هل تنجح رئيسة يهودية لليونسكو بوقف انحيازها ضد إسرائيل؟

17.10.2017 02:27 PM

ترجمة خاصة وطن - ترجمة: ناصر العيسة - عن:جيروزالم بوست:  تتمسك العديد من الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) بمواقف مناهضة لإسرائيل. فهل يمكن لرئيسة اليونسكو الجديدة تغيير هذه المواقف؟

قد يبدو إشغال منصب المدير العام لليونسكو من قبل شخصية يهودية نوعا من رد الاعتبار لمنظمة طالما اشتهرت لما يقرب من خمسة عقود بالتحيز ضد إسرائيل، وفق الكاتب. ويبدو أن فكرة وصول وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة، أودري أزولاي، أفضل تصور ممكن أن تتخيله إسرائيل بين العديد من المرشحين العرب للمنصب الهام. وقد كان هذا الأمر بمثابة حلم بعيد المنال قبل ستة أشهر فقط عندما كان يتم تجنيد الآراء، وحشد الأصوات من أجل انتخاب رئيس شرق أوسطي أو إفريقي للمنظمة الدولية.

وقد جاء الاقتراع السري، بتاريخ 13/10/2017، لأزولاي من قبل المجلس التنفيذي لليونسكو بعد يومين فقط من حدوث أمر غير عادي على مستوى اليونسكو عموما، وهو قرار المجلس التنفيذي بتجميد الموافقة على اثنين من القرارات المناهضة لإسرائيل، لمدة ستة أشهر.

من ناحية أخرى، ينبغي على أولئك الذين يعتقدون أن أزولاي يمكن أن تنهي "تسييس" اليونسكو أن يتريثوا ، لأن من الضرورة معرفة إلى أين ستتجه الأمور قبل نزع سدادة زجاجة الشمبانيا ونثر الحلوى. إن بزوغ فجر حقبة جديدة في تاريخ المنظمة التي تكرس نفسها لحفظ الموروث الثقافي العالمي، لم يتأكد بعد.

وكانت المديرة العامة المنتهية ولايتها، إيرينا بوكوفا، على علاقات جيدة مع المسؤولين الإسرائيليين ومع الجماعات اليهودية قبل تولي منصبها. وفي بداية عملها، ظهرت الخلافات وبدت العلاقات بالتوتر منذ أن صوتت اليونسكو على قرار الاعتراف بفلسطين كدولة عضو في العام 2011. ثم عادت العلاقات وتحسنت مع بوكوفا عندما قامت بالاعتراض على بعض القرارات المثيرة للجدل تجاه إسرائيل.

وقد شملت التوترات تلك قرارا شهيرا وحساسا اتخذ في عام 2016، وهو نزع "صفة اليهودية" عن الموقع الديني الأكثر قدسية وهو جبل الهيكل، وفق مصطلح الكاتب. وفي هذا السياق، كتبت بوكوفا بعد صدور القرار عام 2016: "إن تراث القدس غير قابل للتجزئة، ولكل مجتمع من مجتمعاتها الحق في الاعتراف الصريح بتاريخه وعلاقته بالمدينة. وإن إنكار أو إخفاء أو محو أي من التقاليد اليهودية أو المسيحية أو الإسلامية يؤدي إلى تقويض سلامة الموقع، بما يتعارض مع مبررات إدراجه في قائمة اليونسكو للتراث العالمي".
الأهم من ذلك، عقدت بوكوفا معرضا في مقر اليونسكو، عام 2014، بالتعاون مع مركز سيمون فيزنتال، حول التاريخ اليهودي في إسرائيل من العصور التوراتية وحتى الوقت الحاضر. من الجدير بالذكر أن المعرض نظم تحت عنوان "الشعب والكتاب والأرض: علاقة تمتد ل (3,500) سنة بين الشعب اليهودي والأرض المقدسة".

وقد تعرضت رغبة بوكوفا في الوصول إلى نهج أكثر إنصافا تجاه إسرائيل في اليونسكو إلى العرقلة المتكررة، تماما مثل الحالة التي تعصف بالأمم المتحدة في جنيف ونيويورك عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، حيث تتخذ معظم قرارات الأمم المتحدة بأغلبية الدول الأعضاء، التي يتخذ معظمها مواقف مناهضة لإسرائيل.

كانت أزولاي مرشحة فرنسية، وليست مرشحة يهودية. وعقب إعلان النتائج مباشرة، وعدت بالعمل على استعادة مصداقية اليونسكو كأولوية أولى لها، لكنها لم تذكر إسرائيل في كلمتها. ويرى الكثيرون أن أزولاي قادرة مهنيا على قيادة المنظمة بكفاءة، ولكنهم يشعرون بالقلق حيال كونها قد تعاني من بعض المشكلات التي لا يمكن التغلب عليها. وطبقا لدبلوماسيين أيضا، فإن الخلفية اليسارية الاشتراكية لأزولاي تسببت بالقلق لإسرائيل لأنها بهذا لن تكون داعمة تلقائيا للدولة اليهودية. وإذا قدر لأزولاي أن تنجح في مهمتها، فمن المرجح أن النجاح سيرجع إلى توقيت استلامها للمهمة، وليس إلى ديانتها.

ولو افترضنا أنه سيتم التأكيد على انتخاب أزولاي من قبل الدول الأعضاء ال (195) في اليونسكو، في الانتخابات التي ستتم في شهر تشرين الثاني 2017، فإن توليها للقيادة يأتي مباشرة بعد إعلان الولايات المتحدة أنها ستغادر المنظمة مع نهاية عام 2018 بسبب التحيز ضد إسرائيل. كما تأتي بعد إعلان إسرائيل أنها ستتبع الخطوة الأمريكية وتنسحب أيضا، مما يعني أن أزولاي تلتحق بعملها مع حلول المزيد من المتاعب.

ومن المفترض أنه إذا تمكنت أزولاي من الإيفاء بوعدها الإصلاحي، فإن الولايات المتحدة ستغير رأيها وتبقى في المنظمة. وتعقيبا على ذلك، قالت أزولاي: "في هذه المرحلة من الأزمة، أعتقد أننا بحاجة إلى العمل من داخل اليونسكو أكثر من أي وقت مضى، وذلك من أجل دعمها وتعزيزها وإصلاحها، بدلا من الانسحاب منها".

وربما يكون التهديد بالانسحاب بمثابة السلاح الأكثر نجاعة لدفع عملية الإصلاح، ويمكن بالتالي أن يكون العامل الحاسم الذي يسمح لها برسم مسار أكثر توازنا وأقل دوافع سياسية للمنظمة. وقد ينعكس ذلك إيجابا على إسرائيل في حرب الثقافة التي اندلعت بينها وبين الدول العربية في اليونسكو.

من الجدير بالذكر، أن الولايات المتحدة كانت ملتزمة بتقديم (22%) من إجمالي تمويل اليونسكو، إلى أن أوقفت تمويلها عام 2011، احتجاجا على اعتماد فلسطين كعضو في المنظمة. ونتيجة لذلك، فإن إجمالي مساهمة الولايات المتحدة الملغاة بلغت الان (600) ألف دولار، وينبغي تعويضها من مصادر بديلة كي تتمكن المنظمة من العمل بشكل طبيعي.
وإذا قدر في نهاية المطاف، تعويض هذا النقص، فلن يتم ذلك إلا من أموال تلك الدول التي تؤمن وترغب في الإبقاء على حيوية المنظمة أكثر من اكتراثها بتصرفات مديرها العام.

تصميم وتطوير