مصير الاتفاق النووي الإيراني.. بين يدي الرئيس الفرنسي

29.04.2018 03:10 PM

ترجمة خاصة-وطن: تحدث الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، عن الاتفاق النووي مع إيران بعدة لهجات متفاوتة، وتصريحات متناقضة، خلال زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إلى واشنطن.
ويبدو ان الرئيسين نجحا في خلق صداقة وتحالف مصالح بينهما، على الرغم من فارق السن، بين ترمب البالغ من العمر (71) عاما، وماكرون البالغ (40) عاما.

غير ان ماكرون لم يأت إلى واشنطن لمجرد التقاط الصور، او لإعطاء ترمب عناقا أمام الكاميرات، وهو عمل قد يكلفه الكثير بين ناخبيه في فرنسا، على اعتبار انهم يكرهون الرئيس الأمريكي. بل ان ماكرون وصل في مهمة عمل لإقناع ترمب بعدم الخروج من الاتفاق النووي مع إيران.

فلحظة الحقيقة تقترب، حيث ان على ترامب  ان يقرر  في 12 أيار 2018، ما إذا كان سيوقع على تعليق جديد للعقوبات الأمريكية على إيران. وإذا لم يقم بالتوقيع على تجميد العقوبات، فهذا يعني أن الولايات المتحدة تنسحب من الاتفاق بشكل كامل. وفي حال أصبحت الولايات المتحدة خارج الاتفاق، فسيشعر ذلك إيران بأنها غير ملزمة بالاتفاق أيضا. وفعلا، فقد قالت إيران ذلك بوضوح على النحو التالي "كل الاتفاق، او لا اتفاق". وبالتالي، فان زيارة ماكرون تعتبر من اهم الزيارات التي قام بها رئيس فرنسي الى الولايات المتحدة تاريخيا.

ومن غير الواضح ما إذا كان ماكرون قد نجح في مهمته ام لا. ولن يمكن التحقق من ذلك الا بحلول تاريخ 12 أيار 2018. ولكن طبيعة الاجتماعات بين الرئيسين بينت انه كان من الواضح أن ماكرون قد نجح في سحر ترمب، الذي لا يسارع إلى الثناء على أحد، من الأصدقاء او القادة. الا انه أغدق على نظيره الفرنسي الكثير من الثناء وبشكل ملفت.

وخلال الاجتماعات الرسمية مع ماكرون، تحدث ترمب عن الاتفاقية بنبرات مختلفة، مما قد يعني أن موقفه الراسخ والرافض للاتفاق النووي، أصبح أكثر غموضا، مما يترك الباب مواربا وبكل سهولة نحو الانسحاب من الاتفاق ودون عقبات.

ومن الجدير بالذكر ان ترمب بدأ كلامه مع ماكرون بوصف الاتفاق بانه "مجنون" وانه "سخيف" وقوله "كان يجب ألا يتم أبدا".

وبعد عدة ساعات، بدا ترمب على توافق أكثر مع ماكرون، لكن مع غموض كبير، وكلام من الواضح انه في العموميات. حيث خاطب ماكرون أمام الكاميرات بالقول: "يمكن أن يكون بيننا تفاهم قريب". وعندما طلب منه أحد المراسلين توضيح ماهية التفاهم بينهما، رفض تقديم اية تفاصيل، ورد بالقول: "سوف تكتشفون ذلك". وفي الوقت الذي كان ترمب يتحدث فيه مع ماكرون عن "تفاهم"، كان يطلق التهديدات في ذات الوقت باتجاه إيران، حيث قال " إذا قامت إيران بتهديدنا بأي شكل من الأشكال، فستدفع ثمنا لم يسبق لأية دولة ان دفعته من قبل".

وقال ماكرون، بينما كان إلى جوار ترمب، إنه مستعد لمناقشة "صفقة جديدة مع إيران، لكنه لا ينوي الانسحاب من الاتفاق النووي الحالي".

وكانت خطة ماكرون تقتضي العودة إلى فرنسا مع نوع من الإنجاز، وهو إنجاز لا يمكن لاحد ان يوفره له الا ترمب. وان حصل وانبثقت نتائج عن ذلك خلال الايام المقبلة فسيبدو الامر وانه تم تحقيق منفعة متبادلة للطرفين، حيث سيقول ماكرون إنه استطاع التأثير على موقف ترمب، وهو ما يعزز موقفه امام ناخبيه. ومن جانبه، سيكون ترمب قادرا على القول إن التهديدات التي أطلقها، في كل اتجاه، أتت بنتيجة، ونجحت في تغيير الاتفاق على الصورة التي يريدها.

وحاول ماكرون تقديم أفكار تساعد ترمب على تقبل الاتفاق، كما حاول جس نبض ترمب من خلال اقتراحه إضافة فقرات تتناول الوجود الإيراني في سوريا، وبرنامج إيران الصاروخي.

لا شك بان الساعة تدق والموعد يقترب، ويتعين على ترمب اتخاذ قرار بحلول 12 أيار. ويقول المقربون منه انه مصمم على الانسحاب من الاتفاق. وما من شك في ان مثل هذا القرار سيعمق الأزمة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في ظل التحذيرات التي أطلق

ها زعماء الاتحاد منذ ان وصل ترمب الى البيت الأبيض. فضلا عن ذلك، حذر خبراء في الإدارة الأمريكية ترمب من السماح لإيران الانفكاك من التزاماتها. فحسب تقديراتهم الى ترمب، فإن إيران ستندفع الى استئناف برنامجها النووي، وبشكل أسرع مما كان عليه سابقا.

لا يمكن لماكرون توقع الكثير من الان حتى موعد 12 أيار، مثل موافقة ترمب على تجديد الاتفاق كما هو في وضعه الحالي (دون تعديلات). الا انه يمكن ان يتوقع فرصة أن يعلن ترمب أنه يتراجع عن قراره بالانسحاب مقابل الكثير من التعديلات. بعبارة أخرى، يمكن ان يوقع ترمب على تعليق العقوبات المفروضة على إيران، مقابل ان يقوم شريكه ماكرون بالعمل في الأشهر القليلة المقبلة للتوصل إلى اتفاق حول توسيع الصفقة.

ولكي يأتي هذا القرار المنتظر من ترمب، يتعين على ماكرون إقناع جميع الأطراف التي وقعت على الاتفاق، بما في ذلك إيران، بأن من مصلحتهم أن يقوموا بالتعديل على الاتفاق. وسيوافق ترمب على تجميد العقوبات في حالة واحدة هي إذا حصل على دليل قاطع على وجود استعداد لتوسيع الاتفاقية. ويبقى الخطر ان ماكرون لن يكون قادرا على تقديم مثل هذا الدليل.

وما من شك في ان ترمب مقتنع بأنه إذا انسحب من الاتفاق النووي، فإن إيران سترتكب أخطاء دراماتيكية، وستعيد تفعيل منشآتها النووية بكامل قوتها، مما يعطيه مبررا لتوجيه ضربات عسكرية في إيران، وخصوصا ان مستشاره الجديد للأمن القومي، جون بولتون، من أكبر المتحمسين للخيار العسكري ضد طهران.

ولن يكون من المبالغة القول إن مصير الاتفاق النووي بين يدي ماكرون الان. ولن يكون من المبالغة القول إن فرصته في إنجاز مهمته في إبقاء ترمب في الاتفاق الحالي، بدون تعديلات، ضئيلة جدا. وقد عزز ذلك التوقع تصريحات ترمب ضد إيران قبل بضعة أيام. ولكن لا يمكن اغفال عنصر آخر في هذه اللعبة، وهو شخصية ترمب. فهو شخص قادر على إطلاق تصريحات متناقضة، ومن ثم القيام بعكس ما يقول تماما. فهل يجدد التهديدات من جهة، ثم يجمد العقوبات من جهة اخرى؟

ترجمة: ناصر العيسة، عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية

تصميم وتطوير