خاص لـ"وطن": بالفيديو.. طولكرم: "العمّوري" مخبز لا يزال يرسّخ جذوره منذ قرابة قرن

02.12.2015 01:39 PM

طولكرم - وطن: "مع إني مش متأمل حد يتعلمها بعدين بس بتمنى"، بعينيه التي لا زالت تشقّ طريقاً أنهكها التعب، يواصل محمود عودة، (73 عامًا)، من مدينة طولكرم، عمله في مهنة "الخبازة اليدويّة"، والتي استمرت منذ ما يقارب المئة عام، في مدينته.
داخل "ركن" صغير، أمسك عودة عدّته البسيطة، بدأ محاولاً لف "العجين" كي يصنع منه أشكالاً عدة؛ الخبز، والمناقيش، والرغيف، والمعجنات، وأيضاً المشاوي كافة، التي لا زال يطلبها الآخرون ويترددون في الإقبال عليها.

حيث يعدّ مخبز العموري من أقدم المخابز الكرميّة، والتي يقارب عمرها المئة سنة، ويقول: "عملت في هذا المخبز منذ عام 1972، وقد أنشئ منذ ما يقارب المئة عام، أي منذ زمن الأتراك".

اشتهر مخبز "العموري" في طولكرم بجودة صنعه للخبز، ولكن بعد الانتفاضة الثانية ساءت الأحوال، والوضع بات صعباً، وكثرت الحواجز والعوائق من قبل الاحتلال الإسرائيلي، لذلك كثرت المخابز في طولكرم لتسدّ حاجة المواطنين دون اللجوء لأحد، يوضح عودة.

توقف قليلاً، ثمّ تابع تجهيز مناقيش الزعتر، والتي يبدأ بإعدادها منذ الصباح الباكر لتفوح رائحتها أرجاء مدينة طولكرم، وتدعوك إن مررت من جانب ذاك المخز إلى القدوم إليها، وتذوّق نكتها اللذيذة حسب مرتادي هذا المخبز.

ويبين أنّ مهنة "الخبازة" متوارثة منذ القدم، وحافظ على بقائها حتى تبقى نفحات الماضي وأصالته، ورائحة الأجداد عالقة في كلّ ركن قديم لو تمّ استحداثه واستبداله بكلّ جديد.

وعن أهميّة المحافظة على هذه المهنة، يقول إنّ "كل قديم يجب أن يبقى دوماً، ويتمّ المحافظة عليه، وينتقل للأجيال القادمة"، مشيرًا إلى أنه يتمنى أن تبقى هذه المهنة، ويتوارثها الأجيال، ولا تفنى، وسط يقين منه أنها لن تستمر لأنها تتطلب الصبر، والهمّة القوية، وفق تعبيره.

"اليدوي أحسن من شغل الكهرباء"، يصف عودة المخابز، قائلًا: المخابز اليدوية أفضل من حيث الخبز وصحية أكثر، فالذي يتم إنتاجه بثوان ليس كالذي ينتج بمدة أكثر، فالشغل الآلي في الغالب يجلب الأمراض، بينما اليدويّ ذو طعم ألذ ونكهة أطيب".

يراود شعور الحنين بالماضي عند تناولها من ذاك المخبز، وتقول المواطنة رغد حطاب، (19 عامًا)، من مدينة طولكرم: دائماً عندي شغف بالأشياء العريقة القديمة التي نادراً ما تتوفر خاصة بالأكل، أجد فيها نكهة أخرى مميزة عن باقي المخابز، وعندما أتجه إلى ذاك المخبز أرى نفسي عدت بالزمن عشرات السنين أي قبل ميلادي. وتضيف: يراودني شعور الحنين للماضي عندما أتناول معجنات المخبز صباحًا.

أمّا المواطن حسام عبد الصمد، (55 عامًا)، فيعبّر عن إعجابه بمخبز العموري، وما يقوم بصنعه، مسترجعًا ذكرياته لأيام ماضية كان يتمّ إعداد الخبز فيها من خلال "الطابون"، مؤكداً على أهمية الاستمرار بهذه المهنة، والشدّ على أيدي متوارثيها كي تتواصل وتدوم.

لا يزال مخبز العموري يتابع شغفه في الاستمرار بهذه المهنة التي دقّ ناقوس الخطر وأعلن عن الخوف من زوالها، فإما دقة إحياء واحدة لا يتلوها أيّة دقة، وإما دقات عدّة تعلن وفاة هذه المهنة، وتنهي عراقة مهنة هي بالتأكيد أصيلة.

تصميم وتطوير