"الدوايمة".. المجزرة التي بقيت طي الكتمان 50 عامًا

29.10.2016 01:28 PM

رام الله-وطن- مي زيادة: كانت الحرب قد انتهت، وانسحب الجيش المصري من المنطقة ، وهدأت البنادق، غير ان النار اشتعلت مجددا في اجساد اهالي واحدة من اكبر قرى فلسطين في حينه، انها قرية الدوايمة في منطقة الخليل، حيث شهدت واحدة من اكبر فظائع جيش الاحتلال، ان لم تكن الاكبر، والاكثر عنفا، فسقط اكثر من سبعمئة (700) شهيد، مئة منهم داخل مسجد، أُحرق فيما بعد كي لا تضطلع لجنة تحقيق دولية على اثار المجزرة، واغلق على ما فيه من بقايا بشر محترقين، ودائما وفق رواية الاهالي الذين لم يسمع احد في العالم صراخهم، ولم يكشف النقاب عن مأساتهم الا بعد خمسين عاما . "وطن" تنشر تباعًا روايات الناجين وهم ما زالوا يبكون احبائهم.

مئة شهيد في اليوم على مدار اسبوع

في اليوم الاول من المجزرة التي استمرت اسبوعا كاملاً ارتقى 70 شيهدًا، وهجّر سكانها الى قرى وبلدات مجاورة.

وليد البايض من قرية الدوايمة وسكان مدينة البيرة، يروي لـ"وطن"، ماحصل في اليوم التاسع والعشرين من شهر اكتوبر في عام 1948، قائلاً: مجزرة الدوايمة والتي يصادف اليوم الذكرى 68 لها، وقعت في قرية الدوايمة والتي تقع على بعد مايقارب 25 كم من مدينة الخليل، كان عدد سكانها في عام1948مايقارب 4 الاف، ومساحة اراضيها 60500 دونم تقريبا. في يوم المجزرة تفاجأ الاهالي بدخول قوة من لواء الجيش الاسرائيلي يدعى  لواء "هنيغف، النقب"، وطلبوا من السكان الخروج من بيوتهم، لان القرية كانت تقع في منطقة استراتيجية على تلة في منطقة جبل الخليل، ولم يمهل المحتلون  الاهالي فبادروا الى العنف والاستخدام المباشر للسلاح .

ويتابع: في ذات اليوم ارتقى مايقارب 70شهيدًا، وهو اليوم الاول للمجزرة فقط، وبدأ الأهالي يخرجون من بيوتهم ويلتجئون  إلى الكهوف والمُغر القريبة من القرية، وقام الجيش الاسرائيلي بإجبار عدد من المواطنين بالدخول الى  مسجد القرية، واعتقد السكان أن للمسجد حُرمة فدخلوا مطمئنين، لكنهم واجهوا الصدمة الثانية بعد الترحيل وهي تعرضهم لإطلاق النار العشوائي داخل المسجد حيث سقط ما يقارب الـ 100 شهيد وامتد القتل والجرائم على مدار اسبوع، ليناهز عدد الشهداء الألف.

فقط عام 2001 اقرت اسرائيل ببعض الحقائق

وأكد البايض أن ما جرى في الدوايمة يعد من اكبر المجازر التي حصلت في فلسطين، ولكن حقها الاعلامي ظل مهضوما،  فإسرائيل وكالعادة وكما يعرف عنها لاتصرّح وتفصح عن اي عمل سري الا بعد مرور سنين طويلة عليه، وهذا ماحصل مع الدوايمة، ففي عام 2001 بدأت اسرائيل بالتصريح ونشر المعلومات عن المجزرة، بعد أن اخفتها لمايقارب 50 عاما، ولذلك حقها الإعلامي مهضوم بشكل عام، فلايوجد من يوثق ويحفظ تاريخ هذه المجازر، فلا جمعيات او مؤسسات تؤرخها، ولايوجد لدينا شيء توثيقي سوى ما يقوم به بعض الاشخاص او الباحثين بشكل فردي.

ويتابع الرواية: "وانتشر خبر المجزرة ووصل لكثير من القيادات الاسرائيلية، ورغم ذلك لم تتوقف، على الرغم من أن هناك اصواتًا في حزب "المابام" الاسرائيلي سابقًا تقول أن ماترتكبه هو صورة طبق الاصل عما حصل في المانيا  فالاصوات التي خرجت لوقف المجزرة لم يستجب لها.

ضابط بلجيكي خجول، لم ينشر ما رأى

ويشير البايض، إلى أن ضجة دولية حصلت في الموضوع وعلت مطالبات بلجنة تحقيق، لكن اسرائيل منعت لفترة ان تدخل أي لجنة تحقيق رسمية الى القرية، وكُلّف ضابط بلجيكي بزيارة القرية، وسمحوا له بالدخول لها بعد مايقارب الاسبوعين، من دون أن يدخل بيوتها، أي زيارة خارجية، وهو بدوره شك بأن هناك امرًا في المسجد فقد كان مغلقًا لانه تم احراقه على الأهالي من الداخل، فقد اشتم الروائح هو ومجموعة من الجنود الدوليين معه، وسأل عن الروائح التي تفوح من المسجد فلم يجيبوه، وفي ذلك الوقت اوقفت  الحكومة الاسرائيلية النشر في الموضوع، وتم حجب كافة المعلومات وحظر دخول القرية لأي شخص خارج اطار الجيش الاسرائيلي.

ويضيف أنه في فترة المجزرة اضطر عدد  كبير من اهالي القرية ان يهاجر ويخرج الى القرى القريبة، فمنهم من  توجه الى الخليل واريحا، واخرون الى  رام الله ووصل منهم الكثير الى  غزة.

وأقيم على أنقاض القرية عام 1955 مستعمرة (أماتسيا) ودعيت باسمها هذا نسبة إلى أحد ملوك المملكة اليهودية الذي امتد حكمه من ( 800 - 783 ق . م .).

وفي هذا السياق، سيكون هناك مهرجان لإحياء ذكرى مجزرة الدوايمة، بوجود أهالي القرية وبرعاية رئيس الوزراء، وسيتخلل المهرجان إلقاء كلمات، وفقرات فنية تقدمها فرق دبكة تراثية، في قصر الثقافة برام الله، في الخامس من الشهر القادم الساعة الثالثة والنصف عصرًا.

تصميم وتطوير