فيديو .. إذا كنت تتساءل كيف اتفقت السعودية وإسرائيل على قناة الجزيرة، فإليك الجواب

13.08.2017 01:51 PM

 كتب روبرت فيسك -  ترجمة خاصة: عندما يتحد كل من السعوديين والإسرائيليين الى الحد الذي يطالبون فيه، وبشكل مشترك، بإغلاق قناة الجزيرة القطرية، فهذا يعني أن الجزيرة تقوم بشيء صحيح. لكن مهلا لا تقفز الى هذا الاستنتاج، مع العلم أن التقاء كل من هذين الطرفين، قاطعي الرؤوس السعوديين والمحتل الإسرائيلي، في تحالف كهذا يعتبر رغم كل شيء، انجازا ما .

عندما يشير الملك سلمان -أو بالأحرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان -بإصبعه بأن إيران هي أكبر تهديد لأمن الخليج، يمكننا التأكيد بأن  نتنياهو سوف يفعل بالضبط نفس الشيء، ولكن تحل كلمة "أمن إسرائيل" بدلا من كلمة "أمن الخليج" (إشارة الى التقاء المصالح).

إلا أنه من الغريب جدا ألا يجد السعوديون غير إسرائيل للتحالف معها في قمع وسائل الإعلام، وهي (أي إسرائيل) التي تتغنى بأنها منارة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، أو دولة إسرائيل اليهودية، كما يحب أن يسميها نتنياهو وحكومته.

يسخر روبرت فيسك من الاجراء الإسرائيلي قائلا: "لنتناول آخر مظاهر التسامح الإسرائيلي تجاه حرية التعبير، التي تعتبر حجر الزاوية للديمقراطية الإسرائيلية، فقد كشف وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب قرة مؤخرا، عن خطة وزارته لسحب تصاريح عمل صحفيي الجزيرة العاملين في إسرائيل، وإغلاق مكتبها في القدس، ومنع الشركات المحلية من تزويد الجزيرة بخدمات البث عبر الكابلات والأقمار الصناعية.

في وقت سابق، كان نتنياهو قد اتهم الجزيرة بالتحريض على العنف في القدس، ولكنه دائما ما كان يوجه ذات التهمة (أي التحريض ومعاداة السامية)، الى كل صحفي أجنبي تجرأ على انتقاد دولة إسرائيل، سواء كان ذلك الصحفي داخل إسرائيل أو حتى خارجها.
يضيف فيسك، أنه شخصيا لم يعجب دوما بتقارير الجزيرة من إسرائيل، وخصوصا عندما توددت لإسرائيل ذات مرة، حيث قامت مذيعتها القطرية بالإعراب عن تعازيها وعلى الهواء مباشرة للناطق باسم الحكومة الإسرائيلية على وفاة أرييل شارون، وهو المسؤول عن مذبحة صبرا وشاتيلا التي وقعت سنة 1982 وراح ضحيتها (1,700) فلسطيني.

أضاف أيوب قرة، أن على اسرائيل ألا تتردد في اتخاذ خطوات ضد وسائل الاعلام أسوة  بما فعلته الكثير من الدول العربية، التي تعتبر في معظمها تلك الوسائل "داعمة للإرهاب"، وفق تعبيره.

ولكن بالمقابل، هل هذه هي الصورة التي تريد إسرائيل أن ترى نفسها عليها، وهل هذه هي مجموعة الدول التي تريد أن تصنف نفسها معها؟

ويضيف قرة: "أفترض حتى لو أنه يوجد تحالف غير مكتوب بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، فإن جميع الخيارات بينهما كانت على الطاولة سواء كتبت أم لم تكتب".

فالسجن دون محاكمة والإعدام خارج نطاق القانون وانتهاكات حقوق الإنسان والفساد والحكم العسكري كلها من خصائص جميع الدول العربية السنية تقريبا -وإسرائيل في الأراضي المحتلة أيضا، يضيف الكاتب-.
أما بالنسبة لقول ان الجزيرة "مؤيدة للإرهاب"، وفق قول الوزير الإسرائيلي قرة، فيتوجب علينا أن نتساءل أولا، ألم يقم السنة العرب في الخليج بدعم الإسلاميين السنة الأكثر شراسة في الشرق الأوسط بالمقاتلين والأموال؟ ثم يتوجب علينا أن نسأل أيضا، لماذا لم تقم إسرائيل بقصف هذه "المخلوقات الخبيثة" نفسها؟ بل، ألم تقدم إسرائيل العلاج للمقاتلين الجرحى من جبهة النصرة السنية في مستشفياتها؟ مع العلم أن "النصرة" هي جزء من تنظيم القاعدة مرتكب هجمات 11 أيلول، ألم تمتنع إسرائيل عن القصف وهي تعلم ان مهمة "النصرة" كانت مهاجمة حزب الله الشيعي والعلويين (الشيعة) حكام سوريا؟ ولماذا لا تتوقف إسرائيل عن التهديد بقصف إيران الشيعية؟

في هذا السياق، يتوجب علينا أن نتذكر أن الرئيس الأمريكي ترامب ونظامه، غريبي الأطوار، هما أيضا جزء من التحالف السعودي-الإسرائيلي المناهض للشيعة. فصفقات بيع الأسلحة باهظة الثمن من ترامب للسعوديين والبالغة (350) مليار دولار، واشاراته الدائمة الى إيران في كل صغيرة وكبيرة، وكراهيته للصحافة والقنوات التلفزيونية، عوامل تجعله جزءا لا يتجزأ من هذا التحالف.

كما يجب علينا أن نتذكر، أن أحد أسلاف ترامب، وهو جورج دبليو بوش، كان أيضا شديد الكراهية لإيران، وقد تماهى مع السعوديين في ذلك، وقد ثبت تحادثه مع توني بلير بشأن قصف مقر الجزيرة في قطر. وهو أيضا من تأكد من أن عائلة بن لادن الغنية قد غادرت الولايات المتحدة بعيد هجمات 11 أيلول. ان كل هذا يؤشر على وجود "عهد أمريكي-سعودي-إسرائيلي" طويل الأمد وذو تاريخ.

كوني متفائل، ربما تفاؤلا غير عقلاني، فانه ما يزال يوجد في الجانب الصحافي مني جزءا بريئا لم يخدش، وهو الايمان بالتعلم والحكمة والرحمة. "انني أرى أنه ما يزال هناك بعض الإسرائيليين يطالبون بإنشاء دولة للفلسطينيين، وهناك مثقفون سعوديون يجاهرون بمعارضتهم للوهابية "الحمقاء" التي تأسست عليها مملكتهم، وأن هناك ملايين الأميركيين، ومن الشاطئ الشرقي للولايات المتحدة الى الشاطئ الغربي، الذين يعتقدون أن إيران ليست عدوا لهم كما لا يرون في السعودية صديقا لهم. ولكن المشكلة الأكبر هذه الأيام، في الشرق كما في الغرب، تكمن في أن حكوماتنا ليست صديقة لشعوبها. بل على العكس، حكوماتنا اما أنها تضطهدنا أو أنها تلعب دور أسيادنا، وهي أيضا من يقمع الحقيقة ويحالف الظالم".

يريد نتانياهو إغلاق مكتب الجزيرة في القدس. يريد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إغلاق مكتب الجزيرة في قطر. جورج بوش قام فعلا بقصف مقري الجزيرة في كل من كابول وبغداد. قامت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بإخفاء تقرير حكومي عن تمويل "الإرهاب"، خشية أن يزعج السعوديين.  ولهذا السبب أيضا، قام بلير بإخفاء التقرير، منذ عشر سنوات، عندما حققت معه الشرطة البريطانية آنذاك بشأن رشوة مزعومة من قبل السعودية.

ونتساءل فوق كل ذلك، لماذا نذهب إلى الحرب في الشرق الأوسط؟ ونتساءل عن سبب وجود داعش السنية بأموال العرب السنة في الخليج؟ ولماذا لم تقصفه إسرائيل؟ ولماذا قام رؤسائنا من قبل بدعم ورعاية زملائهم السلفيين السنة؟
أعتقد أن من الأفضل، ان لزم الأمر، أن نراقب الجزيرة بدلا من اسكاتها.

يذكر أن الكاتب نشر ضمن مقاله، ثلاثة فيديوهات:

الأول حصري للجزيرة ويعلن فيه الزعيم السابق لجبهة النصرة انشقاق الجبهة عن تنظيم القاعدة (بما يشمل تغيير اسمها الى "جبهة تحرير الشام"، تجنبا لضربها في حال أبقت على ارتباطها بالقاعدة).

 
 
يتضمن الفيديو الثاني نقاشا في احدى اللجان البرلمانية البريطانية، ويقاطع فيه أحد المرشحين المستقلين المتحدث السيد أمبر رود مطالبا اياه بوقف خطابه عندما تناول مبيعات الأسلحة إلى السعودية.
 
 
الفيديو الثالث، يشير الى "انتهاك حقوق الانسان"، حيث يتناول اعتقال المملكة العربية السعودية لمغني قام برقصة "الداب" على المسرح. ("الداب: رقصة تنتقد عملية قطع الرؤوس من خلال اخفاض الرأس ورفع اليدين بالتناوب خلال الرقصة).
 
 
عن: ذي إندبندنت - ترجمة ناصر العيسة
تصميم وتطوير