أمراض إسرائيل الذاتية: الفجوة بين يهود الداخل والخارج

20.03.2018 02:19 PM

ترجمة خاصة-وطن: بينما تقترب دولة الاحتلال من الذكرى السنوية ال (70) لقيامها، يرى الكاتب ان الدولة اليهودية، كما يسميها، تتطور وتتقدم لتصبح قوية ومزدهرة اليوم، غير انه يخشى على حاضرها ومستقبلها.

صحيح أن جيش الاحتلال أقوى من أي جيش آخر في الشرق الأوسط، وفق الكاتب. وصحيح ان البراعة الاقتصادية في إسرائيل تتمتع بشهرة عالمية: فهناك دول هامة، مثل الصين والهند، تحترم التكنولوجيا والابتكار وريادة الأعمال في إسرائيل، الا ان الدولة تواجه تهديدين خطرين، يمكن أن يشكلا خطرا كبيرا على وجودها:

اول التهديدات هو: احتمال تقويض حل الدولتين والقضاء عليه. ويضيف الكاتب انه "محافظ وجمهوري، وانه مؤيد لحزب الليكود، ومؤيد لإسرائيل منذ سنوات الثمانينات. لكن الواقع يقول ان هناك (13) مليون شخص يعيشون بين نهر الأردن، والبحر الأبيض المتوسط. والمقلق في الامر هو ان نصف هؤلاء من الفلسطينيين".

وفي حال استمرت الأمور على ما هي عليه هذه الأيام، فسوف تواجه إسرائيل خيارا صارما ومحدودا: وهو منح كامل الحقوق الى الفلسطينيين، وبالتالي توقف إسرائيل عن مسعاها الى ان تكون دولة يهودية. او إلغاء حقوق الفلسطينيين بالكامل، وبالتالي توقف إسرائيل عن القول والادعاء بانها دولة ديمقراطية. ولتفادي الوصول الى هذه النتائج، وهي غير مقبولة لإسرائيل، يبقى الخيار الوحيد لدولة الاحتلال، وهو المضي قدما نحو حل الدولتين.

ويضيف الكاتب ان الرئيس الأمريكي، ترمب، وفريقه في الإدارة الامريكية ملتزمون بالسلام في الشرق الأوسط. وهناك دولا عربية عدة، مثل مصر والأردن والسعودية والإمارات، أقرب إلى دولة الاحتلال أكثر من أي وقت مضى.
ووفق مصطلح الكاتب، يقول: "بخلاف ما تورده وسائل الاعلام، أخبرني قادة كبار من الفلسطينيين، وبشكل شخصي، انهم مستعدون لبدء المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، وبشكل فوري". لكن الامر لا يخلو من وجود بعض الإسرائيليين والفلسطينيين الذين يرغبون ببقاء الأمور مشتعلة، وبالتالي فهم يدفعون بمبادرات تهدد اية فرصة.

ان التحريض والتعنت الفلسطينيين مدمرين، وفق الكاتب. ويقابل ذلك تعنت ومتعنتون على الجانب الإسرائيلي. فهناك نشطاء اليمين، الذين يدعمون ويدفعون نحو خطط الضم، ونحو المزيد من التوسع، وبناء المستوطنات وتكثيفها على الأرض إلى ابعد حد ممكن.
وخلال السنوات الماضية، استمر بناء المستوطنات على الأرض في الضفة الغربية، وهو ما يعزز الاحتمال بان تصبح جزءا من الدولة الفلسطينية، إذا ما استمرت في هذا المعدل من النمو والتوسع، وإذا تم الوصول الى حل الدولتين. غير ان مثل هذه السياسات الإسرائيلية تخلق واقع دولة واحدة، لا يمكن تصحيحه، ولا رجعة فيه.

والتهديد الثاني: هو ان تستسلم إسرائيل للمتطرفين المتدينين، وللضغط المتنامي من الشتات اليهودي. وفي الواقع، يعتبر اليهود خارج إسرائيل غير مقبولين بنظر الإسرائيليين المتطرفين الذين يعيشون في دولة الاحتلال، والذين يسيطرون على الحياة العامة، والطقوس الدينية، والأماكن المقدسة في دولة الاحتلال.

ومن بين (8) ملايين يهودي يعيشون في أمريكا، وأوروبا، وأمريكا الجنوبية، وأفريقيا، وأستراليا، من الأرثوذكسية الحديثة أو المحافظين أو الإصلاحيين أو العلمانيين، هناك (7) ملايين يشعرون، وخاصة خلال السنوات القليلة الماضية، بأن دولة الاحتلال، التي دعموها سياسياً ومالياً وروحيا، قد أدارت لهم ظهرها.
ولهذا، ومن خلال الخضوع للضغوط التي تمارسها الاقلية اليهودية في إسرائيل، تقوم إسرائيل "بتنفير" شريحة كبيرة من اليهود في العالم، وفق الكاتب.

ولعل هذه الأزمة واضحة على الأخص بين الجيل الشاب بين اليهود، الذي هو علماني في الغالب. وهذا يؤشر الى ان عددا متزايدا من اليهود، ولا سيما في الولايات المتحدة، يعزفون عن إسرائيل. لأن سياساتها تتناقض مع القيم التي يعتقدون بها، وفق الكاتب. ولا شك بان النتائج الخارجة عن سياسات كهذه غير مفاجئة: فاليهود في الخارج يعيشون "الاغتراب"، والتناقص، وضعف الارتباط بين المجتمع اليهودي العالمي والمجتمع اليهودي داخل إسرائيل، وفق الكاتب.

ويضيف الكاتب، انه قام خلال السنوات ال (10) الأخيرة، بزيارة تجمعات يهودية في أكثر من (40) دولة، أعرب كل تجمع منها عن قلقه ومخاوفه بشأن مستقبل إسرائيل، وعلاقتها باليهود المغتربين حول العالم.
ويضيف، "يشعر اليهود غير الأرثوذكس، بمن فيهم أنا شخصياً، بأن انتشار التدين في إسرائيل يحول دون تحولها من دولة حديثة وليبرالية، إلى دولة شبه دينية. فالغالبية العظمى من اليهود حول العالم لا تقبل باستبعاد النساء بحجة ممارسات ومعتقدات دينية معينة، أو قوانين صارمة. وهم يشعرون بأن إسرائيل تتخلى عن الرؤية الإنسانية لثيودور هيرتزل، وتنحو باتجاه مواصفات لا تتناسب معها، كي تواكب روح القرن الحادي والعشرين.

ويضيف ان إسرائيل تكافئ اختيارات الناخب الإسرائيلي، وتعمل على الاستجابة لها، في إسرائيل وفي الشتات. نحن في مفترق طرق. وإن الخيارات التي تتخذها إسرائيل في السنوات القادمة ستحدد مصير الدولة اليهودية الواحدة والوحيدة.
ولهذا كله، يجب علينا بالتالي، ان نقوم بتعديل المسار، وان نضغط من أجل حل الدولتين، لا الدولة الواحدة

 

ترجمة: ناصر العيسة، عن: نيويورك تايمز

تصميم وتطوير