المظاهرات في غزة مدفوعة بعاملين: يأس الجماهير، ودعوات حماس

10.04.2018 03:34 PM

ترجمة خاصة-وطن: شهدت المظاهرات العارمة التي قام بها النشطاء الفلسطينيون، على حدود قطاع غزة، هتافات صاخبة من قبيل "الموت لا المذلة"، بينما كانوا متوجهين في معظم الوقت نحو السياج الحدودي. سار النشطاء بينما ارتمى قناصة الاحتلال على التلال الرملية قرب السياج الحدودي، لإطلاق النار نحو الالاف من المتظاهرين الذين تجمهروا واستعدوا لإشعال النار في اكوام كبيرة من الإطارات القديمة التي جرى تجميعها في حقول الشعير الواسعة قرب حدود قطاع غزة. وقد هدف الفلسطينيون من حرق الإطارات الى حماية المتظاهرين من قناصة الاحتلال عبر تشويش الرؤية بشكل مكثف.

اما بالنسبة الى المتظاهرين الفلسطينيين، فقد تركوا التسكع في شوارع المخيمات في غزة، وفق مصطلح الكاتب، وانطلقوا الى السياج الحدودي، يرددون الأغاني التي اعتادوا عليها خلال المواجهات مع الجيش. وشارك الشبان بشكل مكثف في القاء الحجارة، واشعال الإطارات بالقرب من الحدود، على الرغم من التحذيرات المتواصلة التي أطلقها وزير جيش الاحتلال، بانه سيتم إطلاق النار على أي متظاهر يقترب من السياج الحدودي. وقد نتج عن المواجهات استشهاد (19) شخصا، بنيران الاحتلال، في يوم واحد، فضلا عن إصابة المئات.

وقال ناهد قديح، وهو طالب في المدرسة الثانوية، يبلغ من العمر (17) عاما، انه ليس لديه ما يخسره، وانه انضم الى زملائه كي يساعدهم ويحميهم، وانه أمضى يومه في اشعال الإطارات من اجل اشغال جنود الاحتلال عن إطلاق النار على المتظاهرين، وحجب الرؤية عنهم بشكل تام كي لا يتمكن الجنود، المتمركزون على التلال خلف السياج من إصابة المتظاهرين.

وأضاف قديح انه ذهب للمشاركة، وبلا تردد، وانه سيكون مصدر فخر لعائلته في حال أصيب او استشهد في المواجهات، على الرغم من ان عائلته تتطلع الى ان ترى ابنها ناهد مهندسا. غير انه شكك في ذلك قائلا: "ان آفاق العمل بعد التخرج قاتمة، والفرص محدودة".

وينظر الى حالة الشك والياس التي يعيشها ناهد قديح، كمثال على حالة الالاف من الفلسطينيين. ويعتبرها البعض فرصة كبيرة لحماس، والتنظيمات الفلسطينية الاخرى، من اجل اقناع الشبان الفلسطينيين "اليائسين"، وفق مصطلح الكاتب، للانضمام الى التظاهرات، وبسهولة أكثر من المعتاد.

يشار الى ان الأفكار الجديدة التي يطبقها الفلسطينيون خلال تظاهراتهم على السياج الحدودي، طرحت لأول مرة من قبل ناشطين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. غير ان حماس نجحت في الاستحواذ على الافكار وتوظيفها وتوجيهها، منذ ذلك الحين، بدعم ومساندة من فصائل فلسطينية أصغر.

وباستخدام براعتها التنظيمية للأحداث، قامت حماس بإنشاء (5) معسكرات خيام بالقرب من السياج الحدودي، كنقاط جذب، ومحطات تجمع للمتظاهرين. كما أعلنت بكل الوسائل عن توفر حافلات لنقل المتظاهرين الى النقاط الحدودية. وفي خضم ذلك، أبقت حماس على مراقبتها المستمرة للأحداث والتطورات من خلال انشاء غرفة عمليات خاصة.

كما قامت حماس بتزويد مخيمات التجمع بدورات مياه متنقلة، وأضواء كاشفة، وخدمة الانترنت. كما جهزت المخيمات بحواجز ترابية، بين الحدود والمخيمات كحماية إضافية. وطلبت الى سيارات الإسعاف البقاء على أهبة الاستعداد لإخلاء الجرحى ونقلهم إلى المستشفيات.

وفي حسابات حماس، قد تشكل هذه الاحداث الفرصة الأخيرة لاختراق الحدود، وكسر الحصار الذي تفرضه إسرائيل ومصر على قطاع غزة، وذلك لأول مرة منذ سيطرتها على القطاع، من قوات الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في العام 2007.

لقد أدى الحصار الى تدمير اقتصاد غزة، وجعل من المستحيل على الناس أن يدخلوا ويخرجوا من القطاع. كما ترك السكان يواجهون الظلام لساعات طويلة كل يوم. كما عاش الناس والمياه التي تصل الى منازلهم غير صالحة للشرب. وتعمد الاحتلال تلويث سواحل البحر المتوسط المقابلة لغزة بشتى أنواع النفايات.
وفشلت أساليب ومحاولات حماس في خرق الحصار، بما في ذلك المحاولات السياسية التي أعقبت (3) حروب شنتها إسرائيل على القطاع. كما تعثرت جهود المصالحة الفلسطينية الأخيرة، ربما لان حماس رفضت نزع السلاح.

وتصف حماس الحشود والمظاهرات المقررة يوم 15 أيار 2018، باسم "مسيرات العودة العظيمة"، حيث قررت دعوة اللاجئين الفلسطينيين وعائلاتهم الى المسيرات هذه المرة. مما يعني أن حماس تحاول العبور بالمتظاهرين الى إسرائيل في ذلك اليوم، عبر الالاف من المتظاهرين، وتحت اعين الكاميرات.

واتهمت إسرائيل حماس باستغلال المدنيين في غزة لتحقيق مكاسب سياسية عن طريق إرسالهم إلى المناطق الحدودية الخطيرة، وان حماس تستخدم احتجاجات المتظاهرين للتغطية على هدفها الأهم، وهو محاولة تدمير العوائق الحدودية.

وقد تعرضت إسرائيل لانتقادات كبيرة بسبب أوامر إطلاق النار. غير انها رفضت كل تلك الانتقادات تحت مزاعم معتادة بان المظاهرات تهدد حياة الجنود. وتقول إسرائيل انه كان بإمكان حماس إنهاء معاناة سكان غزة من خلال التخلي عن أسلوب التسلح وطريق العنف.

وقال مسؤول إسرائيلي أن حماس تأمل، من خلال التحركات، الى لفت انتباه العالم إلى الوضع في غزة، ومن ثم تحسين نفوذها، وجر جمهورية مصر العربية الى التوسط في جولة جديدة من محاولات المصالحة مع محمود عباس. وفي إشارة الى ان الضغط ينجح، ويأتي بنتائج، التقى وفد من المخابرات المصرية مع الرئيس عباس مؤخرا، في محاولة لاحتواء التصعيد في غزة.

وفي مخيم للتجمع في منطقة "خزاعة"، قال مصعب القصاص، (26) عاما، وعاطل عن العمل، بينما كان يشرف على تجميع الإطارات: إن المظاهرات منحته ومنحت أصدقاءه الشعور بالوجود والاهمية. وقال انه قد أصيب مرتين قرب الحدود منذ اعلان ترمب القدس عاصمة لإسرائيل في السادس من كانون الأول 2017.

وخلص مصعب القصاص بالقول: "إن الوظيفة ليست هي الدافع الوحيد للمخاطرة بحياتي، وانا أحب وطني، ومستعد للتضحية من أجله".

بينما خلص ناهد قديح الى راي مغاير بالقول: "ان الدافع لخروج الناس هو الإحباط، ولو كان الوضع جيدا، لما رأيتَ أحدا هنا".

ترجمة: ناصر العيسة، عن وكالة AP

تصميم وتطوير