نادية حرحش تكتب لوطن مهاترات وطن .. جرائم الشرف واخطاء الاطباء المسكوت عنها

03.11.2016 07:55 PM

لا اعرف ان كان هناك تشبيك او علاقة بين ما يجري من جرائم شرف وجرائم عمليات طبية . المشترك بلا شك ان في الحالتين يذهب القاتل بلا عقاب بحجم جريمته، اذا ما تمت محاسبته اصلا .

نفس الغصة تصيبني كمواطنة وانسانة في كل مرة اسمع فيها عن مقتل امرأة تحت مسمى الشرف، او مقتل مريض تحت سكين طبيب، وفي كل مرة يذهب الجاني بلا مساءلة او محاسبة، ويستمر بجرائمه تحت حماية منظومة كاملة تسمح له باستباحة ضحاياه .

ولا استطيع لوم النظام السائد فقط ولا الجاني في هذه الحالة، لاننا نحن جمهور المتفرجين تعلو صيحاتنا وتكتم كموجة صوتية فانية.

تتزايد القضايا التي تدق ناقوس خطر للبناء المجتمعي الذي نشهد تهالكه امام أعيننا. وتبقى هاتين الجريمتين من الجرائم المستمرة التي لا يبدو ان للقانون اي اهتمام في وضع حد لها، وكأن المرأة تبقى كائنا مستباحا في هذا المجتمع ، ويبقى المريض (المريضة) عرضة لفرضية الموت في حال دخوله/ا الى مستشفى .

وبين ما يمكن وصفه بتغييب للقانون وسيادته فيما يخص هذين الامرين ، ولربما ما يمكن وصفه بالاستهتار بالجمهور العام . هناك ما يكمن من مسؤولية كبيرة واساسية على المجتمع لا نذكرها .

طبعا فيما بعد الشجب والاستنكار وعرض الجريمة على مائدة النمائم المجتمعية وعلكها حتى افراغها من اي طعم او نكهة ، هناك حالة من الانعتاق المجتمعي الذي يتسرب الى الجميع، وكأن المجتمع منعزل عن اولئك الافراد الذين تم قتلهم ، وبعيدين عن مسرح الجريمة، ولن يتعرضوا للقاتل ولا للمقتول، فجريمة الشرف بالنسبة للمجتمع هي جريمة تتعرض لها فتيات في ظروف معينة يرى المجتمع نفسه محصنا منها، وكذلك الموت بسبب الاخطاء الطبية ، وكأن المجتمع لا يذهب الى تلك المستشفيات ولن يعرض على هكذا اطباء، وكأن الطبيب يبقى حلم للمجتمع اقرب للكمال ، فلا يمكن لهذا الكائن ان يخطيء ، وان اخطأ ، فجل من لا يسهو!!.

بين انفصام المجتمع ككتلة تعيش في وهم حماية يختبيء وراءها كل ناحب وشاجب بعويل او دموع تماسيح.

لا يمكن الاستمرار في طرح السؤال ذاته ، ما الذي حل بالمجتمع ؟ اين ذهب التكافل؟ واين النخوة والقيم ؟ هناك حالة من التشويه الحقيقي نعيش بها كافراد وكمجتمع، الا اننا نصل الى ذروة التشويه عندما نتعامل كمجتمع في قضايا اساسية كهذه وكأنها قضايا فردية لن تتعدى اصحابها .

ما يجب الاشارة اليه ان جرائم الشرف التي تحصل في مناطق السلطة الفلسطينية مسكوت عنها في اكثر الاحيان، فلا تخرج من اطار الشؤون الاجتماعية ومحاضر الشرطة المغلقة، وما يصلنا ويؤرق مضاجعنا العاجية هي تلك الجرائم التي تخترقنا من الداخل الفلسطيني في اسرائيل، وهنا نرى السلطات الاسرائيلية يضمحل دورها في ان تصبح عشائرية وتتكتم على مجريات التحقيق وتتقيد الى المجهول، ثم نتذكر هذه الجرائم عندما نسمع عنها في الاردن، ولربما نسمع عنها احيانا في غزة، الا انها مسكوت عنها بالضفة وكأنها لا تحدث، وكذلك الامر بالنسبة للاخطاء الطبية التي يذهب ضحاياها الكثير ، يتم السكوت عنها الى ان تأتي ضحية اهلها متنفذين بعض الشيء قادرين على الوقوف في وجه مصابهم.

القاصي والداني يعي مشاكل المستشفيات الفلسطينية وغياب الكفاءات او تهجيرها ، كما يعرف القاصي والداني كم هي رخيصة حياة الانثى في هذا البلد، ولكي لا اكون ظالمة متطرفة نسوية في طرحي ، ان الانسان رخيص بشكل عام في هذا البلد.

كم هو المسكوت عنه من الجرائم المقترفة تحت عنوان الاهمال والتهور والاخطاء والفساد والتخلف والقبلية؟

كم مرة شهدنا فيها انتهاء لقضية او تحقيق او رأينا فيها نتيجة للجان تحقيق فتحت في شأن قضية كهذه ؟

كم يسري القانون فعلا ، وكم هو فعلا موجود بسيادة تؤهله بأخذ الحقوق وتفعيل القوانين ان وجدت ؟

وبينما استمر في الكتابة فيما بين الموضوعين، جرائم قتل الشرف لا تتوقف، فقط يتغير اسم الضحية ويختفي القاتل او يغفل عنه . وتستمر حوادث الاطباء بلا حساب او محسوبية.

عند بدء الكتابة بهذا المقال كانت الضحية ( الاطرش) دخلت الى المستشفى وخرجت جثة خامدة. وانهي سطوري بمقتل هدى كحيل من يافا على خلفية قتل الشرف بالامس.

نحن مجتمع ارخص ما فيه حياة الانثى، وتتبعه حياة بخسة تلحق بالجميع يغلفها "هذا امر الله" .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير