إسرائيل وتركيا.. هل هما على طريق التصادم؟

20.12.2017 01:00 PM

ترجمة خاصة- وطن- عن "واي نت" بالإنجليزية:

ما يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يتبادلان الكلمات القاسية فيما بينهما. ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن الزعيم التركي لن يقوم بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، لأنه سيفقد خيارا هاما بين يديه الان، وهو مساعدة الفلسطينيين في غزة، وبالتالي لن يكون بإمكان الأتراك الوصول إلى المسجد الأقصى في القدس.

من الواضح أن الأزمة الدبلوماسية بين إسرائيل وتركيا قد تسارعت من جديد مؤخرا، إثر قيام الرئيس الأمريكي ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وقد جرى تبادل هجوم لفظي جاد بين الزعيمين، وصف أردوغان خلاله إسرائيل بأنها "دولة إرهابية تقتل الأطفال".

وقال أردوغان، الذي هدد حتى قبل إعلان ترامب، أن رد بلاده على أي تغيير في وضع القدس يمكن أن يصل إلى حد قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل. وقال في خطاب ناري: "فلسطين ضحية بريئة، أما إسرائيل فهي دولة إرهابية". وأضاف "لن نترك القدس لرحمة بلد يقتل الأطفال". غير أن أردوغان تناقض في سياق اخر مع كلماته القاسية بحق إسرائيل، حيث أشار إلى "العلاقات التاريخية" بين تركيا والشعب اليهودي.

وأضاف: "بالنسبة لنا، لا يهم ما هي هوية الظالم، وما هي هوية المظلوم. ولن نتردد في الوقوف ضد أولئك الذين يظلمون الآخرين، حتى لو كانوا إخواننا"، نقلا عن أردوغان. وأضاف "يتضمن تاريخنا الكثير من الأمثلة على ذلك"، في إشارة منه إلى قيام الإمبراطورية العثمانية باحتواء اليهود الذين طردوا من إسبانيا، وإلى استيعاب العثمانيين لليهود الذين فروا من روسيا في القرن التاسع عشر، عدا عن ترحيبها باليهود خلال الحرب العالمية الثانية.

ولم يغفل نتانياهو التعليق على كلام أردوغان، فاستخدم تعبيرات قوية، في هجوم لم يسبق له مثيل، فقال: "لسنا بحاجة إلى أن نأخذ محاضرات من أردوغان". وأضاف "أنا لست مستعدا لتلقي محاضرات في الأخلاق من زعيم لا يتردد في قتل مواطنيه الأكراد، ويسجن الصحفيين، ويساعد إيران على الإفلات من العقوبات الدولية، كما ويقوم بقتل الأبرياء، ومساعدة "الإرهابيين"، بما في ذلك في غزة"، نقلا عن نتنياهو.

ويخشى المسؤولون الإسرائيليون من أن يقوم أردوغان بالرد على هجوم نتنياهو عبر خطوة عنيفة، أو تصرف قاس. وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية، ابراهيم كالين: "إننا ندين، وبأقوى العبارات، تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو التي تستهدف الجمهورية التركية، وتستهدف شخص الرئيس رجب طيب أردوغان". وأضاف كالين: " تتجاهل إسرائيل القانون الدولي، وتقوم باحتلال أرض الشعب الفلسطيني الموجود فيها منذ مئات السنوات، كما تقوم إسرائيل بانتهاكات ممنهجة لقرارات الأمم المتحدة، ويجب بالتالي أن تتم محاسبتها على أعمالها".

وأضاف مستشار الرئيس التركي: "كما هو حال تركيا في جميع أنحاء العالم، ستبقى في فلسطين لدعم من هم على حق، ولدعم سيادة القانون، وإغاثة المضطهدين".

لا انفراج دبلوماسي في عهد أردوغان
على الرغم من أن البلدين ما يزالان في حالة تبادل للتصريحات القوية، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين، يعتقدون أن أردوغان لن يقوم بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، لأنه في هذه الحالة سيفقد خياره الحالي في مساعدة الفلسطينيين في غزة، كما سيفقد مواطنوه إمكانية الوصول إلى المسجد الأقصى.
بيد أن كبار المسؤولين الإسرائيليين يعرفون أن ردود فعل أردوغان ليست بالضرورة عقلانية، إلا أنه يجب تقدير ردود الفعل العاطفية، ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار. أما الخبراء في تركيا، فلا يعتقدون أن أردوغان سيخفف من تصريحاته بعد ردود نتانياهو، ولا يستبعدون بالتالي إمكانية لجوء أردوغان إلى المزيد من الإجراءات، مثل استدعاء السفير التركي لإجراء مشاورات في أنقرة.

أما التقدير في إسرائيل فيشير إلى استمرار التواصل الدبلوماسي بين البلدين، وإلى الحفاظ على قنوات الاتصال. غير أن هناك إجماعا على أنه ما دام أردوغان في السلطة في تركيا، فلن يحدث أي انفراج دبلوماسي، وستبقى العلاقات ضعيفة. ويقدم أردوغان نفسه كمدافع عن الفلسطينيين، وكراعي لحركة حماس. ولهذا السبب، فإن من مصلحته الحفاظ على الاتصال مع إسرائيل، ولسوف يخسر من قطع علاقات تركيا مع إسرائيل.

من ناحية أخرى، يعتقد السياسيون في إسرائيل بأهمية تحسين العلاقات الاقتصادية مع تركيا، مع التركيز على صفقات الغاز، لأن من شأن ذلك أن يعزز العلاقات بين الطرفين، وأن يضيف بعدا استراتيجيا لها. ومع ذلك، ستبقى إسرائيل حريصة، ومفتوحة على البدائل، ولهذا فإنها ستتابع موضوع قناة الغاز الأوروبية عبر قبرص واليونان والاتحاد الأوروبي.

الغاز الروسي بدلا من الغاز الإسرائيلي
وقع وزراء الطاقة في قبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا، في نيقوسيا مؤخرا، مذكرة تفاهم بشأن أنبوب غاز من إسرائيل إلى إيطاليا، وأعلنوا عنه كمشروع بنية تحتية استراتيجي لمصلحة هذه الدول، والاتحاد الأوروبي. ويبلغ طول الأنبوب المخطط حوالي (2,100) كيلومتر، وتقدر تكلفته بنحو (7) مليار دولار. ومن المتوقع أن يكتمل انشاؤه عام 2025. وسيضمن الأنبوب تصدير طويل الأجل للغاز الإسرائيلي إلى اليونان وإيطاليا والأسواق الأوروبية الأخرى، وتعزيز المنافسة الإسرائيلية في مجال تصدير الغاز. ويقدر الاتحاد الأوروبي أن أوروبا ستحتاج إلى استيراد (100) مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا مقارنة بما تستورده حاليا، مع الاشارة إلى انخفاض إنتاج الغاز في بحر الشمال. وتعتبر أوروبا إسرائيل وقبرص مصدرا آمنا لإمدادات الغاز في المستقبل.

على الجانب الاخر، أراد أردوغان في الماضي التوقيع على صفقة غاز مع إسرائيل لتنويع مصادر الطاقة في تركيا، وفي المقام الأول كبديل للغاز الروسي. غير أن علاقاته مع الرئيس الروسي بوتين تحسنت في العام الماضي، خاصة في ظل تفاهمات وقف إطلاق النار في سوريا.

ويبدو اليوم أن أردوغان بحاجة إلى الغاز الروسي، أكثر مما يحتاج الغاز الإسرائيلي. ومن المتوقع أن أول اجتماع بين الرئيسين سيبحث الوضع في سوريا، والأزمة حول اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، واتفاقهما على أن تقوم روسيا ببناء مفاعل نووي لأغراض الطاقة في تركيا، والاهم من كل ذلك، موضوع الغاز الروسي.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: "واي نت" بالإنجليزية

تصميم وتطوير