الفلسطينيون سيستخدمون بند "تضارب المصالح" في مجلس الامن في وجه الأمريكيين

21.12.2017 02:12 PM

ترجمة خاصة-وطن: سيحاول الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الذي قرّر التوجه إلى مجلس الأمن للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، أن يستخدم بنداً في ميثاق الأمم المتحدة من شأنه أن يمنع الولايات المتحدة من استخدام حق النقض (الفيتو) في مواجهة أي مشروع قرار ضد إعلان ترامب القدس عاصمةً لإسرائيل. وإذا تمّت هذه الخطوة، فإنها تعني أن الفلسطينيين قرروا التوقف عن "ظاهرة" الالتزام أحادي الجانب بقواعد اللعبة مع واشنطن:

يعتقد المسؤولون في إسرائيل، أن الفلسطينيين قرروا "التوقف عن الالتزام أحادي الجانب بقواعد اللعبة" على الساحة الدولية، وسيقومون بالتالي بالطلب من مجلس الأمن الدولي منحهم صفة العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وذلك في أعقاب اعتراف الرئيس الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل، في خطوة لم تبقي أي شيء بين الفلسطينيين والأمريكيين على ما يبدو. ويسعى الفلسطينيون إلى استخدام الزخم الدولي الذي نتج إثر إعلان ترامب بخصوص القدس، وهم يرون أن مجلس الأمن الدولي ساحة مناسبة للقيام بذلك.

وقال الرئيس الفلسطيني في كلمته خلال مؤتمر قمة الدول الاسلامية في إسطنبول، تعقيبا على إعلان ترامب، أن الفلسطينيين سيحيلون طلبا إلى مجلس الأمن الدولي من أجل الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، بدلا من الصفة الحالية، وهي "دولة غير عضو-مراقبة". كما دعا عباس في كلمته، الأمم المتحدة إلى استبدال الوسيط الأمريكي في عملية السلام بوسيط محايد بالفعل، وفق الرئيس الفلسطيني.

وقد عقد مجلس الأمن الدولي، أول أمس، جلسة نقاش حامية حول تنفيذ القرار الأممي رقم (2334)، الذي تم تبنيه قبل نحو عام، أي قبل أن يتولى ترامب منصبه. كان ذلك القرار قد أعلن أن المستوطنات الإسرائيلية غير قانونية. وتمكّنت إسرائيل من إحباط تحرك فلسطيني باتجاه الحصول على تقرير مكتوب من الأمم المتحدة حول مدى تنفيذ القرار. وبدلا من ذلك، قام مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، بإحاطة مجلس الأمن بانتهاكات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية. وفي ذات الوقت، قام الفلسطينيون بممارسة الضغط على الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، كي يقوم بحضور المناقشات شخصيا، لاطلاع أعضاء اللجنة على أنشطة الأمم المتحدة التي تمت باتجاه تنفيذ القرار (2334).

ويقدر المسؤولون الإسرائيليون أن ما يهم عباس الان هو الذهاب إلى مجلس الأمن في خطة واضحة منه، بهدف حشر الأمريكيين في الزاوية، وإجبارهم على استخدام حق النقض الفيتو، في محاولة لإحراجهم وتصويرهم بأنهم يواجهون العالم باسره.
وحسب الاجراءات الأممية الرسمية، فإن السبيل الوحيد للانضمام إلى الأمم المتحدة، كدولة عضو، هو تقديم طلب إلى مجلس الأمن من خلال أحد أعضائه. وكي يتمكن الفلسطينيون من ذلك، من المرجح أن يقوموا بتقديم طلبهم من خلال مصر، وهي ممثلة المجموعة العربية حاليا، أو من خلال بوليفيا.

ويتطلب الانضمام إلى الأمم المتحدة، كدولة عضو لها حق التصويت، توصية من مجلس الأمن بأغلبية (9) من الدول الأعضاء ال (15). وكما هو معروف، يمكن لأي من الدول الخمس دائمة العضوية في المجلس-أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين-إحباط هذه الخطوة باستخدام "الفيتو" ضدها.

وفي حال تم دعم القرار بأغلبية الدول ال (9)، دون أن يتم استخدام "الفيتو"، فإنه يحال إلى الجمعية العامة، ويتطلب حينها أغلبية ثلثي الأعضاء لقبول الدولة الجديدة. وتعطي أصوات الدول العربية والإسلامية للفلسطينيين أغلبية تلقائية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بينما ستتمثل المشكلة بالمرور أولا عبر مجلس الأمن وتجنب "الفيتو" الأمريكي.
البيت الأبيض: الخطاب الفلسطيني منع السلام لعدة سنوات

وفي خطابه المذكور، قال عباس إنه سيستخدم مادة في ميثاق الأمم المتحدة، يتم بموجبها منع دولة ما من المشاركة في التصويت على قضية مثار جدل ونزاع، وتشترك فيها تلك الدولة مما يضعها في حالة من "تضارب المصالح"، كونها طرف في النزاع حول تلك القضية.

ويعني ذلك، وفقا للفلسطينيين، أنه إذا ما حاولوا حينذاك استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي، ضد إعلان ترامب، فإنه لن يكون بإمكان الولايات المتحدة استخدام "الفيتو" ضد القرار المؤيد لموقف الفلسطينيين. وتشير السجلات الأممية إلى أن آخر مرة استُخدم فيها هذا البند في مجلس الأمن كانت في العام 1960، عندما مُنعت الأرجنتين من التصويت على قرار "ما إذا كان نقل أدولف أيخمان* من الأرجنتين إلى إسرائيل يشكل انتهاكا لسيادة الأرجنتين (أي أن الأرجنتين منعت من التصويت كون القرار يخص قضية تتعلق بها).
ومن المؤكد أن السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، لن تسمح للفلسطينيين باللعب في هذا الميدان، وسوف تبذل قصارى جهدها من أجل احباطه. غير أن هذا التحرك يشير إلى أن الفلسطينيين قرروا التوقف عن الالتزام بقواعد اللعبة تجاه الأمريكيين، مما يتماشى مع إعلانهم بأنهم لن يلتقوا مع مبعوثي ترامب، جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات، لأن الأمريكيين ألقوا بأنفسهم خارج ملعب الوسيط في السلام، نقلا عن الفلسطينيين.

وفي مواجهة هذا الاشتباك، انتقد الأمريكيون عباس. حيث قال مسؤول كبير في البيت الأبيض أن "الرئيس ترامب سيبقى ملتزما بالسلام كما كان دائما، مشيرا إلى أن خطاب الفلسطينيين هذا هو الذي منع السلام لسنوات، وأنه ليس مفاجئا، وستبقى الإدارة الأمريكية تعمل جاهدة لتعود جهودها بالنفع على الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني"، وفق للكاتب، نقلا عن مسؤول البيت الأبيض".

وضع مريح نسبيا للفلسطينيين

وفقا للسيناريو المتوقع، فإن عباس لن يقدّم طلب العضوية الكاملة في هذه المرحلة، وإنما سيتقدم باقتراح قرار يدين إعلان ترامب بشأن القدس، مع استخدام مادة "تضارب المصالح" لمنع الولايات المتحدة من المشاركة في التصويت.
وحيث أن فلسطين تحمل صفة دولة "مراقبة-غير عضو"، فيتم رفع العلم الفلسطيني في الأمم المتحدة إلى جانب أعلام الدول الأعضاء، ويحتل الفلسطينيون نفس مركز المراقب كما الفاتيكان، وهو وضع مريح لا بأس به. إن التركيبة الحالية لمجلس الأمن الدولي مريحة نسبيا بالنسبة للفلسطينيين، فهي تضم: الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وبوليفيا ومصر وإثيوبيا وإيطاليا واليابان وكازاخستان والسنغال والسويد وأوكرانيا وأوروغواي.

(*): أدولف أيخمان – بالألمانية (Adolf Eichmann):
أحد المسؤولين الكبار في الرايخ الثالث، وضابط في القوات الخاصة الألمانية أو ما تعرف ب قوات العاصفة. ولد في 19/3/1906، وتوفي في 1/6/1962. تعود إليه مسؤولية الترتيبات اللوجستية كرئيس جهاز البوليس السري "جيستابو" في إعداد مستلزمات المدنيين في معسكرات الاعتقال، وفي إبادتهم فيما يعرف آنذاك في الحل الأخير. هرب أيخمان سراً إلى عدة دول، إلى أن استقر في الأرجنتين متخفياً باسم جديد وشخصية جديدة مبتعداً عن أية مظاهر قد تفضحه أو تكشف شخصيته الحقيقية، حتى العام 1960 عندما قبض عليه عملاء للموساد ونقلوه إلى إسرائيل، حيث حوكم وأدين وشُنق في العام 1962. ثم أحرقت جثته وألقي بالرماد في البحر الأبيض المتوسط.


ترجمة: ناصر العيسة، عن: "واي نت" بالإنجليزية

تصميم وتطوير