إسرائيل تحتفظ لنفسها بخيارات عسكرية دون خطوط حمراء في سوريا

19.10.2017 02:27 PM

ترجمة خاصة وطن: ترجمة ناصر العيسة - "ذي جيروزالم بوست": نشرت "ذي جيروزالم بوست" مقالا للكاتب تشارلز بايبلزر أثار فيه مخاوف إسرائيل من مخاطر الوجود الإيراني في سوريا، وتناول أهمية التنسيق الإسرائيلي الكامل مع موسكو، التي وصفها بأنها تملك كل أوراق اللعبة في سوريا، وبالتالي فهي (أي روسيا) القوة الوحيدة القادرة على كبح جماح طهران والحد من توجهاتها، وذلك لما فيه من مصلحة لروسيا ذاتها، قبل النظر إلى مطالب إسرائيل والدول السنية في المنطقة:

قامت المقاتلات الإسرائيلية، يوم الاثنين 16/10/2017، بتدمير بطاريات سورية مضادة للطائرات، من طراز "أس أي-5"، وذلك شرقي مدينة دمشق. جاء ذلك في أعقاب قيام نظام الدفاع الصاروخي السوري بالرد الناري على طائرات استطلاع إسرائيلية كانت تقوم بجولات وصفتها اسرائيل بـالـ"روتينية" فوق المجال الجوي اللبناني.

وتفيد التقارير بوجود العديد من الحالات غير المعلنة التي تم فيها استهداف الطائرات الحربية الإسرائيلية بطريقة مشابهة. من بين تلك الحالات ما حدث في شهر آذار 2017، عندما قامت منشأة عسكرية تابعة للحكومة السورية بإطلاق ثلاث قذائف على طائرات إسرائيلية كانت مكلفة بضرب قافلة أسلحة متجهة إلى حزب الله في لبنان.

وفي أعقاب حادثة شهر اذار، قال المتحدث باسم جيش الاحتلال بأن جيشه يعتبر أن الرئيس السوري بشار الأسد المسؤول الأول عن الصواريخ، كما يراها استفزازا سوريا واضحا لا يمكن قبوله.

وأكد أنه بالرغم من أن اسرائيل ليس لديها أية نية للتورط في الصراع السوري، إلا أن الجيش الإسرائيلي لن يتوانى، وبشكل مباشر، عن الرد على أية أعمال عدائية ضده.
من جانبه، حذر نظام الأسد من "عواقب وخيمة ردا على المحاولات الإسرائيلية المتكررة للاعتداء على الأراضي السورية".

وفي حديث ل "ميديا لاين"، قال العميد احتياط ريليك شافير - وهو طيار سابق في سلاح الجو الإسرائيلي، شارك في الهجوم على المفاعل النووي في العراق عام 1981 - أنه في حين أن المواجهة الأخيرة يوم الإثنين كانت محفوفة بالمخاطر، فإن من غير المرجح حدوث المزيد من التصعيد.

وقال شافير: "إن تجربة إسرائيل السابقة - وخصوصا مع والد الأسد الذي كان قائدا لسلاح الجو السوري في السابق – تشير إلى أن النظام وقواته تتخذ المنطق في حساب الأمور عند المواجهات، وليست ذات رأس حام" وفق مصطلحه.
وأضاف، بـأن السوريين كانوا يحاولون على الأرجح اختبار صبر إسرائيل والروس، خصوصا في ضوء زيارة وزير الدفاع الروسي إلى إسرائيل. إلا أنهم تلقوا الرد الإسرائيلي بشكل أسرع من المتوقع".

تدخلت روسيا في الحرب في سوريا عام 2015، مما دفع إسرائيل إلى وضع آلية عمل وتنسيق مع موسكو لمنع وقوع تضارب وحوادث بين الجيشين. ووفقا لتقدير شافير، فإن الشرط الأساس المتفق عليه بين الطرفين هو وجوب الالتزام الصارم بالتفاهم كي لا تقع أية أخطاء، كتلك التي ارتكبت عندما أسقط الأتراك طائرة روسية على الحدود السورية عام 2015".

مكوكيات نتنياهو الى موسكو
وقد قام نتانياهو بأربع رحلات إلى الكرملين خلال ال (18) شهرا الماضية فقط، لممارسة الضغط على الرئيس فلاديمير بوتين بخصوص وجهات النظر الإسرائيلية. وفي هذا السياق، أعرب نتنياهو مرارا وتكرارا عن قلقه إزاء اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه روسيا وأمريكا في جنوب سوريا، والذي يدعي نتنياهو أنه غض الطرف عن هدف طهران المتمثل في "عسكرة" هضبة الجولان، وهو بمثابة خط أحمر كبير بالنسبة لإسرائيل.

ومن شأن مثل هذا الاحتمال التوسعي لإيران، أن يسمح للجمهورية الإسلامية بتوطيد ما يسمى ب "الهلال الشيعي"، وبالتالي السيطرة على ممر أرضي متصل يمتد عبر العراق وسوريا ولبنان. وهو ما يعتبر بمثابة تطور وسيناريو تعارضه إسرائيل بشدة، كما تقف ضده الدول السنية الإقليمية التي تخشى التوسع الإيراني المتزايد، مثلما إسرائيل.

وقد كررت الحكومة الإسرائيلية موقفها مرارا بأنها لن تتوانى عن استخدام القوة لتحقيق رؤيتها، ومنع نقل أسلحة متقدمة إلى حزب الله، وبالتالي احباط مسعى إيران لإيجاد موطئ قدم دائم لها في سوريا.
ويعتقد شافير أن بوتين سيكون قادرا على الأغلب على التعامل مع هذه المواقف، لأن روسيا غير معنية بأي حال بوقوع اضطرابات على الحدود السورية أو اللبنانية مع إسرائيل. ومع ذلك، شدد شافير على أن جيش الاحتلال يستعد لأي احتمال كي تكون لديه القدرة على المعالجة السريعة إذا دعت الحاجة. فعلى سبيل المثال، إذا كان الإيرانيون يخططون لإنشاء أي نوع من البنية التحتية العسكرية خارج نطاق دمشق، فإن إسرائيل تحتفظ لنفسها بحق الرد على مثل هذا التهديد أولا بأول من أجل الحفاظ على التوازن.

ولدى إسرائيل في الواقع تاريخ طويل من القيام بعمليات عسكرية من هذا القبيل على الأراضي السورية، وعلى الأخص تدميرها لما قالت إنه مفاعل نووي في منطقة دير الزور، عام 2007، وفق تعبير شافير.

من جانب اخر، أبدى الجنرال المتقاعد إسرائيل زيف، الذي شغل منصب رئيس العمليات في أركان جيش الاحتلال - وتولى صياغة "استراتيجيات الحدود" لجيش الاحتلال - موافقته على أن موسكو تمتلك البطاقات المؤثرة في سوريا، وهي بالتالي القوة الوحيدة القادرة على كبح مخططات إيران.

وأضاف زيف: "لا يبدو الأمر واضحا تماما بالنسبة لنا، ولكن ما نعرفه أن تحجيم أو توسيع مستوى التدخل الإيراني هو في أيدي الروس فقط. ونحن نعرف أن طرد طهران من سوريا ليس خيارا مطروحا بالنسبة لموسكو على الاطلاق. ولكن الحد من نشاط إيران يخدم المصلحة الروسية لأن هذا يسمح لبوتين بالحفاظ على ورقة نفوذ إضافية أمام الولايات المتحدة ودول المنطقة".

وعلاوة على ذلك، قال زيف: "يمتلك وكلاء إيران في سوريا حرية للعمل بلا حدود على الأراضي السورية، وهذا يتعارض مع رغبة روسيا في إنشاء نظام قابل للعمل. كما أن بوتين يريد لروسيا أن تكون القوة الوحيدة في البلاد، وهذا هو السبب الذي قد تقوم لأجله روسيا بالحد من نفوذ إيران، وليس استجابة لمطالب إسرائيل ودول المنطقة".

وفيما يتعلق بإسرائيل، أكد زيف أن عدم الاستقرار في سوريا يتطلب من جيش الاحتلال الحفاظ على قوة الردع والبقاء في حالة تأهب، لأن أي فوضى تقتضي تدخل إسرائيل. غير أنه لا يرى أن خطر التصعيد مرتفع لأن الأطراف الفاعلة في سوريا مستنفدة ونازفة تماما. ولذلك فإن فتح جبهة جديدة ضد إسرائيل ليس لصالحهم".

وبناء على ذلك، يتفق معظم المحللين على أن الوضع الراهن سيسود في الوقت الحالي، مع بقاء الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات: فإسرائيل ستبقى متأهبة لأي احتمال، وإيران ستبقى مريبة في محاولة لإيجاد قواعد عسكرية دائمة في الجولان، وقد تنفجر الأمور إذا سقطت طائرة إسرائيلية في المستقبل في حال لم تنجح في تجنب الصواريخ السورية القادمة.

تصميم وتطوير