الأمريكيون والسعوديون... وتنفيذ صفقة القرن رغم الرفض الفلسطيني

31.03.2018 10:27 PM

ترجمة خاصة- وطن: لم يعد أحد من الأمريكيين او الإسرائيليين يمارس الضغط على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، لإدانة الهجمات الفلسطينية، كما كان يطلب اليه في الماضي. فقد توقف الجانب الإسرائيلي عن رؤية الرئيس عباس كشريك ذي صلة،ومنذ زمن بعيد. فيما ينظر اليه فلسطينيا على انه بطل.

وفي الوقت الذي يبقي فيه عباس على صمته حيال الأوضاع المعيشية للسكان في غزة، رأينا صائب عريقات يذرف "دموع التماسيح"، وفق مصطلح الكاتب، على الأزمة الإنسانية في غزة، رغم محاولة الاغتيال التي استهدفت رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله،عندما كان في طريقه للدخول الى قطاع غزة.

ويدرك عريقات، مثل عباس،ان حماس لا تكترث بمؤسسات السلطة الفلسطينية في رام الله، ولابمسؤولياتها هناك. ومع ذلك، يصر عريقات على التذكير بظروف سكان غزة والبطالة، والفقر، والعواقب الخطيرة التي تنتج عنها. علما انه يتجنب التحريض على حماس بشكل مباشر.

وفي منطقتنا، لا يمكن لشيء ان يولد بالصدفة، ولا بد ان لكل شيء مسببات خاصة به، وارتدادات تنتج عنه.سواء كان ذلك هجوما عسكريا، او تصريحات كلامية مثل الكلام"الوعظي"،غير المقنع، الصادر عن صائب عريقات. غير ان الصورة أكثر تعقيدا مما تبدو عليه.فقبل أيام، بدا ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان،زيارة رسمية الى الولايات المتحدة، وسار على السجاد الأحمر في طريقه إلى اجتماع مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، في البيت الأبيض في واشنطن. وصل ولي العهد السعودي الى الاجتماع المعد مسبقا بالطبع،وهو على دراية بالتوقعات التي من المفترض ان تخرج عنه، والذي سيحدثه بها الامريكيون. وعلى خلفية الزيارة، قال الجانبان إن العلاقات بين الرياض وواشنطن لم يسبق لها ان وصلت الى هذا المستوى من التفاهم والتحالف من قبل.

وقبيل سفره قام ابن سلمان بالتحضير لزيارته وربطها بالسياقات المطلوبة. فقد سافر إلى مصر،وقام باطلاع الرئيس المصري،عبد الفتاح السيسي، على رؤيته الاقتصادية، وقام بسحب مئات الملايين من الدولارات من جيبه لصالح الاقتصاد المصري، في استثمارات قصد منها بشكل اساسي دعم السيسي. ومن الواضح ان الرياض والقاهرة تعملان على تجاوز الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وتحضران للعمل مع الرئيس الذي سيخلفه.

وهناك خطوة أخرى مماثلة يقوم بها ابن سلمان تجاه الأردن، حيث انه يقصد تخطي الأردن، وتجاهل الملك عبد الله الثاني. ومن المعروف ان ابن سلمان لن يسحب محفظته للتبرع للأردن، او الاستثمار فيه، حتى يقطع الملك عبد الله علاقاته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ويتوقف عن الغمز في قناة إيران، ويتبنى "صفقة القرن". وانطلاقا من ان الصراع ما يزال حيا، وحامي الوطيس بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يعتبر الملك الأردني الأقرب الى موقف الرئيس الفلسطيني، ويرفض بالتالي التخلي عن التزاماته برعاية الأماكن المقدسة في القدس، وحلها حلا جذريا.

وكعادة ترمب تجاه القضية الفلسطينية، من الواضح ان الرئيس الامريكي لا يعير الا وقتا قصيرا هامشيا بخصوص الفلسطينيين، وان جل اهتمامه يذهب الى الإسرائيليين، ويسعى الى ما يرضيهم.

ووفقاً للتقارير، فان السعودية اطلعت مسؤولين فلسطينيين على مشروع "صفقة القرن"، الذي كانت تعده الولايات المتحدة. والملخص الرئيس لصفقة القرن يضم (35) صفحة توجز مفهوم الدولة الفلسطينية المستقبلية، كما تراها إدارة ترمب، بحث تقع داخل حدود مؤقتة، على نصف أراضي الضفة الغربية.كما ترفض الصفقة أي نقاش يتعلق بوضع القدس الشرقية، وتقترح فقط حلولاانية وفردية فيما يتعلق بحق اللاجئين في العودة.

واهم ما ذكر بخصوص صفقة القرن، هو تشديدها على أنه سيتم تنفيذها، سواء وافق الفلسطينيون ام لم يوافقوا.تماما مثلما قال ترمب خلال أيامه الأولى في البيت الأبيض: "إذا قبل الفلسطينيون الصفقة، فليأخذوها. وإذا لم يقبلوها، سننفذها بدونهم".

ومن بين أهدافها، تسعى صفقة القرن لترمب إلى تكوين كتلة جغرافية ضد عدة قوى، أولها إيران، ومن ثم أردوغان،وحماس. وبعد إزالة العائق المتمثل بريكس تيلرسون، تتولى السعودية الان زمام الأمور.بينما اخرج ملك الأردن، عبد الله الثاني، نفسه من معادلة الصفقة الامريكية.

وعلى الصعيد المصري، استغل السيسي بعضا من وقت حملته للانتخابات الرئاسية،وعقد اجتماعا عاجلا  مع رئيس الوزراء الأردني، هاني الملقي. وبعد الاجتماع، بدأ القصر الملكي الأردني في إعادة الحسابات والخيارات، حيث تبين لاحقا ان الأردن سيقوم بإلغاء اتفاقيات التجارة الحرة التي ابرمها مع تركيا.

ولا شك بان إسرائيل تشارك، وبشكل معمق،وكطرف أساسي، في اعداد الصفقة. ولن يفاجأ رئيس وزراء إسرائيل، نتنياهو،بما سيصدر عن صفقة القرن، خاصة تلك الأمور التي لم يتم تسريبها، او الكشف عنها، فهو بلا شك اعرف الناس بها.

ترجمة: ناصر العيسة،عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية

تصميم وتطوير