هل المصالحة الفلسطينية على شفا الانفجار؟

11.12.2017 04:54 PM

ترجمة خاصة - وطن: نشرت صحيفة "ذي جيروزالم بوست" مقالا لـ "ديما أبو مارية"، تناولت فيه موضوع المصالحة الفلسطينية، وإرهاصاتها، والتصريحات الإعلامية بين طرفي المصالحة، بالإضافة إلى ما سمته بوادر الانفجار، والخلافات ومشاهدها، التي توحي بأن مستقبل المصالحة لن يكون أفضل من حاضرها، وفق الكاتبة:

تمر المصالحة الفلسطينية التي طال انتظارها بين الفصيلين الرئيسيين، فتح وحماس، بعدة مطبات بين الفينة والأخرى. وكان التراشق الإعلامي والمطبات كبيرة، وامتدت على نطاق واسع خلال الأيام الماضية. أما الأمر الذي لم يكن متوقعا فهو الوصول إلى هذه النقطة الخلافية وبهذه السرعة، وهو ما تطلب تدخل الوسطاء المصريين، الذين قاموا بفرض مهلة زمنية جديدة كي تقوم حماس بنقل السيطرة على قطاع غزة إلى الحكومة الفلسطينية.

وقد قام فايز أبو عيطة، نائب رئيس المجلس الثوري لحركة فتح في غزة، بعد اجتماع للفصائل في القطاع، بالإعلان الرسمي عن تأجيل هذا الاستلام، بوساطة المصريين، من خلال بيان رسمي تلاه على الصحافيين. وقال: "من أجل تحقيق هدف شعبنا في تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، طلبت كلتا الحركتين تمديد مهلة تسليم الحكومة لمهامها في غزة، على النحو المتفق عليه في اتفاق القاهرة". وبهذا الصدد، يرى المحلل السياسي عبد الستار قاسم أن هذا التأخير يعزى لأسباب أبعد من كونها أسبابا لوجستية. وأضاف أن الفصائل ليست مستعدة للمصالحة بعد، وأن المواقف السياسية الفلسطينية مختلفة جدا: فحركة فتح تعترف بإسرائيل، أما حركة حماس فتقاتل إسرائيل. وحذر قاسم الشعب الفلسطيني من السماح للوضع العام المرتبك "بقتل المصالحة"، وفق تعبيره. وأضاف: "يجب على الفلسطينيين أن يتحركوا، وأن لا يصمتوا حيال ما نعتبره تفاهات". وأصدر رئيس السلطة الفلسطينية أمرا مشددا بشأن التعليقات المتعلقة بالقضية التي يعتقد على نطاق واسع أنها الأكثر حساسية والتي قد تجهض الاتفاق، وهي رفض حماس التخلي عن سلاحها.

ما يزال موقف حماس غير واضح، وقال خليل الحية، أحد المسؤولين الكبار في حركة حماس، أنه إذا قيل بأن الموقف العام لحماس ليس واضحا، فإنها في غاية الوضوح حيال الإبقاء على "سلاح المقاومة"، وأن هذا السلاح غير قابل للتفاوض.

ومن المسلم به أن فكرة حماس من وراء الاحتفاظ بأسلحتها، والتزامها بمحاربة إسرائيل، لا يعارضها الفلسطينيون، بمن فيهم غير الموالين لحماس. وقال نبيل شعث، المسؤول الكبير في حركة فتح، أن الفكرة الرئيسية هي عدم "قتل" المقاومة الفلسطينية، واستثمارها في "الدفاع عن قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه"، وفق الكاتبة.
وقال شعث: "لا يعني الأمر أننا سننزع سلاح حماس. بل إن الفكرة هي امتلاك سلاح واحد، تحت حكومة فلسطينية واحدة. ونحن نرفض أيضا يتم استخدام هذا السلاح ضد الفلسطينيين كما حدث في العام 2006"، (في إشارة إلى الاقتتال الداخلي بين فتح وحماس). ويضيف شعث: "على الرغم من أن مسألة نزع سلاح حماس ما تزال تمثل مشكلة مستعصية، فإنه يتوجب على الفلسطينيين عدم إعطاء إسرائيل أية فرصة للاستفادة من هذا الموضوع".
ومع إظهار المجتمع الدولي دعمه للمصالحة، والإصرار على حماس كي تعترف بحق إسرائيل في الوجود. ورغم أن شعث يعرف أن حماس لا تعترف بإسرائيل، ولا تتخلى عن التزامها بتدميرها، إلا أنه قال: "لا يمكننا فرض هذه الشروط على حماس كحزب سياسي، فنحن نطبقها على الحكومة.

والمنطق هو أنه عندما تكون حماس جزءا من تلك الحكومة، فإنه يتوجب عليها الموافقة على هذه الشروط، كما فعلت منظمة التحرير الفلسطينية، زمن الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات". وعلى الجانب الاخر، اتهم شعث إسرائيل بأن أغلبية الأحزاب السياسية لديها "تنكر حق الشعب الفلسطيني في الوجود، فلماذا تريد منا فرض ذلك على حماس؟" وفي سياق متصل، انتقد عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، ومسؤول ملف المصالحة في حركة فتح، إيران لتمويلها حماس شرط أن تبقي على خلافاتها مع حركة فتح"، نقلا عن الكاتبة.

من الجدير بالذكر أن حماس سرعان ما ارتدت إلى حلفائها اللبنانيين، فقد اعترض القيادي الحمساوي موسى أبو مرزوق، على اعتبار وزراء الخارجية العرب لحزب الله "منظمة إرهابية". ويشعر السعوديون بقلق عميق إزاء أي احتمال لدمج أعضاء من حماس في الحكومة الفلسطينية، بالإضافة إلى قلقهم من علاقات حماس مع إيران، وخصوصا عندما قام نائب رئيس الكتب السياسي، صالح العاروري، بعقد اجتماع رفيع المستوى مع الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في بيروت، بعد أيام فقط من زيارة قام بها العاروري على رأس وفد كبير إلى طهران، اجتمع خلالها مع كبار المسؤولين الإيرانيين.

وعندما طُلب إلى المتحدث الرسمي باسم حركة فتح، أسامة القواسمي، التعليق على "سلاح المقاومة"، رفض القواسمي التعليق، معتبرا الموضوع بمثابة "قضية حساسة". كما أكد رئيس المكتب السياسي لحماس أن منظمته لن تنزع سلاحها بأي ثمن، مذكرا بالهجوم الإسرائيلي على نفق للمقاومة أدى إلى استشهاد عشرة من أعضاء الجهاد الإسلامي، من بينهم اثنين من القادة العسكريين الكبار، بالإضافة إلى مقاتلين اثنين من حركة حماس.

وما يزال قطاع غزة مليئا بالجماعات المسلحة، سواء التابعة لحركة حماس أو للفصائل الفلسطينية الأخرى، بما في ذلك الجهاد الإسلامي الذي ترعاه إيران، وفق الكاتبة. ولم يتم التطرق إلى نزع سلاح هذه الجماعات.

ويشعر الكثيرون أن الرئيس الفلسطيني لم يف بتعهده بإزالة القيود التي فرضها على غزة هذا الصيف. وفي هذا السياق، أوضح عضو سابق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن الشعب الفلسطيني لا يثق بأي من الفصيلين الرئيسيين المشاركين في المحادثات، وفق الكاتبة. وقال العضو في الجبهة الشعبية: "كنا بأمس الحاجة، وعلى مدى 15 عاما، إلى حكومة موحدة تحارب الاحتلال والاستيطان، وتدعم السجناء خلال اضراباتهم. ما نحن بحاجة إليه هو كيان فلسطيني سياسي رسمي موحد. لكن الفصيلين فشلا طيلة الوقت في وضع خلافاتهما جانبا. غير أنه أيا كان الحال فإنه ما من شك بأن المصالحة الفلسطينية خطوة ضرورية يجب استكمالها". وأضاف: "إن الوضع السيئ في غزة ناتج عن أن حركتي فتح وحماس، وحكومتيهما، قادتا الوضع إلى حالة من الفساد والخداع. ويتوجب عليهما العمل من أجل استعادة ثقة شعبهما".

ترجمة: ناصر العيسة، عن: "ذي جيروزالم بوست"

تصميم وتطوير