لسان حال ترامب ...عندما تكون وسيطا، النزاهة ليست هدفا

12.12.2017 04:13 PM

ترجمة خاصة-وطن: التقطت العين ثلاثة مشاهد بصرية في مشهد إعلان الرئيس الأمريكي ترامب قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. الأول هو وجود شجرة عيد الميلاد في الغرفة التي أعلن منها ترامب قراره. والثاني هو الطريقة التي اتبعها ترامب في قراءة اعلانه كلمة كلمة من النص المكتوب بعناية (علما أن ترامب معروف بحبه للخطابة الارتجالية). والثالث هو وقوف نائبه مايك بينس خلف كتفه الأيمن.

يعتبر بينس، وهو المسيحي الإنجيلي، مؤيدا كبيرا لإسرائيل ودون حدود أو تردد. كما أنه يؤمن، ودون خجل، بالرواية الدينية المتعلقة بإعادة ولادة الدولة اليهودية. وإن على أولئك الذين يقولون إن قرار ترامب يعزل الولايات المتحدة عن كونها وسيطا نزيها في عملية السلام في الشرق الأوسط، أن يتذكروا ما قاله بينس في القدس عام 2014.

فقد جاء على لسان بينس-وكان آنذاك حاكما لولاية إنديانا، ومن ثم أصبح مرشحا رئاسيا محتملا عام 2016-في إحدى الفعاليات التي أقامها الجمهوريون في مدينة القدس: إن طموح أمريكا ليس أن تكون "وسيطا نزيها" في الشرق الأوسط، بل أن تتواصل مع العالم باستمرار لتخبره أن أمريكا إلى جانب إسرائيل".

لقد كانت العبارات التي جاء بها ترامب في خطابه مثيرة للاهتمام، حيث قال إن إعلانه يعتبر بمثابة تصحيح للخطأ التاريخي، وهو يهدف إلى السماح لإسرائيل باستعمال حقها في أن تقرر أين تكون عاصمتها، مثلما هو الحال في كل دول العالم الأخرى.

إضافة إلى هذا التطور، كان هناك تطور اخر في واشنطن، عندما مرر مجلس النواب الأمريكي، وبأغلبية ساحقة، مشروع قانون "قوة تايلور" العقابي. الذي ترجع تسميته إلى اسم مواطن أمريكي قُتل طعنا في مدينة تل أبيب عام 2016.

ومن شأن مشروع القانون هذا، الذي من المرجح أن يمر بسهولة في مجلس الشيوخ ويوقعه ترامب ليصبح قانونا نافذا، أن يؤدي إلى قطع مساعدة قيمتها (280) مليون دولار، تقدمها الولايات المتحدة سنويا إلى السلطة الفلسطينية، تحت شرط أن تتوقف السلطة الفلسطينية عن دفع المساعدات إلى السجناء الفلسطينيين وأسرهم، وفق مصطلح الكاتب. ويمكن لهذا القانون أن يغير الأمور على أرض الواقع، ويؤثر على قدرات السلطة الفلسطينية.

ويبدو أن هذين الإجراءين، بالإضافة إلى الاجراء الأخير في واشنطن فيما يتعلق بالتهديد بإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية هناك، يعبران عن محاولة من جانب هذه الإدارة لوضع قواعد جديدة للعمل مع الفلسطينيين.

ولعل النهج الجديد يمثل انفصالا كاملا عن نهج الإدارة السابقة، بل ويعتبر بمثابة حرق أوراق اعتماد الولايات المتحدة كوسيط صادق في المنطقة. على الجانب الاخر، فإن النهج الاخر لم ينجح أيضا (أي دور الوسيط النزيه الذي حاول باراك أوباما لعبه من أجل دفع عملية السلام إلى الأمام).

وكان خطاب ترامب في واقع الأمر إشارة واضحة إلى تعديل كبير في النهج الأمريكي:

أولا، قال ترامب إنه سيغير النهج الدبلوماسي الشامل لواشنطن، وأن هذه الإدارة تنظر إلى الشرق الأوسط نظرة مختلفة، لا تعتمد على الافتراضات التي فشلت في الماضي.

ثانيا، بعكس ما قد يقوله الكثيرون، يعكس الاعتراف الأمريكي حقيقة بسيطة هي: كانت القدس قديما عاصمة للشعب اليهودي، وعلى مدى ال (70) عاما الماضية، كانت عاصمة لدولة إسرائيل، وعليها أن تستمر هكذا، على حد زعم ترامب.

ثالثا، قام ترامب من خلال خطابه بالدخول إلى عقدة كبيرة ومعقدة وهي إمكانية معالجة مشكلة الشرق الأوسط من خلال فكرة حل الدولتين. وقال بهذا الخصوص: "ما تزال الولايات المتحدة ملتزمة التزاما عميقا بالمساعدة في التوصل إلى اتفاق سلام مقبول من كلا الجانبين. والولايات المتحدة ستؤيد حل الدولتين، إذا وافق عليه الجانبان معا".

ترجمة: ناصر العيسة، عن: ذي جيروزالم بوست

تصميم وتطوير