" الحبر المر".. ادب الاسرى من الزنزانة الى المهرجانات

21.12.2017 01:45 PM

رام الله- وطن- مي زيادة: كلنا نتفق على ان للحبر لونا ازرق نخط به سطورنا، لكن قليل منا ذاق مرارة الحبر وسواده، قليل من هرّب مواد كتابية من داخل السجون وخاض تجربة الكتابة في العتمة، عتمة غرف الزنزانة وظلم السجان.

"الحبر المر" وثائقي يتحدث عن ادب السجون، حصد يوم امس المركز الاول عن فئة الافلام الوثائقية للمخرجة الشابة ايليا غربية، في مهرجان (كام) السينمائي المصري في دورته السابعة.

تحدثنا في "وطن" الى المخرجة ايليا غربية والتي كشفت فحوى فلمها والمكان الذي تم تجهيزه ليكون مكان التصوير ليطابق ويجانس موضوع الفلم.

تقول غربية: "الحبر المُرّ" وثائقي مدته نصف ساعة، يتحدث بشكل رئيسي عن أدب السجون، الأدب النضالي الإنساني الذي كان وما زال أداة مقاومة من جهة وامتداداً للأسرى خارج القضبان من جهة اخرى، ويظهر ذلك بشكل جليّ في تجربة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، الذين تجاوزوا النسق الكلاسيكي في الكتابة عن تجربة التحقيق والتعذيب".

وتضيف، "يسلط الفيلم الضوء على الأسير باسم خندقجي، المعتقل منذ 11 عاماً، كنموذج نجح في كتابة ونشر العديد من المؤلفات المعروفة فلسطينياً وعربياً على الرغم من وجوده في المعتقل حتى يومنا هذا".

ويستضيف الفيلم عدداً من الشخصيات المهتمة بأدب السجون، وأسرى محررين يتحدثون عن تجاربهم حين تمكنوا من "تهريب" موادهم الأدبية التي كُتبت خلال وجودهم في الأسر، ويعرض المعاناة في مراحل الكتابة بداية من الحصول على الأدوات وحتى تهريب المواد المكتوبة خارج المعتقل، وكيفية طباعتها ونشرها.

وتشير غربية الى ان تصوير الفيلم كان في مدن رام الله ونابلس في فلسطين، وبيروت في لبنان. وصورت المشاهد التمثيلية في زنزانة حقيقية في سجن الفارعة، بعد تجهيزها للتصوير.

وتتطرق في حديثها الى أن فكرة الفيلم بدأت خلال اطلاق رواية الخندقجي العام الماضي "مسك الختام" في متحف محمود درويش، عادة يكون كاتب الرواية حاضرا للنقاش لكن باسم لم يكن حاضرا جسديا في تلك الليلة، كان خلف قضبان الاحتلال، من هنا جائتني الفكرة لفلمي.

وتسرد مجريات الاحداث التي تلت هذه الليلة الثقافية، "حصلتُ على نسخة من الرواية وقرأتها وتفاجأت بصراحة،  كيف يستطيع أسير أن يكتب بهذه الطريقة التي تتخطى القيد وفكرة الأسر، تعرفت على عائلة باسم بعد الانتهاء من عرض الرواية وتواصلت معهم فيما بعد، وهو ما جعلني افكر باخراج فيلم عن قضية لا تتناولها الكثير من المؤسسات وتكاد ان تكون منسية".

وعن مشاركة الفلم في مهرجان "كام" تقول: "هذه الجائزة هي الثانية لهذا العام للفيلم "الحبر المر" فقد حصد الفيلم جائزة المخرج الناشئ في ايطاليا منذ شهور، وعرض في العديد من الدول.

وتؤكد غربية الى أن شعور الانجاز والنجاح رائع، لكن المهم في فوز الفيلم هو وصول رسالة الأسرى الكتاب في سجون الاحتلال لجمهور واسع عالميا،  رسالتي هي رسالة الأسير من خلف القضبان بأن يستكمل مسيرته النضالية حتى من داخل الأسر، وهو قادر ان يبدع ويتميز ويقاوم بقلمه وصوته الذي لا يخمده المحتل.

وتردف القول: "أعتقد أن الأفلام والرسائل المصورة لا تقل أهمية عن باقي أدوات النضال الفلسطيني، وهي مهمة أصعب ربما لأننا نتحدث عن أكثر من  7الاف قصة لفلسطينيين قضوا أجمل سنوات عمرهم بين جدران السجون، بعضهم كالخندقجي وغيره من الكتاب الأسرى مبدعون، وهذا الإبداع بحاجة لأن يراه الناس لانه قوة؛ قوة على الرغم من كل الصعوبات والمعاناة ورسالة تثبت أن النضال له عدة أشكال منها القلم والورقة" .

يذكرأن الفيلم تم إنتاجه في شركة 4D Media  في رام الله، التي ساعدتها وآمنت بفكرتها وقدمت لها الدعم التقني والفني، وعملت على تسويق الفيلم وعرضه في المهرجانات العالمية، وفق غربية.

المخرجة ايليا غربية من رام الله ، درست الصحافة والعلوم السياسية في جامعة بيرزيت، وبعد التخرج عملت في مركز تطوير الاعلام في جامعة بيرزيت لمدة عام، وتعمل حاليا صحفية مستقلة (صحفية فيديو) مع عدد من وسائل الاعلام العربية والعالمية، عملت أيضا كمعدة وباحثة ومصورة للعديد من الوثائقيات التي تم بثها عربيا وعالميا، وفلم "الحبر المر" كان عملها الوثائقي الاول، مؤخرا انهت فيلما وثائقيا قصيرًا يتناول القتل على خلفية الشرف في فلسطين وحمل اسم "بعد الغروب"، و شارك بمهرجان ايام سينمائية في فلسطين، وعرض الشهر الماضي في الدنمارك، وجاري العمل على ترتيب عروض أخرى.

تصميم وتطوير