الشتاء يقترب من غزة ايضاً

11.11.2017 12:13 PM

وطن: يكتب يوآب ليمور، في "يسرائيل هيوم"

تم هذا الأسبوع، بقدر ما، تخفيض حالة التأهب التي تم اعلانها في محيط قطاع غزة، في اعقاب كشف النفق التابع للجهاد الإسلامي وتفجيره على من تواجدوا فيه. وفي يوم الاثنين، سمح الجيش الإسرائيلي باستئناف العمل في تشييد الجدار الذي يحمي حدود قطاع غزة، كما أعطيت لاحقا، تصاريح للمزارعين بالعمل في الأراضي، في مناطق معينة.

ومع ذلك، فإن نقطة الانطلاق لا تزال كما هي - سوف يأتي الرد. لقد تعرضت حركة الجهاد الإسلامي لضربة قاسية، عسكرية وشخصية. لم تفقد فقط، النفق الذي تم حفره على مدى فترة طويلة، بل أصابت الأضرار رجالها، ايضا - بما في ذلك قادة كبار. وحقيقة أن إسرائيل استولت على جثث الحفارين الذين بقوا في أراضيها، وترفض إعادتهم إلى غزة، تعتبر "ضربة بين العينين"، على حد تعبير مسؤول امني رفيع.

لقد اتخذت إسرائيل قرارا واعيا، بالسيطرة على شدة هذه الضربة. فلدى الجيش الإسرائيلي صور للنفق وصور لجثث الحفارين الذين قتلوا فيه، وكان من الممكن إجراء احتفال إعلامي كامل لهم، لكنه تقرر تجنب ذلك. ربما لن يعجب ذلك وزير التعليم نفتالي بينت، ولكن التوجيه السياسي للجيش الإسرائيلي هو منع التصعيد. وكان واضحا للجميع أن نشر الصور المستفزة سيؤدي إلى عكس ذلك تماما.

صحيح ان الجهاد الاسلامي صرح بأنه سيرد ("نحن نعرف كيف نعيد رجالنا"- قال المتحدث باسم الحركة، في تلميح مفصل الى الى احتمال تشغيل نفق اخر لاختطاف الاسرائيليين واطلاق سراح الاسرى والجثث)، ولكن الامتناع عن القيام بذلك، على عكس ما كان متوقعا من منظمة راديكالية لا يقع عبء السلطة على اكتافها - يدل على مجموعة من الاعتبارات التي لا يعتبر الانتقام مركزيا فيها.

الأوضاع في غزة كارثية، وليس أقل من ذلك. وقد قيل الكثير بالفعل عن البنية التحتية وأزمة الطاقة، مع حوالي 3.5 ساعة من تزويد الكهرباء يوميا، ومشاكل حادة في شبكات المياه والصرف الصحي. وتم الحديث بشكل اقل عن الأزمة الاقتصادية الأوسع نطاقا، خاصة في سوق العمل. وتظهر البيانات التي يوفرها مكتب منسق اعمال الحكومة في المناطق، أن 44 % من سكان غزة عاطلون عن العمل، وأن متوسط أجور العاملين 60 شيكل في اليوم.

وترد هذه الأرقام في مقال نشره منسق العمليات، الجنرال يواف (بولي) مردخاي، واثنان من كبار المسؤولين في مكتبه، على موقع معهد دراسات الأمن القومي. ويتناول جوهر المقال ابناء "الجيل الجديد"، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 30 عاما، الذين يرون أنفسهم يفتقرون إلى آفاق - شخصية وجماعية. هؤلاء الشباب لديهم خلفية مماثلة: فهم يأتون في الغالب من مخيمات اللاجئين، وتسربوا في سن مبكرة من جهاز التعليم، ومعظمهم يتحدثون عن حالة فقر مدقع وتواصل هش مع عائلاتهم. 

دعم لموقف بولي

حماس، التي تسيطر على غزة، تدرك الخطر المحتمل الكامن في شباب المدينة اليائسين. وهي تحاول تجنيدهم إلى جانبها بطرق، منها اتهام إسرائيل بمحنة سكان غزة. ولكن محنة السكان كبيرة لدرجة أن حماس مضطرة لتقديم تنازلات استراتيجية، وليس أقل من ذلك، من أجل الحفاظ على سلطتها وتقليل فرص الانقلاب من الداخل.

ومن الأمثلة على ذلك، ضبط النفس الذي تفرضه حماس على الجهاد الإسلامي، خشية تصعيد غير مرغوب فيه من شأنه أن يجلب المزيد من الدمار لقطاع غزة. وهناك مثال آخر، أكثر أهمية، هو محادثات المصالحة التي تجريها مع السلطة الفلسطينية، بوساطة مصر. وعلى الرغم من الآمال، فان المقصود حاليا مجرد تصريحات في الأساس؛ ذلك ان الرئيس محمود عباس لم يدفع حتى الان الرواتب أو رسوم تزويد الكهرباء أو ترميم البنية التحتية، وحماس من جهتها، ليست مستعدة حتى لمناقشة إمكانية نزع سلاحها.

ومع ذلك، تتواصل الاتصالات. ويصل وزراء ومسؤولون من السلطة الفلسطينية الى قطاع غزة ويغادرونه، وتم تسليم معبري إيريز وكرم ابو سالم للسلطة الفلسطينية، التي نشرت رجالها هناك. وعلى معبر رفح - الذي لم يفتح بعد للدخول والخروج المنتظمين بين قطاع غزة وسيناء – تم رفع صور كبيرة للرئيس المصري السيسي، والرئيس عباس، لكي يكون واضحا من هم أصحاب البيت. وقد شاهدت حماس ذلك واضطرت الى كبح نفسها.

يفترض بالخطوات التالية أن تكون أكثر أهمية. أبو مازن، على الرغم من الضغوط المصرية، يلعب بالأوراق قريبا من صدره، ويرفض الالتزام بجدول زمني واضح للعمل. فهو يفهم، أيضا، أن حماس هي الجانب المضغوط اكثر حاليا. وبعد مرور عقد من الزمن على سيطرته على قطاع غزة، يتدهور الوضع الداخلي من يوم لآخر، ولا يظهر في الأفق أي دليل على مستقبل أفضل.

يحذر الجنرال مردخاي ومساعديه من أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر طويلا. وانه في وقت ما سينفجر قطاع غزة. وقد يحدث ذلك نتيجة فشل محادثات المصالحة أو نتيجة لتصعيد أمني، وقد يصل الصدى إلى إسرائيل أو إلى حماس نفسها في الداخل. ولمنع ذلك، تحاول حماس إغاثة قطاع غزة من خلال تحسين الوضع الاقتصادي. ويعتقد منسق الاعمال الحكومية في المناطق أن إسرائيل أيضا تضطلع بدور هام في هذه العملية، ليس فقط لأنها لا تريد أن تتطور كارثة إنسانية في غزة، بل أيضا بسبب الخوف من قيادة "الجيل الجديد" لانقلاب يحضر الى السلطة جهة اشد تطرفا من حماس.

وجاء في المقال ان "النظرة الإسرائيلية على قطاع غزة تركز حاليا على محنة مليوني فلسطيني يعيشون في نفس المنطقة المكتظة بالسكان، وتترافق مع الفهم بأن لوضعهم الاقتصادي آثار مباشرة ودراماتيكية على الوضع الأمني في المنطقة. ونتيجة لذلك، فانه كلما تفاقمت أوضاع سكان غزة، كلما زدنا من فرص حدوث جولات اخرى من العنف في هذه المنطقة، في المستقبل".

ان استنتاجهم هو أن هناك حاجة إلى حل من شأنه أن يجلب بشائر حقيقية لسكان غزة، نوع من "خطة مارشال" تشمل مبادرات واستثمارات دولية من شأنها تمكين إعادة الإعمار الحقيقي والتغيير. إن لدى إسرائيل قدرا كبيرا من الوزن في وضع مثل هذه الخطة التي ستستغرق وقتا طويلا، ولكن إذا تم ذلك بشكل صحيح، فإنها يمكن أن تزيد بشكل ملحوظ من وزن السلطة الفلسطينية في قطاع غزة على حساب حماس.

في الجهاز الأمني هناك تأييد واسع النطاق للموقف الذي يعرضه المنسق. ولا يدعمها رئيس الأركان وقادة الجيش فقط، بل الكثير من رجال الشاباك وعدد غير قليل من اعضاء المجلس الوزاري المصغر. المسألة مطروحة على باب القيادة السياسية، التي يمكن أن تقود مع مصر والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة (والسلطة الفلسطينية) خطوة من شأنها أن تحول هذه المعضلة بكاملها الى حماس: أن تكون مسؤولة عن إعادة اعمار غزة، أو مواصلة عملية تدميره.

وإلى أن يحدث ذلك، ستظل إسرائيل في حالة تأهب. والتقييم هو أن الجهاد الإسلامي يسعى للانتقام، بشكل يؤلم إسرائيل، ولكن ان يكون محدودا في حجمه ولا يؤدي إلى التصعيد. كما هو الحال دائما، فإن هذا لعب بالنار. والسؤال هو ما إذا كانت الأطراف ستنجر اليها أو يتم اتخاذ خطوات يمكن أن تمنعها.

تصميم وتطوير