نسائم مقدسية.. فكرة وليدة ألم تعطي الأمل للأطفال المرضى بالسرطان

22.05.2018 02:58 PM

القدس- وطن- رولا حسنين: "لا يهم ان تكون غنياً لتساعد الأطفال المرضى بالسرطان، يكفي أن تكون إنساناً لتشعر بهم وتزرع بذرة سعادة في طريقهم"، ربما هذا ما حاول أن يوصله المقدسي رجائي القواسمي أحد آباء الأطفال الذين أصيبوا بمرض السرطان، فلم تكن صدمة ابتلائه بإبنه حبيب، بقدر صدمته مما شاهده من معاناة يعيشها أهالي الأطفال المرضى، فأخذ على نفسه عهداً ألا يتركهم، فأنشأ جمعية "نسائم مقدسية".

وعن العهد الذي أقسم القواسمي أن يظلّ له وفياً ما حيا، يقول لـ وطن ، نبعت فكرة الجمعية منذ 3 سنوات، عندما أصيب طفلي حبيب بمرض السرطان، وكان بعمر العشرة أعوام فقط، وعندما رافقته الى مستشفى "هداسا عين كارم" في الداخل الفلسطيني للعلاج، كنتُ شاهداً على المعاناة التي يعانيها أهالي الأطفال المرضى بالسرطان القادمين من الضفة وغزة للعلاج.

ويضيف القواسمي "اتطلعتُ على حالات لم تغادر فيها والدة الطفل المريض أو جدته المستشفى منذ أشهر طويلة، كون العلاج الذي يتناوله الطفل يومياً، "صُدمت عندما أصيب ابني بالسرطان، ولكن صدمتي الكبرى كانت بعد مشاهدتي لمأساة مرافقي الأطفال المرضى، حيث مكثت إحدى السيدات من غزة مع حفيدها 11 شهراً كاملاً ولم تعود الى منزلها لصعوبة التنقل، فأخذتُ عهداً على نفسي أن أرافق الناس، فكنتُ أساعدهم بالترجمة مع الأطباء من العبرية الى العربية وتنقلاتهم جميعها".

شُفي حبيب وظلّ الأب على عهده

منّ الله عليّ بشفاء طفلي حبيب، ولكني أخذتُ على نفسي عهداً بألا أترك أطفال السرطان، وسجّلت جمعية "نسائم مقدسية" قانونياً في الضفة والقدس، وجعلتُ لها عدة أهداف رئيسية متمثلة في الآتي:

يشير: باطلاعنا على معاناة مرافقي الاطفال المرضى، وجدنا أن تكاليف باهظة يتكبدها الاهالي خلال تنقلهم من الضفة وغزة الى مشافي الداخل، فأمنّا سيارة وسائق، مهمته فقط نقل المرضى ومرافقيهم الى اي مكان يريدون الذهاب اليه، وبذلك وفرّنا عليهم معاناة التنقل وتكاليفه".

أما الهدف الثاني، فتجسد بتأمين مبيت للأطفال المرضى ومرافقيهم القادمين من الضفة، أما غزة فيكون مبيتهم مؤمن ضمن التحويلة التي تقدمها السلطة الفلسطينية لهم، ويضيف القواسمي "استطعنا تأمين جناح كامل داخل مستشفى هداسا عين كارم بجهدنا، مجهز بكل احتياجات الاطفال من عناية طبية وطعام خاص نطهيه بأيدينا، وكذلك غرف ترفيه للأطفال، وذلك لأن العلاج الكيماوي الذي يخضع له الاطفال المرضى يمتد من الأحد الى الخميس، ما يعني أن مأساة يعيشها الاهل والمريض طيلة ايام الاسبوع ومن المستحيل أن يغادروا المستشفى يومياً.

ولم يقتصر رجائي وأعضاء الجمعية المساهمين في دعمها ذاتياً على تلك المشاريع، بل يعملون أيضاً على تأمين أجهزة طبية خاصة بغذاء الأطفال المرضى بالسرطان، وذلك لأن الطفل بعد أن يأخذ جرعة العلاج يُصاب بتقرحات في فمه ما يصعب عليه تناول الطعام، فيلجأون لتغذيته عبر أجهزة طبية توصل بالمعدة أو البلعوم، وفق ما شرحه لـوطن.

نحن أهل مَن يرفض الاحتلال مرافقة أهله من غزة

ويشير القواسمي الى أنهم يمتلكون بالقانون ما يسمح لهم الوصول الى حاجز "ايرز- بيت حانون" في غزة، ونقل الطفل المصاب بمرض السرطان الذي يرفض الاحتلال اصدار تصاريح لأهله لمرافقته، وبعد أخذ جرعة الدواء تعيده الجمعية الى غزة.

القواسمي: الدعم المعنوي ما نبحث عنه ثم المادي

وحول سؤال وطن عن الدعم الذي تقدم من خلاله الجمعية أعمالها، أكد القواسمي أن الدعم المادي ذاتي وشخصي من أعضاء الجمعية، وخلال شهر رمضان يتبرع بعض الناس للجمعية، وما عدا ذلك لا يحصلون على شيء.

ويضيف القواسمي "نحن لا نحتاج الى مَن يدعمنا مادياً رغم أهميته، نحن نبحث عن دعم معنوي، لأن الطفل المريض وأهله يعينهم على ابتلائهم هذا هو الابتسامة والتفاؤل واشعارهم أن هناك مَن يعمل لأجلهم".

موقف مؤلم عاشه القواسمي

ومن الحالات الصعبة التي شاهدها القواسمي طيلة الفترة الماضية، موقف لا يُنسى وظلّ محفوراً في ذاكرته، فيقول بألم "كان من المؤلم أن يعلن الاطباء وفاة أحد الاطفال ليلاً، ويكون من الصعب لأمه التي ترافقه أن تعود الى بيتها في ساعة متأخرة تحمل معها ألمها على فقد طفلها، فتظلّ مرافقة للجثمان حتى يطلع النهار، وهذا ما من شأنه أن يسبب صدمة كبيرة لدى الأم وحالة نفسية صعبة التخطي، فحرصنا في جمعية "نسائم مقدسية" على أن لا تتكرر مثل هذه الحادثة، فأصبحنا ننقل الطفل المتوفى الى عائلته فور وفاته، حتى لا يعيشون الألم أضعافاً".

رجائي والذي يبلغ من العمر 44 عاماً، ولديه 4 فتيات وطفلين، سخّر وقته وماله لخدمة الاطفال المرضى بالسرطان، بارّاً بهم، باحثاً عن بسمة على شفاههم قبل ان يغيبها الموت، فماذا عنّا نحن ، وما دورنا !!!

 

للاطلاع على أعمال الجمعية يمكنكم زيارة صفحتهم عبر فيسبوك، على الرابط التالي : اضغط هنا

تصميم وتطوير