منظمة التعاون الإسلامي: اسم كبير لم تعد قوة ذات أثر عالمياً

18.01.2018 04:34 PM

ترجمة خاصة-وطن: إذا كان هناك شيء يفوق في السوء والرداءة إعلان دونالد ترمب الصبياني والاثم، بخصوص القدس، فسيكون الاستجابة الهزيلة والمثيرة للشفقة من الدول الإسلامية لحضور مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي التي عقدت في إسطنبول. كان معظم المشاركين في القمة رجال متقدمون في السن، متعبون ومستهلكون، وطالما سمعنا لكلامهم المتكرر خلال سنوات عديدة. وربما كان اكثرهم حزنا، وأكثر من كانت شيخوخته واضحة، هو الرئيس الفلسطيني، محمود عبا، وفق الكاتب.

كان من المفترض أن يحضر (57) من رؤساء دول منظمة التعاون الإسلامي مؤتمر المنظمة الذي عقد في العاصمة التركية. لكن الكثير منهم لم يشارك في القمة بسبب الكبر في السن والشيخوخة-مثل الرئيس الجزائري "الغائب عن الوعي" عبد العزيز بوتفليقة. وربما يكون البعض الاخر قد غاب بسبب "انشغاله في الشجار مع جيرانه العرب، او ربما يكون مشغولا في قصف اليمن"، وفق الكاتب.

وفي بيانهم، طالبوا "المجتمع الدولي" بالاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، الدولة غير الموجودة، والتي يبدو بالنسبة لي انها لن تكون أبدا موجودة، وفق الكاتب. ما كان في قمة المنظمة في إسطنبول لا يزيد عن تجديد المزيد من الوعيد والتهديد من منظمة اضطرت لتغيير اسمها مرتين بسبب الخلافات، بينما لم تعتاد شعوبها ان تبعث فيهم منظمتهم الآمال، او ان تقدم لهم المبادرات، او العدالة لتلك الشعوب التي تعاني حالة من الاستبداد شبه الجماعي.

وفي مواجهة الفشل الأمريكي في الشرق الأوسط، اقر معظم هؤلاء السادة أن الأمم المتحدة أضحت الوسيط الجديد المفترض في المنطقة. يمكن لذلك ان يحدث، ولكن لا يمكن الا بموافقة إسرائيل. ولكن الأهم من ذلك، هو ان تتوفر الشجاعة لهؤلاء الزعماء، والتضافر حول الفلسطينيين، كي يطلبوا من الولايات المتحدة ان تتنحى، ومن الأمم المتحدة ان تتقدم الى الوساطة. غير ان هذا لن يتم برأيي، لان أحدا من جيران الفلسطينيين غير مستعد لطرح هذا الموضوع بمزيد من الضغط، رغم انه بإمكانهم القيام بضغوطات الى جانب الفلسطينيين، من قبيل مقاطعة الدبلوماسية الامريكية، أو قطع العلاقات معها، أو حتى إجراءات تدريجية نحو مقاطعة نفطية خفيفة، وهو الاجراء الأكثر تأثيرا كما ثبت في الماضي.

ولكن هذا لن يحدث، فالسعوديون مشغولون بقصف اليمن، ويقومون بمقاطعة قطر، بدلا من مقاطعة الولايات المتحدة. اما الإيرانيين، فيترقبون ما قد يحدث معهم، من قبيل ما الذي يمكن ان يفعله السعوديون في لبنان، وما ستسفر عنه التحالفات الجديدة في المنطقة ضد جمهوريتهم. وفي هذا السياق، كرر الرئيس اللبناني، ميشال عون، خلال الفترة الأخيرة من أحاديثه عن المؤامرات، والصمت، والعجز، وخطر التطهير العرقي، وكان لديه مخاوف او يتوقع احداثا ما في الافق.

وإضافة الى كلام عباس الكبير ضد ترمب في إسطنبول، من الضروري ان يعرف عباس ان كلامه هناك يجب الا يكون العمل الوحيد ضد اعلان ترمب. فعليه ان يعترض باسم منظمة التحرير الفلسطينية في المحكمة الدولية. غير ان القيادة الفلسطينية غير ملهمة، وتبدو عاجزة عن عمل كهذا. ويضيف "وانا أشك في أن القيادة الفلسطينية حلمت بهذه الخطوة، مجرد حلم"، وفق الكاتب.

وهذه هي المشكلة، فاذا كان لديك رئيس أميركي متفاخر بأفعاله المؤذية، ورئيس فلسطيني طاعن في السن، فيتوجب عليك الاستعداد لذلك. وينبغي عليك الدفاع عن شعبك، من خلال الاعتماد على شباب يافعين وجادين، ومحامين دوليين، ومفاوضين اذكياء، ودبلوماسيين من ذوي الخبرة. فقرارات للأمم المتحدة بخصوص القدس والأراضي المحتلة كثيرة بما فيه الكفاية للسير قدما والبناء على ما هو موجود، وليس البدء من نقطة الصفر. ولكننا لم نسمع حتى الان كلمة جادة بخصوص المحكمة الدولية، فهل هي لامبالاة من قبل الفلسطينيين، ام انه اليأس؟

ربما اليأس، وربما تأخير، وربما تردد. ولكن مهما يكن السبب، فلا يجب ان يكون تراجعا عن اخراج الولايات المتحدة من رعاية اية عملية تتعلق بالقضية الفلسطينية، فالولايات المتحدة أخرجت نفسها من الموضوع قبل ان يخرجها أحد.

وبالعودة الى منظمة المؤتمر الإسلامي، وللحقيقة أن القادة المسلمين في المنظمة لم يعدوا صالحين كحكام، وربما لا يمثلون أي شخص. قد يتوجهوا بنظرهم الى موسكو للتعاون معها في الأسابيع المقبلة كنوع من البحث عن التوازن. ولكن من المؤكد انهم سيكونون تابعين وليسوا أصحاب قرار او مؤثرين، فهم يمثلون دولا فاشلة في الغالب. وبالتالي، من الأفضل أن يتحدثوا عن العالم الإسلامي فقط، فهم يمثلون المسلمين.

اما على الصعيد الدولي، ومن أجل التحرك في موضوع القدس، لن تجدهم مؤثرين، رغم ان منظمة المؤتمر الإسلامي تعتبر ثاني أكبر تجمع دولي بعد الأمم المتحدة. ولهذا ينبغي على الفلسطينيين العمل من خلال مجموعة صغيرة مختارة من هذه الدول كي تتحرك معها على المستوى الدولي بخصوص قضية القدس، فالجدوى لا تكون دائما في الكثرة.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: ذي إندبندنت-بقلم روبرت فيسك

تصميم وتطوير