عبد الرحمن التميمي يكتب لـوطن: هناك ما هو ممكن

30.10.2016 08:45 AM

برعاية الجامعة العربية وتنظيم وجهد مشكور من سلطة المياه الفلسطينية عقد مؤتمر "حول المياه العربية المحتلة " في القاهرة   26_28  أكتوبر،  وقد جاء هذا المؤتمر مباشرة بعد انتهاء مؤتمر وزراء المياه العرب الذي كرر أهمية الامن المائي العربي.

شارك في مؤتمر المياه العربية المحتلة سياسيون وبرلمانيون وخبراء وقانونيون ونشطاء مجتمع مدني من كافة ارجاء العالم. وبالرغم من ظلال الوهن والحزن والعجز العربي على المؤتمر الا انه ما زال هناك ما يمكن فعلة وان كان ليس على المستوى الرسمي بل على مستويات أخرى. لقد اجمع كافة خبراء القانون ان إسرائيل هي دولة معتدية  على المياه السورية واللبنانية والفلسطينية والاردنية.

ومن خلال النقاشات والأفكار التي طرحت تبين اننا يجب ان نغير لغة الخطاب وأدواته وقنوات التأثير لكي يكون العمل العربي مجدي ويؤخذ بجدية في المحافل الدولية. ولهذا فإنه من الأهمية بمكان لتغيير منظومتنا المعرفية واليات تفكيرنا لكي ننتج خطابا مؤثرا وهذا يتطلب:

• ان ندرك ان العالم ليس أمريكيا فهناك شعوب ودول ستقف مع الحق العربي إذا ما قدم لهم على طبق من المصالح والتبادلية في المعرفة فماذا يمنع ان تعطى الشركات الصينية واليابانية افضلية في تنفيذ المشاريع فالسياسة نتاج الاقتصاد.

• التوجه للناخبين في العالم وهم الأكثر تأثيرا في الدول الديمقراطية وبلغتهم لا بخطابنا التقليدي فالعالم يفهم الحديث عن التنمية المستدامة والعدالة وحقوق الانسان والمساواة أكثر من فهم الحديث عن الهم الخاص بنا، وبشكل غير مباشر يفهم هذا العالم ان إسرائيل لا تنتهك حقوق مائية عربية فحسب بل تنتهك كل القيم التي اقرها العالم ومنها التنمية المستدامة والعدالة وحقوق الانسان الامر الذي أحدث فقرا وقهرا وظلما ساهم في انتشار الإرهاب الامر الذي يهدد مصالح واستقرار العالم الحر

• ان نساهم في المعرفة الإنسانية فإسرائيل تقدم نفسها بانها المخلص لازمة المياه بتقنيات التحلية المتطورة التي تدعي بامتلاكها وان هذه الدولة الصغيرة تحتل مساحة كبيره من الاسهام في المعرفة العلمية والبحوث والدراسات وتخصص أموالا طائله للبحث العلمي الذي بجعلها اكثر من كل العرب تواجدا في المحافل الدولية التي يحضرها من يتم بالمعرفة لا بالسياسة وتفاصيلها فلكي نكسب العالم المعرفي الى جانب قضايانا لا بد ان ننتج معرفة لا احترام لمن لا يعرف ولا يتواجد في مجتمع المعرفة.

• التراكمية في العمل. فالمجتمع العربي لا يراكم إيجابيا في فعله وما زالت تأخذه الفزعة عند امر ما ثم ما يلبث ان ينام حتى يصحو في فزعة أخرى غالبا ما تكون ردة فعل عاطفية ارتدادية.

• الحديث عن الوحدة العربية أصبح ترفا لا مبرر له انما الحديث عن مصالح مشتركه هو الامر الأهم: ترى ما الذي يمنع ان تقوم السعودية باستثمارات هائلة للاستفادة من المياه في السودان وبخبرات عربية وعلى أسس تجارية محضة وليس على أسس التضامن العربي فاستثمارات الصين وإسرائيل في اثيوبيا وأفريقيا ليس من اجل الاخوة بل من اجل المصالح وهذه هي كلمة السر
أخيرا إذا اردنا ان يتفهم العالم قضايانا وخاصة في موضوع المياه لا مناص من المساهمة في المعرفة الإنسانية وان نذهب الى العالم ليحل جل مشاكلنا ويفهمنا العالم ويحترمنا والا فلن نبقى في ظلال صلاة الاستسقاء. 

أخيرا أتمنى على سلطة المياه الفلسطينية والحكومة الفلسطينية وبعد هذا الجهد المبارك والمثمر ان تستمر بهذه الوتيرة وهذا العزم لكي نحدث تأثيرا متراكما وعلى قدر اهل العزم تأتي الثمار .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير