في حضرة سبسطية "المبجلة" .. حضر التاريخ برواياته الشعبية وغاب المسؤولون

06.11.2016 11:44 AM

رام الله - وطن: لا يمكنك الدخول الى قرية سبسطية شمال غرب مدينة نابلس، الا وتُذكر امامك احدى اهم الروايات الشعبية عن مدخلها الغربي، الذي كان عبارة عن بوابة ضخمة،  كانت حين تُغلق، يُسمع صرير  اغلاقها من شاطئ يافا على الساحل الفلسطيني.

ويشي مدخل البلدة، بعظمة تاريخها الذي نجهل منه اكثر مما نعرف، فهو يتكون من البوابة الغربية وبرج ضخم وسور المدينة والشارع المعمد بـ 600 عامود.

واقع بلدة سبسطية الحالي، يناقض ما عاشته البلدة عبر الاف السنين الماضية من اوج الحضارات المختلفة، التي تركت معالم عزتها وقوتها في المكان، والتي اظهرت التنقيبات الاثرية التي نفذت في الموقع مطلع القرن العشرين بأن اقدم الدلائل الاثرية تعود للعصر البرونزي المبكر (3200 ق.م)، وكشفت عن قسم من معالم مدينة العصر الحديدي الثاني الذي يعود للقرن التاسع والثامن قبل الميلاد.

واشتملت تلك المدينة حسب التنقيبات على المدينة العليا "الاكروبوليس" والاسوار المحيطة بالموقع، والمنطقة المسورة على مجمع القصر الملكي وساحة مركزية.

سبسيطية التي يعيش بها 3500 نسمة، في واقع خدماتي سيء،  يمكنك ان تسمع بها قصة شعبية، او معلومة تاريخية، مع كل حجر قد تقلبه يدك في البلدة، التي يقول اهلها والمسؤولون فيها ان كل ما اكتشف لا يبلغ 15% من حجم اثارها، وان بقية الاثار مدفونة في جوف البلدة.

حين وصلنا بلدة سبسطية صباح الجمعة الماضية خلال رحلة #باص_سوشيال_ميديا، في تجوال استمر لاكثر من 3 ساعات، كانت تبدو خالية من الزوار، الذي بدا ىسمتها الرئيسية، اذ لا يتعدى زوارها يوميا 250 شخصا، جلهم من الزوار الاجانب، وليس المحليين.

البلدة تستطيع ان تلتهم يومك كله، دون ان تكشف عن كامل زينتها لك، كمحاولة لاغراءك للبقاء لمدة اطول في ازقتها، او اشعال الرغبة في روحك للعودة مرة اخرى الى المكان، الذي مر عليه الاشوريين والفرس ومن بعدها خضع للاسكندر الاكبر ، والحكم الروماني، ليسميها الملك هيرود بالاسم الاغريقي "سبسطي" وتعني "المبجلة"، لتعش بعد ذلك العهدين المملوكي والعثماني. 

وشهدت الفترة الرومانية مشروع بناء ضخم، احتوى على سور المدينة والبوابة الغربية والشارع المعمد بـ600 عامود، والبازيلكا، والساحة العامة، والمسرح، ومعبد اغسطس، ومعبد كوري، والملعب الرياضي والقناة المائية، والمقابر، بينما اصبحت في الفترة البيزنطية مركزا اسقفيا مرتبطا بوجود قبر يوحنا المعمدان (النبي يحيى ) فاقيمت بها كنيستان 

ورغم كل التاريخ المتناثر فوق بلدة سبسطية، واكثره في جوفها، تبدو البلدة غارقة في الاهمال، من قبل وزارة السياحة والاثار، والمؤسسات الحكومية الرسمية.

الاهالي: نريد سبسطة مشروعا وطنيا 

المسؤولون في البلدة المبجلة، يطمحون ان تتحول الى مشروع وطني، ترضي كل فلسطيني يزورها، لكن هذا الامر لا تستطيع البلدة وحدها انجازه، بل يحتاج الى تضافر الوزارات والمؤسسات الرسمية، لاعداد خطة تنموية للبلدة، للمساهمة في ابراز تاريخ 7 عصور مرت على هذا المكان، داعين الرئيس محمود عباس الى الاهتمام بالبلدة، واظهارها بالشكل الذي يليق بها

وانت تجول في المبجلة، لا تستطيع منع نفسك، من تخيل اي عز وجبروت وظلم ربما عاشه هذا المكان، هذه الاسرار قد تفضحها بعض المعالم، واخرى ترويها روايات محكية ومتداولة، واخرى قد تكون مدفونة تحت الارض، لتصل في النهاية الى سؤال لا تستطع الفرار منه، كيف سيكون هذا المكان، لو كان لدى دولة او حكومة اخرى، هل سيكون بهذا الشكل؟ .. لن تجد صعوبة في الاجابة عن ذلك، قطعا لا.

فماذا يمكن للحكومة ان تفعله لهذه البلدة، واي دور يمكن ان تقوم به وزارة السياحة لدعمها؟ قد يكون اهل البلدة هم الاكثر قدرة عن الاجابة على هذا الامر، والحديث عن احتياجات بلدتهم، فليتوجه المسؤولون اليها، وليخرج مجلس الوزراء في رحلة اليها، واهل البلدة سيتكفلون بحسن الضيافة، لكن المصلحة العامة تقتضي ان تتحول البلدة التي تفوح من كل ازقتها تاريخ، الى مشروع وطني، وليقل التاريخ ان المبجلة بقيت كذلك حتى في زمن الفلسطينيين.

تصميم وتطوير