جيش الاحتلال يسجل فشلا.. المتسللون من غزة وصلوا "تسئيليم" وأمكنهم الوصول الى "تل ابيب"

01.04.2018 04:19 PM

ترجمة خاصة-وطن: من المعقول، والمعقول جدا، الاعتقاد بان "المتسللين" الفلسطينيين الذين تسللوا عبر السياج المحيط بقطاع غزة، وتم القاء القبض عليهم، بالقرب من سياج قاعدة "تزيليم" العسكرية في النقب، لم يخططوا للقيام بهجوم مسلح. وبصرف النظر عن دوافعهم، فإن الحادث بأكمله، وبكل ما يحيط به من تفاصيل مثيرة، يشير إلى فشل إسرائيلي خطير في حماية حدود إسرائيل.

ولا تعتبر هذه الاحداث والعمليات من النشطاء الفلسطينيين جديدة، فقد شهدت السنوات الأخيرة، وخصوصا في أعقاب تصاعد الأزمة الإنسانية في غزة، القبض على عدد من الشبان الغزيين الذين حاولوا التسلل الى "الأراضي الإسرائيلية"، وفق مصطلح الكاتب. وكان بحوزتهم أسلحة، الا انهم لم يقوموا باستخدامها، بل انهم لم يحاولوا استخدامها. وفي وقت لاحق، أوضح هؤلاء الشبان للمحققين الاسرائيليين أنهم كانوا يريدون ان يتم اعتقالهم، كي يتمكنوا من قضاء بضع سنوات في السجون الإسرائيلية، مما يمكنهم من الحصول على ثلاث وجبات من الطعام في اليوم، مع منحهم خيار الالتحاق بالدراسة، وفق الكاتب.

وقال الشبان الغزيون الذين سبق ان تم القاء القبض عليهم بعد تسللهم من غزة الى إسرائيل في أوقات سابقة، انهم كانوا يتعمدون حمل أسلحة معهم كي يتم تشخيصهم من قبل جيش الاحتلال على انهم "إرهابيون مسلحون" وفق الكاتب، وليس فقط "كمتسللين غير شرعيين". لأنه يتم في العادة إعادة "المتسللين غير الشرعيين" إلى القطاع، او الى أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية (وهو ما لم يريده المتسللون الثلاثة، وفق الكاتب). بينما يعتبر الفلسطينيون الذين يتم ضبطهم متسللين مع اسلحة على انهم "إرهابيون"، وفق الكاتب، ويتم ايداعهم السجن لفترات طويلة.

ومن المحتمل أن الشبان الثلاثة الذين تسللوا إلى إسرائيل قبل عدة أيام كان لديهم نية مماثلة (أي ان يلقى القبض عليهم). فهم جميعا من عائلة واحدة، تقطن جنوب القطاع. وقد تمكنوا من قضاء (5) ساعات في إسرائيل، بعد تسللهم، قبل أن يتم القبض عليهم. وقد كانت تلك مدة طويلة، كان من الممكن أن يكونوا قد نفذوا هجمات إرهابية قبل ان يتمكن أحد من اكتشافهم والقبض عليهم. ومن الملاحظ انهم لم يبدوا اية مقاومة، مما يشير الى أن خطتهم كانت تهدف الى ان يتم اعتقالهم وسجنهم في إسرائيل، كي يتمكنوا من "التمتع" بالظروف المعيشية التي يفتقرون إليها في غزة، وفق مصطلح الكاتب.

والتفسير الاخر لحادثة المتسللين الثلاثة هي أن حماس أرسلتهم، لتقويض ثقة الجنود الإسرائيليين الذين يحرسون السياج الحدودي، وإهانتهم. وبعبارة أخرى، حاولت حماس، والجهاد الإسلامي، وربما منظمة فلسطينية أخرى، تنفيذ "هجوم حسي"، يترك انطباعا خاصا لدى الفلسطينيين، وتأثيرا كبيرا لدى الإسرائيليين جنودا ومدنيين.

فشل خطير في حماية الحدود
وبصرف النظر عن الدوافع الحقيقية للمتسللين، فان حادثة التسلل تبرهن على وجود فشل خطير في حماية الحدود، وحماية سكان منطقة النقب الغربي بعد ذلك.

وما من شك في ان هذا النوع من التسلل يجب ألا يُسمح به باي حال من الأحوال، لأنه لا يعرض سكان منطقة الجنوب وحدهم الى الخطر، بل انه يضع جميع سكان إسرائيل في خطر حقيقي. حيث ان أي متسلل قادر على الوصول إلى "تزيليم"، سيكون قادرا على الوصول إلى تل أبيب، وبسهولة أيضا، ولن يستغرقه ذلك سوى عدة ساعات. فامتلاك سكين وثلاثة قنابل، لها نفس الإمكانات القتالية مثل جهاز التفجير، ان أحسن استخدامها. ولذلك، من المهم التحقيق في كيفية حدوث ذلك التسلل، وما هو الذي أدى إلى ذلك الفشل.

وما يزال جهاز "الشين بيت" الاحتلالي، وجيش الاحتلال، يستجوبان الشبان الثلاثة. ولكن يجب الاستنتاج ان المتسللين كانوا قد راقبوا السياج الحدودي لفترة طويلة، في المنطقة الواقعة شمال غرب رفح، قبل التسلل إلى إسرائيل. ويبدو انهم اكتشفوا في نهاية المطاف، ثغرة في الأرض تحت السياج الحدودي، ناتجة عن مياه الأمطار، او انهم عثروا على مكان ضعيف في السياج، ربما تضرر بسبب الأحوال الجوية.

المتسللين قاموا بضرب السياج بالحجارة
وقد تلقى جيش الاحتلال تحذيرا من السياج، وتم ارسال الجيش الى منطقة التحذير، قبل وقت الفجر بقليل. لكن جنود الاحتلال فشلوا في اكتشاف التسلل، إما لأن الاشارة الصادرة عن السور ضعيفة، أو لأن الاختراق كان صغيراً للغاية، بحث صعب على الجنود اكتشافه.

وهناك عامل آخر جعل من الصعب رصد المتسللين، وهو الضباب الكثيف الذي لف منطقة غزة في ليلة التسلل، علما ان المنظمات الفلسطينية تركز جهودها الخاصة للتسلل في الليالي الضبابية أكثر من غيرها.

والسؤال الاخر الذي يجب أن يجيب عليه جيش الاحتلال هو ما إذا كانت القوة التي توجهت الى السياج قد قامت بفحصه بعد تلقي الإنذار. فالسياج ينقل التحذيرات الناتجة عن الرياح القوية، أو الحيوانات التي تلمس السياج. وفي بعض الأحيان، تحاول المنظمات الفلسطينية التشويش على الجيش، واختبار يقظته عن طريق إلقاء الحجارة على السياج. ولهذا، تبقى أحد الاحتمالات ان المتسللين قاموا بضرب السياج بالحجارة، لجب الجنود اليه، ومن ثم ركن الجنود بعض الفحص الى ان الامر يعود الى الرياح، او الحيوانات. ولهذا، يبدو ان الجنود وقعوا في خديعة المتسللين، وتراخوا استنادا على تقدير انه لا يوجد خطورة تحيط بالسياج.

لقد تم الكشف عن تسلل الشبان الغزيين الثلاثة بعد أكثر من (5) ساعات من وقوعها. ولكن بمجرد أن تم رصد المتسللين، من خلال رصد آثار أقدامهم، تم تنبيه جيش الاحتلال، الذي قام بتعقب المتسللين بسرعة نسبية، خاصة أنهم لم يقوموا بإخفاء آثارهم. ومن المؤكد لو أنهم لو أخفوا اثار سيرهم، كما يفعل المتسللون الفلسطينيون في العادة، لربما وصلوا إلى وسط إسرائيل خلال (3) ساعات فقط.

وبعد الحادثة الأولى، تسللت خلية فلسطينية أخرى إلى إسرائيل، وحاولت تخريب معدات هندسية ثقيلة تستخدم لبناء الجدار الذي تبنيه إسرائيل تحت الأرض. وعندما سمعوا دبابات تقترب منهم، هربوا وعادوا إلى القطاع من خلال الخرق الذي احدثوه في السياج قبل دخولهم.

ومن المؤكد ان حوادث التسلل لم تكن عشوائية. فحركة حماس تحاول استعراض عضلاتها في الفترة الأخيرة، في محاولة لتجنيد الرأي العام العربي، والدولي، الى جانب الفلسطينيين، ضد إسرائيل. كما تسعى من خلال ذلك الى التغلب على عزلتها، والأزمة الإنسانية التي يرزح تحتها قطاع غزة.

 

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية

تصميم وتطوير