استطلاع رأي في إسرائيل: انقسامات عميقة بين اليهود، واستياء من السياسيين

13.12.2017 06:18 PM

ترجمة خاصة-وطن: نشر موقع "واي نت" بالإنجليزية تحليلا لدراسة مسحية مقارنة، أجراها "مركز غوتمان لبحوث الرأي العام والسياسة" في إسرائيل، حول اتجاهات الرأي العام حيال عدد من القضايا محل اهتمام الرأي العام. قام المركز بإجراء مقابلات مع (1,024) مبحوثا، وكان هامش الخطأ فيها(3.1) نقطة مئوية. وارتفع الهامش إلى (3.4) نقطة بالنسبة إلى المبحوثين اليهود، وإلى (7.9) نقطة للمبحوثين العرب، علما أن عينة المبحوثين العرب كانت أصغر من حيث الحجم. أُجري البحث في شهر أيار-2017، ولكنه استغرق عدة أشهر لتحليله ونشره. غير أن تمار هيرمان، الأستاذ الجامعي والمدير الأكاديمي لمركز "غوتمان"، وقائد فريق البحث قال إن الرأي العام حول مثل هذه القضايا "مستقر جدا"):

يشير "مؤشر الديمقراطية الإسرائيلية" إلى أن (45%) من السكان في إسرائيل يعتقدون أن نظام الحكم الديمقراطي في البلاد يواجه خطراً كبيراً، على الرغم من وجود اختلافات كبيرة في وجهات النظر بين اليمين واليسار في إسرائيل حيال العديد من القضايا. كما أشارت النتائج إلى أن نسبة (68%) من السكان تعتقد أن أعضاء الكنيست الإسرائيلي لا يقومون بواجباتهم بالشكل الصحيح.
ومع وجود العديد من "مزاعم الفساد" التي تواجه رئيس الحكومة الإسرائيلية، فإن عملية السلام ستدخل على ما يبدو في طريق مسدود، مثل الحكومة التي يبدو أنها على وشك الاختناق من كثرة النقد الموجه إليها. ومع أن إسرائيل تُعتبر دولة مُستقطبة إلى اليمين بشكل كبير، إلا أن استطلاع هذا العام يبين مدى الانقسام في الرأي الذي تشهده إسرائيل حيال عدد من القضايا الهامة.
يرى (23%) من الناخبين اليمينيين والدينيين، وهو بالمناسبة قاعدة دعم حكومة نتانياهو، أن الديمقراطية الإسرائيلية في خطر. ولكن النسبة بين الناخبين اليساريين اليهود، التي تشكل معظم قاعدة المعاضة، كانت أكبر بكثير، فقد قفزت النسبة إلى (72%). أما في أوساط المواطنين العرب، فكانت نسبة الموافقين على أن النظام الديمقراطي في إسرائيل في خطر (65%).

وفي هذا السياق، من الواضح أن الأحزاب الدينية والقومية تسيطر على حكومة نتنياهو، التي تولت الحكم في عام 2015. وفي العادة، تتولى هذه الأحزاب مهمة التصدي لمنتقدي الحكومة، ولا تتوانى عن فعل ذلك بأقصى قوة. فعلى سبيل المثال، انتقلت وزيرة الثقافة الإسرائيلية، ميري ريغيف، إلى مربع متقدم في هذا السياق، إذ قامت بحجب التمويل عن المسارح ودور الإنتاج والعرض التي تنتج مسرحيات تنتقد الحكومة، وخصوصا إن تضمن الانتقاد اعتراضا على أداء الحكومة بخصوص المستوطنات في الضفة الغربية. وفي الأشهر الأخيرة، وبدلا من أن يلجأ نتنياهو إلى الإجابة عن التحقيقات المتعلقة بالفساد، ذهب هو وأنصارُه إلى مهاجمة وسائل الإعلام الإسرائيلية، والجهات المسؤولة عن إنفاذ القانون، ولم يستثنوا القضاء أيضا، وغيرها من الجهات التي سماها نتنياهو "النخب"، متهما إياها بالسعي إلى عزله.

وتشبه تكتيكات نتنياهو في هذا السياق (أي حيال وسائل الاعلام والمنتقدين)، تلك التي يقوم بها صديقه ترامب، الذي مكنته مشاكساته مع وسائل الإعلام والمنتقدين من الفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية العام الماضي، وفق تقدير الكاتب.
كما أظهر استطلاع الرأي أن نحو (75%) من الناخبين اليمينيين اليهود يعتقدون أن "القضاء يساري" ويقوم إلى جانب "ووسائل الإعلام" و "الجهات الأكاديمية" بالتشويش على عمل الحكومة، مما يوثر على قدرة اليمين الإسرائيلي على الحكم. ومن ناحية أخرى، يعتقد (79%) من اليهود العلمانيين أن "السكان المتدينين يسعون إلى التحكم التدريجي في شؤون الدولة".
وقال يوحنان بليسنر، مدير معهد الديمقراطية الإسرائيلي-وهو مركز بحثي تحظى أبحاثه بالاحترام، وفق الكاتب-في تعليقه على نتائج الاستطلاع بالقول: "أنا أؤكد أن البلاد تمزقها خلافات جوهرية في الرأي، ليس بين العرب واليهود فقط، بل بين اليهود أنفسهم. والأهم من ذلك أن هذه الخلافات لا تقتصر على قضايا الأمن والقضايا القومية فحسب".

وأضاف بليسنر: "يوجد بين الجماهير "اليهودية" الإسرائيلية، خلافات عميقة ومستمرة حول التوازن السليم بين القيم اليهودية للدولة من جانب، والقيم الديموقراطية لها من جانب اخر".

كما بين الاستطلاع وجود عدم رضا للسكان، وعلى نطاق واسع، عن السياسيين الإسرائيليين. فقد عبر (68%) من المَبحوثين عن اعتقادهم بأن أعضاء الكنيست لا يؤدون واجباتهم بشكل صحيح، فيما أشار (80%) إلى أنهم يعتقدون أن السياسيين يهتمون بمصالحهم الشخصية أكثر من اهتمامهم بمصالح ناخبيهم.
وفي تفسير لنتائج المسح، قال تمار هيرمان، قائد فريق البحث لهذا المسح، إنه بينما كانت مستويات عدم الرضا عن السياسيين الإسرائيليين مُقارِبة لاستطلاع العام الماضي، فإن هناك زيادة ملحوظة في نسبة الأشخاص الذين يعتقدون أن الوضع العام للبلاد جيد، حيث ارتفعت من (36.5%) في العام الماضي إلى (48%) في استطلاع هذا العام. كما أجاب (75%) من الإسرائيليين بأنهم راضون عن أوضاعهم الشخصية.

وعلق هيرمان على هذه النتيجة بالقول: "أنا أرى أن هذا التباين بين المواطنين والسياسيين تباينا مذهلا. فأنت ترى السياسيين وكأنهم يعيشون على كوكب آخر، بينما يعيش الناس على هذا الكوكب. وبطريقة أو أخرى، من الممكن للمرء أن يعيش حياة جيدة على هذا الكوكب، بينما سيكون عَيشُه كئيبا جدا على كوكب السياسيين".

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية

تصميم وتطوير