حرج إسرائيلي مزدوج.. اعتقال التميمي، ومنع لاعبي الشطرنج من دخول السعودية

28.12.2017 04:14 PM

ترجمة خاصة- وطن: عانت "إسرائيل" مؤخرا من مشكلتين، أو موقفين محرجين: فجيش الاحتلال، الذي يعرف كيفية اكتشاف الأنفاق من تحت الأرض، وطريقة اعتراض صاروخ في السماء، وكيفية تجنب قنبلة تأتيه عبر النافذة، عجز عن حماية نفسه من صفعة فتاة فلسطينية، وفق الكاتب. على الجانب الاخر، امتعضت "إسرائيل" من تردد السعودية في استضافة لاعبي الشطرنج الإسرائيليين، قبل أن تمنع ذلك كليا عندما رفضت اصدار تأشيرات الدخول. وبين هذا وذاك، تحتاج "إسرائيل" إلى معرفة عمق الصدع بين واشنطن ورام الله، والذي نتج إثر الاعلان الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمة "لإسرائيل"، فهي بحاجة إلى المعلومة كي تقرر خطواتها اللاحقة.

ستكون المحكمة العسكرية الإسرائيلية هي من يقرر في النهاية المكان الذي ستحتفل فيه الفتاة الفلسطينية، عهد التميمي، بعيد ميلادها السابع عشر، سواء في منزلها أو خلف القضبان. فقد وثّق الفيديو الذي قامت فيه عهد التميمي، وابنة عمها نور، بضرب جنود الاحتلال بالقرب من منزلهما، وسيلة جديدة لمقاومة الفلسطينيين، وهي "ضرب الضابط الأكبر". وبالنسبة للإسرائيليين، لا يوجد من عذر لجنود تعرضوا لهجوم وظلوا واقفين ومتجمدين، وخصوصا إزاء حالة الصفع على الوجه التي شاهدها الجميع. ويعتبر ذلك انتهاك لكرامة الجيش الذي كان دائما مصدرا للفخر في "إسرائيل"، وفق الكاتب. ولهذا قررت المؤسسة العسكرية للاحتلال توجيه لائحة اتهام للفتاة الفلسطينية، كي تدفع ثمن فعلتها.

ومنذ اللحظة الأولى لنشر الفيديو، ارتكب "الجيش الإسرائيلي" كل خطأ ممكن في الساحة الإعلامية. فقد أصدر في البداية أمراً باعتقالها، ولكن الفتاة كانت مُتَجَهّزه لهذا الاحتمال، فقام رفقاؤها بتصوير لحظات اعتقالها، ولم يتوانوا عن نشر كل شيء في ذات ليلة الاعتقال. وأخيرا، تم تقديم ملف اتهام ضدها، لأن "إسرائيل" تريد الانتقام من امرأة شابة، مع إدراكها للتبعات والحملات المتوقعة. فالفتاة إن نشأت وأصبحت قائدة في المستقبل، ستلعب هذه الأيام، وهذه الصور والفيديوهات، دوراً محوريا في تطوّر ذلك وتسارعه. كما أن قضية عهد التميمي، والموقف الذي تمكنت فيه الفتاة الفلسطينية من التغلب على الجنود، أثارت الرأي العام الإسرائيلي، الذي لم يتوقف عن الضغط للتحريض على العقاب المناسب.

تتسارع الأمور وتتغير في "إسرائيل" وفي المنطقة ككل. وإذا كان أحدهم يخشى على عملية السلام كي لا تنتهي، فيتوجب " طمأنته" بأن عملية السلام ميّتة أصلا، وأن كل ما يفعلونه الان هو "التأكد من موتها" فقط. وقد أدى بيان دونالد ترامب عن القدس إلى حدوث خلل عميق لم يسبق له مثيل في علاقات واشنطن مع السلطة الفلسطينية. وبعد سنوات من التحمُّس الفلسطيني للضغط الذي مارسته أمريكا على "إسرائيل" بين الحين والأخر وخصوصا في عهد أوباما، فهم أبو مازن والفلسطينيون مبكرا أنهم لن يستفيدوا أبدا من الرئيس الأمريكي الحالي، وقرروا بالتالي مقاطعته ومقاطعة أفراد إدارته. وقد مهّد ترامب لتوجُّهاته منذ البداية، عندما جمّد تحويل الميزانية السنوية إلى السلطة الفلسطينية. وبهذا، ومنذ بداية ولاية ترامب، لم تحصل السلطة الفلسطينية حتى دولار واحد من الخزانة الأمريكية، وفي نهاية المطاف تلقّت صفعة القرار "الترامبي".

وردّاً على ذلك، بدأ محمود عباس بالبحث عن وسيط جديد يكون قويا وقادرا على ثني الجانبين عند الاختلاف حيال المسائل الحساسة. ومن الواضح أن ذلك الوسيط يجب أن يكون مقبولا "لإسرائيل" ولديه خبرة في إجراء المفاوضات. مصر وأبو مازن ليسا على ثقة كافية وبالتالي فإن القاهرة ليست خيارا. بينما يلبّي كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي هذه الشروط، وعلى الرغم من ذلك، يبحث عباس في ثلاثة بدائل هي الصين وفرنسا وروسيا.

طريق غير سالك إلى الرياض

انتظر سبعة من لاعبي الشطرنج الإسرائيليين طويلا من أجل أن تمنحهم السعودية تأشيرات الدخول من للمشاركة في البطولة الدولية للشطرنج في الرياض. تعتبر مشاركتهم شبه فردية لأن اللعبة تعتبر لعبة فردية، وفق قول الإسرائيليين. ولكن "إسرائيل" تسعى من وراء هذه المشاركة إلى إحداث اختراق، وإلى أن يذهب الرياضيون الإسرائيليون إلى هناك بأي حال. فقد هدفوا إلى التركيز على الإعلام العالمي، ومن ثم تحويل التركيز إلى مناقشة العلاقات بين "إسرائيل" والسعودية، أو "إسرائيل" والعالم العربي.

ولكن في النهاية لم يحصل ما تريده "إسرائيل"، ولم تكن الطريق سالكة لأن السعودية هي المضيف، وقد قررت عدم منح التأشيرات للفريق الإسرائيلي. لأن النظام السعودي لا يهمه إحلال ثقافة السلام، والتبادل الثقافي، ولا التنافس الرياضي. ولا يهتم بإصلاح العالم، بل يريد تجنّب أية انتقادات، والبقاء على قيد الحياة، وفق الكاتب.

وفي ذات الوقت، يريد السعوديون التواصل والعمل مع "إسرائيل"، ليس من باب المحبة ل "موردخاي"، وفق تسمية الكاتب، بل لضرورات وأولويات أحادية، وكذلك لضرورات مشتركة مع "إسرائيل". كما أن السعوديين أدركوا أن "إسرائيل" هي الطريق الأقرب إلى "قلب ترامب"، وقد أدركوا أيضا أنها تمر عبر القدس. وتحقيقا لهذه الغاية، بادروا ببعض التّلميحات على مدار العام، وخصوصا قبيل إعلان ترامب بخصوص القدس. وفي الحقيقة فإن ضوءً أخضر لا بد وأن يكون صدر من الرياض، من تحت الطاولة، للرئيس الأمريكي للإدلاء ببيانه، وفق الكاتب.

وفي التّمهيد لذلك، كان يمكن ملاحظة الكثير من الكتابات التي تهاجم حماس في الصحف المحسوبة على النظام السعودي. وفي مثال على ذلك، قال عبد الحميد حكيم، رئيس معهد دراسات الشرق الأوسط في مدينة جدة: "يجب أن نعترف أن القدس هي رمز ديني لليهود، وأنها مقدسة لديهم مثلما مكة والمدينة مقدستان عند المسلمين".

ترجمة: ناصر العيسة، عن: معاريف

تصميم وتطوير