر الشديد، عملية شهدت عليها قلوب الفلسطينيين فأذابت غلّاً فيها عمره سنوات عجاف.

سليمان، شهيد عرفه المارة في شوارع رام الله، بائع خضار وفواكه في إحدى البسطات التجارية المترامية على أطراف الشوارع، بلقب "ملك الفراولة"، عُرف بحركاته الجاذبة للمواطنين، وبصوته المنادي على خضار بنكهة الوطن الذي باع روحه لأجله.

عشر أشقاء وشقيقتين وأصدقاء وزوجة عرفوه بحب الوطن، ولكنهم لم يعلموا أنه أصيب في الأحداث التي تشهدها الضفة مؤخرا،ً إصابتين بالرصاص المعدني خلال مشاركته اليومية في مواجهات حاجز البيرة شمال رام الله، أحدها في يده والآخرى في قدمه، لم يخبر أحداً خوفاً منه على خوفهم.

هديل زوجة الشهيد، لم تتنبأ لبطولة زوجها، ولم تتنبه لآخر لحظات عاشها الشهيد معها ومع طفلته فلسطين، حيث تناولوا وجبة الفطور وداعب طفلته حتى أشبع أذنيه من صوت ضحكاتها، ورسم في عيناه آخر صورة لها وهي تبتسم.

رحيل الشهيد لا يعني رحيل كل شيء معه، فالشهيد ترك خلفة أشياء كثيرة، ربما ودعها في سريرته، أتراها زوجته لم تتنبه لرسائل عيناه قبل أن يخرج لينفذ العملية ولم تفهم ايماءات وجهه وحديث لسانه حين أوصاها بنفسها وفلذة كبده فلسطين؟ وأتراها طفلته صرخت باكية عند أول رصاصة دخلت جسد أبيها؟ أتراها أمه ضاق صدرها بقلبها مع أول نقطة دم سالت من جسد ابنها؟.

الشهداء لا يرحلون دون وداعنا، هم يودعوننا جيداً ولكن بصمت العيون دون دموع، وبصمت اللسان دون الجهر بالوداع، قلوبهم هي التي تنبض في هذه اللحظات، هي التي تودعنا ليست أيديهم، أو ربما أيديهم حين يصافحوننا بشدة على غير العادة، هم يودعوننا بعيونهم أيضاً حين يطيلون النظر بنا نظرة أعمق من كل سابقاتها، هم يودعوننا ونحن مَن لا نجيد وداعهم، فنحتفظ بآخر لحظات جمعتنا بهم، ونستحضر آخر كلماتهم فنجدها وصايا مخبئة بكلام المزاح، أو مغلّفة بكلام مبهم، نفهمهم بعد استشهادهم فقط.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير