ما بين الرياض و"تل أبيب": ألعاب تجسسية وعلاقات سرية وتطبيع متصاعد

04.05.2018 11:19 AM

ترجمة خاصة- وطن: تهانينا، لقد تمكنا من الحصول على موطئ قدم تجسسي،وان كان في وقت متأخر، في المملكة العربية السعودية، هكذا تفتتح الكاتبة مقالتها في موقع صحيفة "يديعوت احرونوت" بالإنجليزية". وتنقل عن صحيفتان سعوديتان،رائدتان، ومقرهما في الرياض،قولهما إن إسرائيل نجحت في زرع اثنين من عملاء الموساد في السعودية،وكان كلاهما نشيطا وفعالا، منذ عدة أشهر، دون إثارة أية شكوك.

ووفقا لتقارير الصحيفتين، فإن وكلاء الموساد هما "عربيان "،  وقد حصلا  على جوازات سفر لدول عربية ثالثة. وقد وصلا الى السعودية متظاهرَين بأنهما يبحثان عن عمل. ولكن، عندما بدا عليهما الاجتهاد في الحصول على معلومات أكثر تنوعا وأكثر عمقا، وان كانت في سياق العمل والوظائف، وعندما بدءابطرح الكثير من الأسئلة، قامت السلطات بوضعهما تحت المراقبة السرية، ومن ثم تم القاء القبض عليهما. غير انه لم يتضح مكان وزمان القبض عليهما، علما ان السلطات السعودية وعدت أن تبدأ بمحاكمتهما بأسرع وقت ممكن.

وأشار التقرير إلى أن هذه تعتبر المرة الثانية التي تنجح فيها الاستخبارات السعودية في الكشف عن عملاء للموساد الإسرائيلي. فقبل نحو (5) سنوات، ألقت القبض على عربي  للاشتباه بقيامه بجمع معلومات استخبارية لمشغليه في إسرائيل، الذي كان يتراسل معهم عبرالبريد الإلكتروني (الايميل)، وفقا للائحة الاتهام التي وجهتها له السلطات الأردنية.وقد حكم عليه بالسجن (9) سنوات،بالإضافة الى معاقبته ب (80) جلدة تلقاها على الفور قبل القائه في السجن.

ولا تنفرد المملكة العربية السعودية بتصرفاتها عن دول الجوار، فكل تلك الدول سرعان ما تقوم بتحويل النار نحو "اسرائيل"،  في كل مرة تواجه فيها توترات داخلية. وترى جميع دول الجوار ان أسهل ما يمكن فعله للهروب من الازمات الداخلية هو توجيه الهدف نحو إسرائيل، وتشغيل الالة الدعائية المعادية لإسرائيل لكسب التعاطف الشعبي ولو بطريقة كاذبة. وفي هذا الشأن، من الواضح ان إسرائيل "توحد الجميع"في حالة الازمات الداخلية.

وفي الحالة المصرية، تم القبض على العديد من عملاء الموساد في مصر، قبل وبعد اتفاقية السلام. هذا فضلا عن ان المسلسلات التليفزيونية، التي تتناول قصصها قضايا الاستخبارات، تتربع على راس قائمة المسلسلات الأكثر مشاهدة. وتتضمن القصص في العادة عميلا للاستخبارات الإسرائيلية، ذكرا او أنثى، ويتم الكشف عنه، واعتقاله،ومن ثم يعترف، كالعادة، بان الموساد قام بإرساله "لتقويض النظام".

وفي في الحالة اللبنانية، أصبحت إسرائيل، وأجهزة استخباراتها، جزءامعتادا من الصراع الداخلي بين الأحزاب اللبنانية، وخصوصا في صراعاتها مع حزب الله. ولا يعني ذلك ان "يد إسرائيل نظيفة" من التلاعب الاستخباري في لبنان، "فنحن لسنا ملائكة"، وفق مصطلح الكاتبة. لكن المثير للاهتمام، وبشكل كبير في لبنان، هو قدرة حزب الله على كشف عملاء الموساد وتسليمهم الى السلطات القضائية العسكرية اللبنانية. ومن المهم الإشارة الى ان معظم هذه الاكتشافات تتم في كل مرة يشهد فيها لبنان توترات داخلية. إذا، فهو نمط ثابت في الحالة اللبنانية.

ولا يعني التركيز تاريخيا على الساحة اللبنانية والمصرية انه لا يوجد ما يمكن البحث عنه في السعودية. فعلى العكس تماما، فقد أصبحت السعودية البلد "الأكثر روعة" في العالم العربي منذ نحو عام، وفيها احداث درامية لم نختبرها من قبل، وما نزال نجهل كيفية تفسيرها، وفق الكاتبة. فلدى إسرائيل بالتأكيد أسبابا وجيهة جدا للبحث عن معلومات حول ولي العهدالسعودي، الأمير محمد بن سلمان،الذي هو بمثابة الملك بالوكالة.

اما على صعيد الاستخبارات الامريكية، فمن المرجح ان وكالة ال "سي أي ايه"قد تجاهلت ابتسامات الرئيس ترمب التي اغدقها على ابن سلمان. ومن المرجح بالتالي انها تقوم بمراقبة ولي العهد السعودي، والتجسس عليه سرا، وفق الكاتبة.

اما على الصعيد العربي، فلا شك بان أقرب الأصدقاء، وألد الأعداء، يدركون الى أي مدى تعتبر المملكة "مغلقة" امامهم، ولهذا فهم على الدوام يبحثون عن قنوات تواصل مع المملكة، سواء عبر قنوات سرية او علنية، او تجسسية.

وفي التفاصيل، من المؤكد ان كل شيء في المملكة العربية السعودية اليوم مثير للاهتمام، مثل: التوترات مع إيران، والحرب في اليمن، والنهضة الاجتماعية-الاقتصادية الداخلية التي يجري تخطيطها، واحتجاز رئيس الوزراء اللبناني واجباره على الاستقالة القسرية، والفصل الصاخب للعديد من الوزراء والمسؤولين، والصراعات داخل العائلة المالكة.

ويبقى السؤال الكبير في المملكة: متى سيقرر ولي العهد الشاب، محمد بنسلمان، أن الوقت قد حان لتتويج نفسه ملكا على البلاد؟

وتضيف الكاتبة، نحن لا نعرف الا القليل جدا عن العلاقات السرية بين الرياض وتل أبيب. والحقيقة البادية الان هي أنه أصبح من المحظور انتقاد إسرائيل في السعودية. والحقيقة الاخرى هي أن رئيس وزراء اسرائيل، نتنياهو، كان يعلم مسبقا أن السعوديين سيسمحون لشركة الطيران الهندية بالتحليق فوق الأراضي السعودية، في طريقها إلى إسرائيل.كما ان نتنياهو مضطر لإخفاء مدى "الاعجاب الكبير" من دول الخليج العربي بإسرائيل وإمكانية الاستفادة منها ضد طهران. هذا في الوقت الذي يحث فيه وزير جيش الاحتلال، ليبرمان، الأمير السعودي على "الخروج من الصندوق"، والتحلي بالشجاعة، والقيام بعمل شجاع، مثل الرئيس المصري الأسبق، محمد أنور السادات.

وتضيف، على من يريد الاستزادة من هذه المعلومات، الدخول الى الموقع الالكتروني "سعوديون ضد التطبيع"، الذي يديره معارضون للعائلة السعودية المالكة. وفي الموقع، سيجد المتصفح حكايات "تافهة" عن"التطبيع بين الرياض وتل أبيب"، وقصص حول الأنظمة الأمنية الإسرائيلية الذكية، المثبتة في قصور الرياض.

وعليه، ليس من المستغرب أنه بعد أقل من يوم واحد من دعوة ليبرمان الى ابن سلمان "الخروج من الصندوق"، ردت السعودية بالكشف عن خلية التجسس الإسرائيلية،سواء كانت موجودة، أو لم تكن موجودة.

ترجمة: ناصر العيسة،عن: موقع "واي نت" بالإنجليزية

تصميم وتطوير