الحركة الوطنية الفلسطينية تقترب من نهايتها، وفراغ قيادي بعد عباس

09.08.2017 08:41 AM

وطن- ترجمة خاصة:

 نشر باحثان فلسطينيان ممن شاركا في محادثات السلام على مدى الأعوام الثلاثين الماضية، استعراضا شاملا لحال السلطة الفلسطينية. ووفقا لاستعراضهما، فقد خلصا الى أن الرئيس عباس هو الزعيم الفلسطيني الشرعي الوحيد الذي ما يزال بإمكانه التوقيع على اتفاق سلام مع إسرائيل.

توشك الحركة الوطنية الفلسطينية أن تصل الى نهايتها. وفي الحقيقة، يمثل الرئيس محمود عباس، الزعيم الحالي للحركة، الفرصة الأخيرة للحركة للتوصل من خلاله إلى اتفاق سلام عبر المفاوضات مع إسرائيل. يأتي هذا التنبؤ الجدي من خلال استعراض شامل نشرته "نيويوركر" لإثنين من الباحثين الفلسطينيين، وهما حسين الآغا وأحمد سامح الخالدي، وكلا الرجلين شاركا في المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية عبر عقودها الثلاثة.

لم يقتصر تحليل الباحثين حول الرئيس عباس وفرصته لإبرام اتفاق السلام، بل إنبثق عنه تنبؤات أخرى متنوعة حول حال القيادة الفلسطينية. حسين الآغا أكاديمي  مقرب من عباس، ويعتبر شريكا له في الكثير من المهمات، من بينها الضلوع في اتصالات وتفاهمات سرية مع الأطراف المختلفة، خصوصا في فترة رئاسة باراك أوباما.

ومن القضايا التي تم تناولها، من بين عديد القضايا الأخرى الماثلة أمام القيادة الفلسطينية، يقدر الباحثان أن عباس هو الزعيم الوطني الوحيد المتبقي، مع شيء من السلطة والامكانية، للتوقيع أو التصديق على اتفاق مع إسرائيل، على الرغم من أن مكانته تتراجع وسلطته تتقوض. كما أنهما يعتقدان أن فترة ما بعد عباس ستشهد فراغا قياديا لفترة طويلة، حيث لن تكون هناك قيادة فلسطينية ذات شرعية صريحة، وفقا لاعتقادهما.

وتصف "نيويوركر" كيف أن مؤسسات الحركة الوطنية الفلسطينية التي كانت قوية ومتماسكة، ضعفت وتدهورت. وعليه، وفي ظل عدم بروز قيادة بديلة، ودون احراز أي اختراق سياسي ملموس، ودون التقدم في عملية السلام، وفي ظل المنافسات والاحتكاكات الإقليمية الحادة، فان حركة فتح اختفت كقوة سياسية. وبالإضافة الى أمور أخرى عديدة ألمت به، فقد تراجعت مكانة عباس بين شعبه الى حد كبير جدا بسبب ايمانه وتمسكه المطلق بعملية السلام كسبيل وحيد، وبسبب معارضته الحازمة والشديدة للكفاح المسلح، وبسبب التزامه التام بالتعاون الأمني مع إسرائيل.

يضيف الباحثان بأن فقدان الفلسطينيين للثقة في إيجاد تسوية من خلال المفاوضات، ينعكس بالتالي في فقدان ثقة أكبر وهي فقدان الثقة في المؤسسات نفسها التي تسعى إلى تلك التسوية أصلا.

ويمضي الباحثان في استعراضهما، حيث قدما وصفاً كيف أن النظام السياسي الفلسطيني قد أصبح "نظام الرجل الواحد". ووفقا لهما، فإنه وبالإضافة إلى الجهود المبذولة للسيطرة على ما تبقى من المؤسسات الفتحاوية الضعيفة أصلا، فإن القيادة تسعى لإسكات أية معارضة سياسية حقيقية. فعلى سبيل المثال، إن ما كان يعتبر يوما نقاشا سياسيا ناضجا وحيويا، أصبح ينعت اليوم بأنه "خطاب تعجيزي ومحبط"، وفي ذات الوقت، اتسعت الهوة بين الفلسطينيين من جهة، وهيئاتهم التمثيلية من جهة أخرى. وإن ما كان يظهر لنا سابقا على أنه أجندة وطنية وحدوية، أصبح الان موضع شك تام، بل وينظر إليه بملل ودون اكتراث، ويتأثر وضع السلطة الفلسطينية بحقيقة أن الفلسطينيين فقدوا القدرة على المناورة، وخصوصا بين المصالح المختلفة والمتلاطمة في العالم العربي، وأصبحوا أكثر اعتمادا على الدعم الخارجي من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي-، كما أصبحوا تحت ابتزاز إسرائيل تماما وتحت "رحمتها وحسن نواياها" في الاستجابة لأبسط الاحتياجات الحياتية اليومية للسكان الفلسطينيين.

تضيف "نيويوركر"، إن عهد ما بعد عباس، سيشهد دخول الفلسطينيين في مسار ربما لم يعهدوه من قبل، ومن الصعب التنبؤ به من الان، أو إلى أين سيفضي. فالصراع الدائر بين فتح وحماس، والقلق والضغط في الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة الى إخفاقات السلطة الفلسطينية، كلها عوامل تشير على الأرجح إلى ظهور قيادة لا تتمتع بالتمثيل الكافي كما يتطلع الشعب، وبالتالي ستولد قيادة ضعيفة، وستصبح مع الوقت أكثر ضعفا وأقل استقرارا.

وعلى الرغم من القيود التي يواجهها عباس، يضيف الباحثان إنه قد يكون فعلا آخر زعيم فلسطيني يتمتع بالسلطة الأخلاقية، والشرعية السياسية للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، وفق المقال.

 

"نيويوركر - ترجمة ناصر العيسة"

تصميم وتطوير