اكتشافات اثرية في قمران قرب البحر الميت، تحرج أثريي الاحتلال في هوية المنطقة

27.11.2017 04:33 PM

وطن- ترجمة خاصة: مخطوطات قمران، هي لفائف عثر عليها راعيان فلسطينيان عام 1947 في خربة قمران قرب البحر الميت، وهي لفائف وجدت في جرار داخل كهوف الخربة. وقد نقل بعضها الى الولايات المتحدة واخرى الى متحف الاثار الفلسطيني في القدس وباحتلالها للضفة الغربية عام 1967، استولى اسرائيل على المخطوطات ونقلتها الى متحف في القدس الغربية  في انتهاك صريح للقوانين الدولية وقرارات اليونسكو. وهلل الاسرائيليون طويلا مشيعين الى ان المخطوطات كتبها حاخامات يهودا قبل 2700 سنة، لكن الاكتشافات الجديدة تحدت هذه النظرية.

ترجمة خاصة-وطن: تم مؤخرا العثور على (33) هيكل عظمي في منطقة "قمران" في الصحراء بالقرب من البحر الميت. وقد يساعد هذا الكشف في حل واحد من أهم الأسرار والألغاز في تاريخ المنطقة، والاجابة عن أسئلة هامة، مثل: من هم السكان الذين عاشوا في المكان الذي تم فيه العثور على مخطوطات البحر الميت؟ وهل كانوا من أسلاف اليهود؟ أم كانوا من البدو الرحل؟ أم من الرعاة؟ هل يمكن أن يكونوا حتى من الجنود الرومان؟

كان هناك جدل قائم ومستمر منذ عقود، حول الهوية الحقيقية لسكان منطقة "قمران"، الواقعة شمال البحر الميت، وتحديدا بالقرب من الكهوف التي تم فيها اكتشاف مخطوطات البحر الميت. ويذكر الموقع الالكتروني لمجلة "نيوز سينس" الأمريكية أن الفحص الدقيق ل (33) من الهياكل العظمية التي وجدت خلال البحث في الحفريات الأثرية في المنطقة يدعم الاعتقاد القائل بأن الموقع كان مأهولا من قبل رجال تركوا حياتهم العادية وانتقلوا إلى حياة الرهبنة.

وقد عرض الدكتور يوسي نجار، وهو اختصاصي في الأنثروبولوجيا (علم الإنسان)، ويعمل في هيئة الآثار الإسرائيلية هذه النتائج في المؤتمر السنوي للكلية الأمريكية لأبحاث الشرق (أسور)، بمدينة بوسطن في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. وقد استخدم نجار "نظام التأريخ الإشعاعي" (أي الكربون 14) في الوصول إلى النتائج التي عرضها هناك. كما حددت النتائج التاريخ الذي تم فيه كتابة مخطوطات البحر الميت، وهو (بين سنة 150 قبل الميلاد، وسنة 70 للميلاد)، وفق نجار.

الهياكل العظمية التي أعتقد أنها لنساء، تبين أنها هياكل لرجال

إضافة إلى ما سبق، بين نجار أن إعادة اجراء المزيد من الفحوصات العلمية ل (53) من الهياكل العظمية -والتي كان قد تم الكشف عنها في حفريات سابقة تمت في مقبرة قمران القديمة (هي حاليا في فرنسا) -أظهر اختلافا جزئيا في النتائج السابقة. فقد تبين أن (6) أو (7) من الهياكل العظمية التي كانت مصنفة سابقا كهياكل عظمية لنساء، هي في الواقع هياكل عظمية لرجال. وتجدر الإشارة إلى أنه تم أيضا الكشف في الموقع عن عدد صغير من الهياكل العظمية للأطفال.

تجد الإشارة إلى أن حنانيا حزمي ويفغيني أهارونوفيتش، وهما من اختصاصيي الأنثروبولوجيا، ويعملان في دائرة اثار الضفة الغربية التابعة للإدارة المدنية لسلطات الاحتلال، قد قاما باخر حفريات في موقع قمران، وذلك أواخر العام 2016. وقد لجأ الباحثان إلى يوسي نجار من أجل الوصول إلى تأكيدات ودراسة دقيقة للهياكل العظمية. وقد كشفت النتائج أن (30) من الهياكل العظمية، من أصل (33) تعود إلى رجال، مع درجة يقين عالية. وقد استند هذا التحليل على حجم الحوض وشكله. كما لم يكن من السهل فحص الهياكل العظمية الثلاثة الأخرى بسبب تردي حالتها.

وقد قدر نجار أن هؤلاء الرجال ماتوا بين عمر (20) و (50) عاما، أو أكثر بقليل. وقال نجار لمجلة "نيوز سينس" الأمريكية: "لا أعرف بالضبط فيما إذا كان هؤلاء الأشخاص هم الذين قاموا بكتابة مخطوطات البحر الميت، ولكن التركيز العالي لهياكل الرجال من مختلف الأعمار المدفونة في منطقة قمران يشبه النتائج التي تم العثور عليها في المقابر التابعة للأديرة البيزنطية".

ووفقا لمسوحات سابقة أجريت في منطقة قمران، قدرت المسوحات أنه قد تم إنشاء تلك المستوطنة قبل أكثر من (2700) عام. وقد أدت المعارك التي وقعت في المنطقة بالسكان إلى التخلي عن أماكن سكنهم في المنطقة والنزوح عنها، علما أنهم عادوا إليها وقاموا باستصلاحها قبل نحو (200) عام.

منزل كتاب وحراس المخطوطات

من المعروف أن اكتشاف مخطوطات البحر الميت تم خلال الفترة الواقعة بين عام 1947 وعام 1956، وذلك في (11) كهف تقع بالقرب من البحر، وقد أدى الاكتشاف إلى زيادة الاهتمام البحثي بخصوص هوية سكان منطقة قمران. وفي شهر شباط 2017، اكتشف الباحثون كهفا إضافيا في المنطقة، فعثروا على مخطوطات وأوراق جلدية، كانت مخفية للكتابة على ما يبدو.

تفترض إحدى النظريات السابقة أن سكان قمران كانوا من اليهود الأسلاف، وهم "يهود زاهدون" وجدوا خلال فترة الهيكل الثاني، وفق التقرير. ووفقا لهذه النظرية، فقد كان اليهود الأسلاف هم كتاب تلك المخطوطات، وهم من قاموا بحراستها أيضا، وفق التقرير.

تحتوي هذه المخطوطات على أجزاء من الكتاب المقدس، وتتطرق إلى كتابات في الدين والقانون والفكر. ومع ذلك، لم يحسم الأمر حول هوية سكان قمران، واستمر النقاش حول هويتهم على مدى السنوات الثلاثين الماضية. فأثيرت تساؤلات إن كانوا من البدو، أم من الرعاة، أم من الحرفيين، أم كانوا من الجنود الرومان.

ووفقا لتفسيرات نجار، فإن فحوص الهياكل العظمية التي قام بها لم تثبت وجود دليل على وقوع إصابات على نطاق واسع نتيجة للقتال، والتي تميز مقابر ضحايا الحروب في العادة.

وفي إضافة على جهود نجار، يقول البروفيسور جوناثان روزنباوم، الخبير في الدراسات اليهودية في كلية "غراتز" بولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة بأن من الأفضل إجراء اختبار على الحامض النووي (دي أن اي) للهياكل العظمية في قمران، مما قد يساعد على تحديد أكثر دقة لهوية هؤلاء الرجال".

ولتحقيق هذه الغاية، قام الباحثون باستخلاص عينات صغيرة من العظام التي تم اكتشافها مؤخرا، وذلك قبل إعادة دفنها. ومع ذلك، ليس من الواضح، في المرحلة الحالية، ما إذا كان أخذ تلك العينات قد تم من أجل إجراء اختبارات الحامض النووي عليها.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واللا"

تصميم وتطوير