"تنين العرب".. رياضة لا تعرفها فلسطين وابنها بطل العرب فيها

22.04.2017 09:02 AM

القدس- وطن- رولا حسنين: لديك حلم قد يكون بوسع الكون كله لا بوسع صدرك فقط، قم وانهض عازماً على تحقيق ما تريد، تجاوز الصعوبات واجعل كل عثرة لك درجة في سلم نجاحك، اياك والاستسلام.

هذا الدرس الأول الذي نستطيع اجماله من قصة البطل الرياضي المقدسي مصعب حلمي رابيه (20 عاماً)، الشاب الذي يجسد عشق الرياضة فيبادر من لعبة الى اخرى ومن مجال الى آخر، لاقى مصعب تهميشاً لسنوات من كافة الاصعدة، ولكنه واصل وحده ليتفوق ويرفع اسم فلسطين عالياً في المهرجانات الرياضية العربية.

يتحدث مصعب لـ وطن إن أولى خطواته في عالم الرياضة بدأت وهو بعمر الـ 4 أعوام فقط، حيث التحق برياضة "التايكوندو" في بير نبالا شمال غرب القدس، مارسها عاماً ونصف فقط، لكن ما حال دون اكمال مسيرته كان "جدار الفصل العنصري" الذي أقامه الاحتلال وفصل الضفة عن القدس المحتلة، الأمر الذي أعاق تنقل مصعب من وادي الجوز حيث مكان سكنه الى بيرنبالا.

مصعب وجدار الفصل العنصري

جدار الفصل العنصري فصل الضفة عن القدس، ولكنه لم يستطع فصل مصعب عن ممارسة الرياضة، فقرر رابية أن يبدأ بتعلم رياضة "الكراتيه"، وفعلاً بدأها في السادسة من عمره واستمر بلعبها حتى السادسة عشر ربيعاً في جبل المكبر بالقدس المحتلة.

وكان المدرب الرياضي زكريا أبو اسنينة هو الملهم الدائم للرياضي مصعب، حيث كان المدرب الوحيد له منذ بداية عهده الرياضي، واستمر في تقديم النصائح له ودعمه على كافة الأصعدة، ويقول مصعب "الاستاذ زكريا كان بمثابة الأب الثاني لي، حيث لم يتوانى للحظة عن تقديم الدعم لي، وعمل على اعدادي رياضياً ناحجاً صاحب أثر رياضي، وأنا ممتنّ له بالكثير".

ولأن الانسان قوي بأصدقائه ومَن حوله، فإن أصدقاء مصعب كان لهم دور مهم في نجاحه، فيشير رابية الى أن اصدقائه جودي أبو غربيه وكاظم غيث كان لهما الأثر الواضح في متابعة مسيرة الرياضة، "حيث كانا الداعمان الأساسيان لي من الناحية المادية والمعنوية، ويحثانه على مواصلة اللعب والابداع".

حصد مصعب خلال مسيرته في الكراتيه العديد من الألقاب والبطولات المحلية، وحصل على الحزام الأسود بدرجة "3 دان"، الا أن  الظروف العائلية منعته من مواصلة التدريب في جبل المكبر، حيث انتقلت للسكن في منطقة كفر عقب شمال القدس المحتلة –خارج جدار الفصل العنصري- ليصبح تنقل مصعب من الضفة الى القدس بشكل يومي  أمرا بالغ الصعوبة، حتى أصبح رابية لاعباً وحيداً يمارس رياضته في ملاعب كفر عقب.

"أُعلن لاحقاً  عن بطولة  فلسطين للكراتيه في قاعة  ماجد أسعد "بطولة فلسطين المفتوحة"، وقررت المشاركة فيها" ويضيف مصعب "حزت على اللقب الأول "البطولة" فيها"، وبدأ الاطفال والشباب حوله يلتفتون لمهارته خلال لعبه في ملاعب كفر عقب، وقرر استثمار حضورهم لساعات تدريبه والبدء بتدريبهم على رياضة الكراتيه، وكان من بينهم أطفال أيتام وأطفال يعانون من "التوحد" حتى وصل عددهم 350، أطلق مصعب عليهم "نادي نسور فلسطين للكراتيه".

مصعب يشكل نادي نسور فلسطين

أنشأ مصعب "نادي نسور فلسطين" على حسابه الشخصي، وتحمل اعباء ترخيصه وتسجيله في الاتحاد الفلسطيني للكراتيه، وشارك النادي بعدة بطولات محلية وحصل على "كأس النادي المحترف" وعدة بطولات أخرى.

لم يستطع مصعب تحمل اعباء الفريق على نفقته الخاصة، والتحق بالثانوية العامة، ثم بالمعهد التقني العالمي في رام الله،  وتخرج منه بتخصص "مصميم جرافيك".

تنين العرب.. رياضة لا تعرفها فلسطين وابنها بطل العرب فيها

ولم ينقطع مصعب عن هوايته الرياضية، رغم طول الساعات التي يقضيها في عمله بالداخل المحتل والتي قد تمتد لتصل الى 16 ساعة، بل تنبه الى رياضة أخرى تعلمها عبر مشاهدة مقاطع الفيديو "رياضة تنين العرب "غير المعروفة على المستوى الفلسطيني، أتقنها بمساعدة مؤسس رياضة تنين العرب الدكتور شهدي رجب المقيم في السعودية.

احتض رجب شغف مصعب بالرياضة، ووجه له دعوة للمشاركة في بطولة "تنين العرب" ممثلاً عن فلسطين، الأمر الذي لم يتردد مصعب بقبوله، فكانت هذه الدعوة تمثل بداية تحقيق حلم مصعب.

الحلم يتحقق

سافر مصعب رابية الى الدار البيضاء في المغرب، بعد أن قدمت له المجموعة الشبابية "اسأل القدس" ما استطاعت، لتكون للقدس بصمة في العالم، وشارك في بطولة "تنين العرب" نهاية آذار المنصرم في دولة المغرب، ممثلاً عن فلسطين، وحصل على لقب بطل العرب في رياضة تنين العرب بذهبيتين "القتال والأركان".

عاد رابية الى فلسطين حاملاً معه الحلم الذي تحقق، رافعاً اسم فلسطين، ويقول مصعب حول لحظة تتويجه في المغرب "عندما نادوا على اسمي مصعب رابية من فلسطين" كانت لحظة لا تصفها الكلمات، استحضرت كل المصاعب التي عانيتها في مسيرتي الرياضية، ولكني اليوم حملت اسم وطني ليس على صدري فقط، بل عالياً في سماء المغرب وقريباً في سماء تونس"، ومن المقرر أن يشارك رابية ممثلاً عن فلسطين في البطولة الافريقية في دولة تونس.

وطيلة الوقت الذي قضاه مصعب يقصّ لوطن للانباء قصته، لم يتوانَ عن ذكر والده ووالدته اللذان كانا له سنداً كبيراً وداعماً في محطات حياته، حيث يستذكر مصعب لحظة مشاركته في بطولة تنتين العرب "لم يغب وجه أمي عني لحظة حسم البطولة، كانت حاضرة بدعواتها دائماً، وكل ما جنيته هو تتويج لهم وليس لي فقط".

تصميم وتطوير