سياسة ترمب تجاه الفلسطينيين لا تستحق الإشادة.. العالم سيعتبرهم ضحية لعنجهية امريكا

27.01.2018 11:48 AM

ترجمة خاصة- وطن: وصلت رسائل إدارة ترمب إلى وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ذروتها من خلال التغريدات عبر تويتر، وعبر تمرير العديد من الرسائل في خطابات وملخصات المسؤولين والمتحدثين الامريكيين. فبعد سلسلة من التهديدات ضد الفلسطينيين في التغريدات المباشرة لترمب، اتخذ فعلا القرار الأمريكي المتعلق بفرض العقوبات على الاونروا، حيث تم تعليق جزء كبير من التمويل الأمريكي إلى المنظمة الأممية.

ومن الجدير بالذكر أن النقاش حول المساعدات التي تقدمها الإدارة الأمريكية إلى الأونروا ليس جديدا، فقد ثار مثل هذا النقاش عدة مرات في الماضي. إلا أنه اكتسب زخما بعد أن شرع الفلسطينيون بالانضمام إلى المؤسسات الدولية. غير أن الإدارة الأمريكية لم تتوقف عند المناقشات هذه المرة، بل تجاوزت ذلك إلى تنفيذ العقوبات وبشكل واضح. وبدلا من الشروع في إجراء مناقشة نهائية قبل تنفيذ خطوة العقوبات، بحيث تتناول شرعية الخطوة واثارها وغير ذلك من تداعيات محتملة على علاقات الولايات المتحدة مع الفلسطينيين ومع المجتمع الدولي، رفعت إدارة ترمب عصا مؤثرة في وجه الفلسطينيين، وهي الدعم الأمريكي إلى وكالة الأونروا. ومما لا شك فيه أن الخطوة الأمريكية ستتسبب بالمزيد من الضرر للاجئين الفلسطينيين، سواء في المخيمات داخل الأراضي الفلسطينية أو خارجها. ومن وجهة نظر العالم، ينظر إلى الفلسطينيين على انهم الطرف الضحية في الخطوة الأمريكية. أما على الجانب الأمريكي، فلا يحمل الرئيس الأمريكي ذات النظرة بالتأكيد، فهو يعتبر نفسه رئيسا أمريكيا "جريئا ومتنمرا"، وانه الوحيد من بينهم القادر على اتخاذ خطوات من هذا المستوى، وخصوصا خطوته الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وفي هذا السياق، تسوق الإدارة الأمريكية ومعها إسرائيل حجتين رئيسيتين ضد الأونروا: أولهما أن الوكالة تكرس دائما جزءا من وقتها وجهودها في تضخم قضية اللاجئين الفلسطينيين وتهويلها. وثانيهما أن مؤسسات الأونروا تساعد عمليات العنف الفلسطينية، بشكل مباشر أو غير مباشر، كما فعلت عدة مرات خلال عملية "الجرف الصامد"، وفق زعم الكاتب.

ومع الاخذ بعين الاعتبار ما سبق، تظل وكالة الأونروا بمثابة الهيئة الأممية الرئيسية، بل الوحيدة، المكلفة بمتابعة هذه القضية التي لم تحل بعد. ونتيجة لذلك، تواصل الأمم المتحدة تجديد ولايتها حيث أن القضية التي تتولاها لا تنتهي، بل ربما تتفاقم.

كما أن حكومة الاحتلال تدرك أن المساعدات التي تقدمها الوكالة للاجئين لا تتجاوز مجالات الصحة، والتعليم، والاعمال الخيرية، والخدمات الاجتماعية المتنوعة. وتدرك انها خدمات أساسية لا بد منها ولا غنى عنها، ولا شك بانها حالت دون وقوع كوارث إنسانية في قطاع غزة خصوصا وفي الكثير من المخيمات. وما من شك في أنه إن حدثت كارثه كهذه فسيكون الجميع خاسرون. لك أن تتخيل على سبيل المثال حجم الكارثة التي يمكن أن تحل بالأردن، وسط الكثير من المخيمات الفلسطينية، لو لم يكن هناك نشاطات للأونروا في الأردن. ما من شك بالتالي أنه لا غنى عن الوكالة الأممية للحفاظ على الاستقرار في الأردن، التي تعتبر ضمن تحالف الولايات المتحدة وإسرائيل، وفق الكاتب.

جرح فلسطيني مفتوح
يأمل الكثيرون في دولة الاحتلال أن يؤدي قطع المساعدات عن الأونروا إلى تعطيل عمل الوكالة كليا، وأن يؤدي بالتالي إلى انهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين بشكل نهائي. ولكن لا يوجد فلسطيني واحد غير متأثر بهذا الجرح المفتوح والذي لم يلتئم منذ العام 1948، ولن يلتئم دون التوصل إلى اتفاق يوفر حلا دائما ونهائيا للمشكلة. ولا شك بأن قطع التمويل الأمريكي عن الأونروا سيرضي توجهات ورغبات الرئيس الأمريكي ورئيس وزراء الاحتلال، ولكنه بالتأكيد لن يسهم في حل قضية اللاجئين، بل سيصب المزيد من البنزين على حريق "عدم الاستقرار الإقليمي" المستعر منذ سنوات، والذي لا تبدو له نهاية في الأفق.

وكان ترمب قد سبق "عصاه" بقطع المساعدات عن الأونروا-كأول اجراء رفعه في وجه الشارع الفلسطيني الغاضب على إعلانه القدس عاصمة لإسرائيل-بتغريدة كتب فيها أن القدس قد "أزيحت من على الطاولة". أكثر من ذلك، يستنكر ترمب على الفلسطينيين انهم يرفضون العودة إلى المفاوضات بعد أن تمت إزالة أحد اهم مطالبهم من على الطاولة، ومن جانب واحد بلا مفاوضات. ليس هناك زعيم فلسطيني قادر او يوافق على التخلي عن القدس، وليس بإمكان ترمب باي حال أن يقرر من طرفه أن على الفلسطينيين التخلي عن عاصمتهم.

وعليه، فان إنجاز ترمب الوحيد من هذه الخطوة هو عزل نفسه عن الفلسطينيين، وإخراج ادارته من دور الوسيط بين الطرفين. ربما أن هذا ما يريده ترمب بالضبط، كي يتمكن من الاستمرار في الحديث عن رغبته وخطط ادارته في التوصل إلى "صفقة نهائية"، وذلك دون الشعور بالالتزام بتقديم نتائج، كونه "يتحجج" أن الفلسطينيون هم الرافضون. وهذا درس مهم حول الفرق بين المفاوض والوسيط، فكل يقيم الأمور بنظرته. فدونالد ترمب لا يريد أن يفهم أن الفلسطينيين لا يقولون "لا للمفاوضات"، وانما يقولون "لا للمفاوضات بوساطة أمريكية".

وعلى أرض الواقع، وليس على تويتر كما فعل ترمب، وعلى العكس من قرار ترمب، فإن الغالبية المطلقة من دول العالم أوضحت أن القدس ستبقى على طاولة المفاوضات، حتى يتوصل الطرفان إلى اتفاق دائم تكون فيه المدينة عاصمة للدولتين.

إن الرؤساء يأتون ويذهبون، غير أن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي باق. وحل هذا الصراع هو مصلحة للطرفين معا، وإسرائيل هي من يتأثر بالحل أو التدهور، وليس الولايات المتحدة. وبالتالي، فان استمرار الاحتلال والصراع لا يضر بالفلسطينيين فحسب، بل بالإسرائيليين أيضا.

وعلى مر السنين، ورغم أن الولايات المتحدة هي صديق حقيقي لإسرائيل، الا انها حافظت وبطرقة حكيمة على قدرتها على أن تكون "وسيطا يثق به كلا الجانبين". بيد أن سلوك ترمب يجعل الجانبين يتشددان في موقفهما. فالجانب الإسرائيلي، الذي يتمتع بدعم ترمب، يرغب في استغلال ذلك نحو تنفيذ المزيد من خطوات الضم، ويستعجل أمره في ذلك. في حين أن الفلسطينيين، الذين يدركون انهم تحت الهجوم "الترمبي"، يتشددون في مواقفهم ردا على السياسات الأمريكية.

ويجب على الإسرائيليين الاحجام عن الإشادة بسياسة العصا الأمريكية تجاه الفلسطينيين، لان معاقبة الفلسطينيين "بالتغريدات" والميزانيات لن تؤدي إلى تصفية قضية اللاجئين، أو القضاء على تطلعات الفلسطينيين الوطنية. بل ستؤدي إلى المزيد من الإحباط، الذي سينتج عنه المزيد من التشدد في المواقف والتطرف في الأفعال، وهو عكس مصلحة جميع الأطراف.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية

تصميم وتطوير