خالد بطراوي يكتب لوطن هلوسات وطن .. صفقة القرن

02.07.2018 12:33 PM

 كتب الرفيق أحمد جرادات على صفحته الفيس بوكية متسائلا " ما هو الفرق بين إتفاقيات أوسلو وصفقة القرن؟".

سؤال هام يورده مناضل محنك يملك رؤيا وفكر متنور يبني تراكميا على  الأحداث التاريخية ويربطها بعضها ببعض ويحللها في السياق الاستعماري التوسعي ومعطيات الواقع الدولية والاقليمية والعربية والفلسطينية.

ربما يا أحمد ...  يا رفيقي، أن ما يسمى صفقة القرن هو " الجزء الثاني" من إتفاقية أوسلو، فقد إنتهى الجزء الأول "كما باب الحارة" قبل سنوات وسنوات وجرى تثبيت أمور على أرض الواقع، أهمها أن لا دولة فلسطينية  في الأفق المنظور وأن حالة التمزق والتشرذم الصراعات والحروب والاقتتالات الداخلية قد طغت على العالم العربي والمحيط الاقليمي وعلى الحالة الفلسطينية أيضا قد كرست نهجا، مع إحكام سيطرة العسكر على مقاليد الحكم وقمع الحريات وأي بارقة لتحولات ديمقراطية.

وكما باب الحارة في أجزاءه المتعددة سنرى بعد جزء " صفقة القرن" اجزاءا أخرى تتبعها لكننا لن نكون – أي اشعوب العربية – المتفرجين من على شاشات التلفاز المسطحة والعريضة وإنما الضحايا حيث سيجري تكريس التبعية للاستعمار الكولونيالي التوسعي الجديد ويزداد سعي المواطن العربي والفلسطيني والفلسطيني في قطاع غزة بشكل خاص للبحث عن الحل الفردي المتمثل في الهجرة الى بلاد الله الواسعة.

كثيرون عند الاستفسار هل أنت مع أو ضد صفقة القرن، يردون عليك بالاجابة أنهم "ضد"، وعندما تسألهم "لماذا؟"  تكتشف أنهم "ضد" لكنهم لا يعرفون ما هي صفقة القرن. لذلك جاء الرفيق أحمد جرادات وطرح سؤاله " بماذا تختلف صفقة القرن عن إتفاقيات أوسلو؟"

لقد ذكر موقع "ميديل إيست آي" البريطاني، نقلا عن مصدر دبلوماسي غربي ومسؤولين فلسطينيين، أن فريقاً أميركياً بصدد وضع اللمسات الأخيرة على "الاتفاق النهائي" الذي وضعه الرئيس دونالد ترامب للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل والذي يعرف بـ"صفقة القرن".

وبحسب الموقع البريطاني فإن أبرز عناوين صفقة القرن هي:-

1- إقامة دولة فلسطينية تشمل حدودها قطاع غزة والمناطق (أ، وب) وأجزاء من المنطقة (ج) في الضفة الغربية، فهل هذا يختلف عن إتفاقيات أوسلو بإستثناء إسقاط عبارة "حدود عام 1967"؟

2- توفر الدول المانحة 10 مليارات دولار لإقامة الدولة وبنيتها التحتية بما في ذلك مطار وميناء بحري في غزة والإسكان والزراعة والمناطق الصناعية والمدن الجديدة، فهل هذا يختلف عن إتفاقيات أوسلو؟

3- وضع القدس وقضية عودة اللاجئين سيؤجلان لمفاوضات لاحقة، فهل هذا يختلف عن إتفاقيات أوسلو؟

4- مفاوضات حول محادثات سلام إقليمية بين إسرائيل والدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية، فهل ها يختلف عن إتفاقيات أوسلو؟ بل على العكس فقد كان الهدف من إتفاقيات "أوسلو" التطبيع الكامل ما بين معظم الدول العربية والكيان الصهيوني الاحتلالي من خلال إيهام الجماهير العربية بأن هناك حلا " دائما وعادلا وشاملا" للقضية الفلسطينية، أي أن أوسلو كانت بوابة التطبيع العربي الاسرائيلي، فكي لا تشعر حكومات هذه الدول بالحرج أمام شعوبها كان يلزمها ترتيب معين بشأن القضية الفلسطينية.  

ووفقا لموقع الجزيرة  فقد ورد أن " صفقة القرن.. دولة فلسطينية بلا سيادة وأبوديس عاصمة بدلا من القدس المحتلة وفي مقابل جعل أبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية، تنسحب إسرائيل من ثلاث ضواح شمال وجنوب القدس، في حين تبقى البلدة القديمة تحت سيطرتها الكاملة." ولا بد من التنوية هنا والتذكير أن مقر المجلس التشريعي الفلسطيني الرئيسي قد تم تشييده ( في مرحلة أوسلو) في أبو ديس التي تبعد كيلومترات قليلة عن القدس.
ووفقا لموقع الجزيرة فقد قالت أن صحيفة هآرتس قد أشارت الى "إن واشنطن لن تجبر إسرائيل على الانسحاب من أي مستوطنات حتى النائية منها، ولن تفرض حلا للكتل الاستيطانية الكبرى. وبموجب الخطة نفسها، سيبقى غور الأردن أيضا تحت سيطرة إسرائيل الكاملة، في حين تبقى الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح ومن دون جيش أو أسلحة ثقيلة".

وذكرت "الجزيرة" الى أن "الصحيفة" قد نوهت " إلى قلق الأردن من احتمال منح السعودية موطئ قدم في المسجد الأقصى عبر إشراكها في إدارة شؤونه. وقال مراسل الجزيرة إن ما كشفته صحيفة هآرتس اليوم يعزز هواجس الفلسطينيين من تصفية قضيتهم، ومن السعي لفصل غزة عن الضفة الغربية." وأشار المراسل "إلى أن الصفقة التي تعرضها إدارة ترامب لا تعد الفلسطينيين إلا بفتات دولة مقطعة الأوصال ومنقوصة السيادة تتحكم إسرائيل في معابرها وتسيطر على كامل غور الأردن أمنيا، كما أنها لا تعدهم بأي سيطرة على مدينة القدس."

لكن السؤال " لماذا لا يوجد نص رسمي وواضح لصفقة القرن؟" وهناك عدّة إجابات وليس أجابة واحدة، الهدف منها جميعا أن يتم إدخال القضية الفلسطينية في حلقة جديدة قد تمتد لأكثر من عشرين عاما في مفاوضات جديدة هي الجزء الثاني من مسلسل "إتفاقيات أوسلو" ..  وعندها تصدق مقولة كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور "صائب عريقات" ذات يوم بأن " الحياة مفاوضات".

في روايته الشهيرة "اللاز" قال الطاهر وطار " ما ببقى في الوادي إلا حجاره" وهذه حقيقة يبدو ان كل القوى المتكالبة على الشعوب العربية لم تدركها بعد على إمتداد السنوات، فقد جربت الإستعمار المباشر البريطاني والفرنسي والإيطالي، وجربت الآحتلال كما حالتنا الفلسطينية وجربت الاستعمار غير المباشر الحالي وهي لا تعلم أن الشعوب وقود الأرض وحجارتها، يبدو أن هذه القوى لا تستفيد مطلقا ولا تريد أن تدرك أن الفعل الميداني على الأرض هو لأبناء الأرض.

يبدو أن تجربة البوابات الالكترونية الفاشلة عند أبواب المسجد الأقصى، وتجربة محاولة فرض ضرائب على كنيسة القيامة في القدس وفشلها الذريع لم تقنع أصحاب فرضيات السيطرة المطلقة على القدس، أن للقدس أهلها من مسلمين ومسيحيين يحمونها ويدافعون عنها، ويبدو أن القرار الأمريكي وبعض الدول بنقل سفاراتها الى القدس لم يدرك صانعوه أنه ذلك لم يحرك قيد شعره في جسد أصغر فلسطيني يبيعك الكعك عند باب العامود.
ستبقى ما يسمى بصفقة القرن هلامية المضمون، ضبابية وربما لا تكون موجودة آصلا والموجود منها ليس أكثر من إسم أو عناوين أساسية تركت عمدا " للقيل والقال" وللتجاذبات السياسية الدولية والاقليمية والعربية والفلسطينية، وفي ذلك أجابة على سؤال طرحته زوجة أخي الاعلامية بيناز السميري/ بطراوي عندما كتبت "ما هي بنود صفقة القرن؟" والاجابة أن لا إجابات واضحة ومحددة ممن أطلق هذا التسمية بل " فتيشة لجس النبض وإثارة البلبلة".
وفي النهاية " ما ببقى في الوادي الا حجاره".

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير