رغم الإجراءات الأمريكية: حركة المقاطعة تنمو وملايين الهنود ينضمون إليها

06.11.2017 01:43 PM

ترجمة خاصة-وطن: نشرت صحيفة "ليبيريشن" مقالا للكاتب ساتيا فاتي، تناول فيه نمو حركة المقاطعة لإسرائيل على المستوى الشعبي ومستوى الاتحادات وبعض الأحزاب في الهند، على الرغم من التقارب المتزايد بين الحكومتين اليمينيتين في الهند وإسرائيل. كما تطرق الكاتب إلى القوانين والإجراءات التنفيذية التي سنتها واتخذتها بعض الولايات الأمريكية لتقييد ومعاقبة حركة المقاطعة الفلسطينية لإسرائيل:

في وقت سابق من شهر تشرين الأول 2017، انضم نحو (16) مليون من الهنود إلى حركة "بي دي اس" (حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها)، في تحرك منهم ضد الفصل العنصري الإسرائيلي، ودعما منهم لحقوق الشعب الفلسطيني، وفي سبيل وضع حد لاستحواذ الشركات الإسرائيلية على القطاع الزراعي في الهند.
يذكر أن الملايين الجدد من الهنود المنضمين إلى حركة المقاطعة هم أعضاء في اتحاد "أول إنديا كيسان سابها-أيكس"، وهو حركة المزارعين التابعة للحزب الشيوعي الماركسي في الهند.

تم تأسيس منظمة "أيكس" في العام 1936 كجزء من تحركات وجهود التعبئة الشعبية التي نشأت حينذاك في سعي لإنهاء الاستعمار البريطاني للهند. واستمر عملها إلى اليوم، حيث تلعب دورا هاما في مقاومة السياسات "النيوليبرالية" في الهند والتي تعتبر بمثابة "مصيدة الموت للمزارعين وعمال القطاع الزراعي في الهند، وفق الكاتب (النيوليبرالية: شكل معدل من الليبرالية الصريحة، يميل إلى تفضيل رأسمالية السوق الحرة).

وتعقيبا على هذا التطور اللافت، قال منسق منطقة جنوب آسيا مع حركة "بي دي اس" الفلسطينية: "من خلال انضمامها إلى حركة المقاطعة، فإن أيكس ترفع صوتها في وجه سياسات الكراهية لرئيس الوزراء الهندي مودي، وفي وجه رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو، والرئيس الأمريكي ترامب. وهي بهذا تنضم إلينا لبناء عالم أكثر حرية، عادل وتعمه المساواة".

تحتفظ الهند وإسرائيل، كدولتين وحكومتين، بعلاقات دبلوماسية منذ (25) عاما. علة الجانب الاخر، فإن التضامن بين الهند وفلسطين على المستوى الشعبي ليس بالجديد، بل هو ذو علاقة خاصة وممتد منذ سنوات طويلة.

ومع ذلك، فإن الدعم الهندي المتجدد للتحرر الفلسطيني، من خلال الملايين ال (16) من أبناء الطبقة العاملة الهندية، في ظل تقارب وتحسن العلاقات بين الحكومتين اليمينيتين في البلدين، يرسل رسالة واضحة جدا. رسالة مفادها المزيد من الدعم للمقاومة الجماهيرية ضد "القومية الرجعية"، و"التطرف الديني" اللذين تغذيهما الحكومتان المتورطتان بطريقة أو أخرى في دعم الاضطهاد والإبادة الجماعية والتشريد الجماعي للشعوب المضطهدة.

تدرك منظمة "أيكس" أهمية منع إسرائيل وشركائها من تحقيق مكاسب على الساحة الهندية، سواء تحقيق مكاسب معنوية أو جني أرباح مادية، لأن هذه الأرباح ستذهب إلى مساعدة إسرائيل في تمويل احتلالها العسكري وتعزيز إجراءات الفصل العنصري في فلسطين.

قوانين أمريكية لإحباط جهود مقاطعة إسرائيل
بعد أن دمر إعصار "هارفي" منطقة ديكنسون بولاية تكساس، تم تأسيس صندوق ديكنسون-هارفي لإغاثة المنطقة المنكوبة وساكنيها. تضمن عقد الإغاثة الفردية أو الجماعية توقيع المستفيدين، سواء سكان أو شركات، على شرط يقتضي منهم الالتزام كتابيا بأنهم لن يقاطعوا إسرائيل، وذلك تمشيا مع تشريع مكافحة المقاطعة الذي صدر وتم اعتماده في ولاية تكساس في شهر أيار 2017. لقد أعلن ذلك التشريع صراحة أن "أية سياسات معادية لإسرائيل هي سياسات معادية لتكساس".
وبعد أن دفع اتحاد الحريات المدنية الأمريكية والجماعات المؤيدة لفلسطين بطعن على التشريع، تمت إزالة شرط الإقرار والتوقيع عن الأفراد، في حين ظل قائما بخصوص الشركات، حيث ما يزال يتعين على الشركات أن تتعهد بعدم مقاطعة "الدولة الصهيونية".

هذا وقد قامت (24) ولاية أمريكية بسن قوانين وقرارات ضد حركة مقاطعة إسرائيل، حيث أصبحت ولاية "ويسكونسن" أحدث الولايات المنضمة إلى تلك القائمة.

وأعلن الرئيس التنفيذي ل "مشروع إسرائيل"، وهو مجموعة ضغط مؤيدة لإسرائيل بشكل كبير، موقفا جديدا لمجموعته قائلا: "من الشمال إلى الجنوب، فإن الولايات الأمريكية باختلاف ألوانها -سواء ذات اللون الأزرق (أغلبية ديمقراطية) أو الولايات ذات اللون الأحمر (أغلبية جمهورية)، وبدعم قوي من الحزبين الكبيرين -قد طلبت من مشرعيها مجابهة حركة المقاطعة. وبالفعل، قام المشرعون في (24) ولاية بإعلان أن حركة المقاطعة تعتبر شكلا من أشكال التمييز. وعلى الصعيد التنفيذي، قام المشرعون بإرسال إشارة واضحة إلى ولاياتهم بضرورة عدم التسامح أو التغاضي عن أية أموال من دافعي الضرائب قد تذهب لدعم الكراهية المعادية لإسرائيل"، وفق الرئيس التنفيذي المذكور.

تتمتع القوانين والقرارات المناهضة لحركة المقاطعة بدعم واسع سواء على مستوى الولايات الأمريكية منفردة، أو على المستوى الوطني في أمريكا، وبالتالي فهي تكشف المواقف المنافقة والسطحية للحزب الديمقراطي ومؤسساته في دعم حقوق الإنسان. فبينما يرفض الساسة الديمقراطيون الحملات التي تقوم بها حركة المقاطعة تحت شعار "مكافحة الكراهية"، إلا أنهم لا يهتمون بالمقابل بحقوق الشعب الفلسطيني المضطهد، ولا يدينون سياسات الإبادة الجماعية التي تقوم بها دولة إسرائيل.

وبينما يشعر الساسة الأمريكيون بالقلق إزاء احتمال تسرب أموال دافعي الضرائب لتمويل أعمال "كراهية مناهضة لإسرائيل"، الا أنهم يتغاضون عن القرار الرسمي الأمريكي بإرسال (38) مليار دولار من أموال دافعي الضرائب إلى إسرائيل، كمساعدات عسكرية خلال السنوات العشر المقبلة. علما أن هذه المساعدات استخدمت وستستخدم لإسقاط المزيد من القنابل على غزة، أو تهجير الفلسطينيين أو قتلهم. وبالتالي، يتم في هذه الالية التغاضي عن الأعمال الإرهابية التي تقوم بها دولة إسرائيل، أما دفاع الفلسطينيين عن أنفسهم فيعتبر مدانا بلا مواربة.

وعلى النقيض من جبن وتردد المستوى السياسي، وخاصة الساسة الإمبرياليين، فإن الطبقات العاملة، والطبقات العادية، والشعوب المضطهدة في جميع أنحاء العالم مستمرون في الوقوف جنبا إلى جنب مع الفلسطينيين. كما أنهم مستمرون في التضامن معهم من أجل العدالة ومن أجل حريتهم، في مواجهة مشروع الفصل العنصري الإسرائيلي الصهيوني. وفي الوقت الذي تدفع فيه الإمبريالية بالمزيد من القوانين والإجراءات لمكافحة حركة المقاطعة على أمل تخويف الجماهير ودفعها إلى التخلي عن دعم النضال الفلسطيني نحو التحرر، إلا أن الناس لا يتخلون عنها، وما يلبثوا أن يجددوا معنوياتهم ويعودوا إلى المواجهة من جديد.

 

ترجمة: ناصر العيسة، عن: "ليبيريشن"

تصميم وتطوير