"اليسار الاسرائيلي" ميت ..هل سيعيده الرئيس الفلسطيني للحياة

04.07.2018 11:11 AM

 ترجمة خاصة وطن: نشرت صحيفة "ذي جيروزالم بوست" مقالا تناول موضوع "غياب"، بل "موت" اليسار الإسرائيلي، مدعيا ان الرئيس الراحل، ياسر عرفات، هو من قتل اليسار الإسرائيلي. ويتساءل عن الحل بما أن إسرائيل لا تريد إعطاء الفلسطينيين دولة، وأنها لا تريدهم مواطنين فيها في المستقبل. ويتساءل عن دور اليسار الغائب، الى ان يخلص الى ان أطفال إسرائيل سيدفعون الثمن إذا بقي اليسار الإسرائيلي متهالكا الى هذا الحد.

ونحن اذ نترجم المقالة، نبقي على بعض المصطلحات كما هي، كي نعكس للقارئ طبيعة الآراء على حقيقتها، والمصطلحات التي تستخدم لوصف فلسطين والفلسطينيين، شعبا او قيادة (المترجم):

يعتبر موضوع وجود معارضة حقيقية، حاسمة وذات وجود مؤثر ومشاركة فاعلة، ذات أهمية كبرى في دولة "ديمقراطية فاعلة"، تصر على الصاق كلمة "ديمقراطية" باسمها في كل مناسبة. غير ان إسرائيل لم يعد لديها اية معارضة حقيقية منذ أكثر من (18) عاما، وفق الكاتب.

وإن تحرك بوجي هرتزوغ لرئاسة الوكالة اليهودية من المرجح أن يؤدي الى تخفيف حدة المنافسة على تبوئه لموقع يمكن ان يوصف ب "رئيس معارضة فعال". هذا مع العلم ان بنيامين نتنياهو لم تكن لديه رغبة بإعطاء هرتزوغ منصبا كهذا، ولكن القادة اليهود في الولايات لمتحدة اقترحوا هرتزوغ لهذا المنصب في محاولة منهم لتوجيه صفعة الى رئيس وزراء الاحتلال.

ولا يحسبن أحد ان غياب المعارضة هو امر صحي، بل على العكس. حيث يتوجب على كل من يهتم بإسرائيل أن يقلق من حقيقة أن منصب رئيس المعارضة في إسرائيل لا وزن له، وغير مؤثر. وعلى من يريد المحافظة على مستقبل "الدولة اليهودية"، أن يوجد معارضة قوية.
المعارضات الحقيقية تخلق نقاشا
يتيح النقاش السياسي الحقيقي للمجتمع، بين الأحزاب السياسية بشكل عام، وخصوصا بين المعارضة والحكومة، صقلا مميزا للآراء المجتمعية حول مستقبل البلد، ومستقبل الشعوب. وعلى المستوى الإسرائيلي، لا يخلو الامر من ان داعمي نتنياهو يرغبون بتحدي أفكاره ومواقفه. ليس لان تلك الأفكار خاطئة بالضرورة، ولكن من اجل صقل الخطاب للرأي العام الإسرائيلي.
وبالتالي، يجب على أحزاب اليسار الإسرائيلي، إذا ما عادت إلى السلطة مرة أخرى في إسرائيل، ان تتقبل وجود معارضة قوية من اليمين الإسرائيلي، لذات السبب.

ياسر عرفات ... قاتل اليسار الإسرائيلي!!

يرى الكثيرون في إسرائيل ان ياسر عرفات هو من أوصل اليسار الاسرائيلي الى هذا الحد من التقهقر، بل الى الموت، من خلال رفضه العرض الذي قدمه له رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، إيهود باراك، على مرأى من الرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون. وبدلا من ذلك، دعا الى إطلاق شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

وعلى الرغم من ان اليسار الإسرائيلي جادل كثيرا بأن الفلسطينيين يريدون دولة، ولا يريدون سوى عرض معقول. الا ان عرفات خدم اليمين الإسرائيلي من خلال اثبات ان وجهة نظر اليسار خاطئة، ومن هنا فهم كل إسرائيلي ان عرفات والفلسطينيين لا يريدون الا ما يدور هم في رؤوسهم فقط.

من الجدير بالذكر ان تصور اليسار هذا ليس بالجديد. فقد جادل اليسار، منذ العام 1967، بانه يمكن لإسرائيل أن تحصل على السلام من خلال التنازل عن الأرض، غير ان عرفات "أضاع" تلك السنوات وأثبت خطأ هذا التصور.
وعندما أعلنت حركة حماس مؤخرا ان مظاهراتها على السياج الحدودي ستنهي "المشروع الصهيوني"، ثبت مرة أخرى أن اليسار كان على خطأ، واشتدت حجة اليمين الإسرائيلي على اليسار وتصوراته "السلمية".
وعندما أطلق الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، "سمومه" المعادية للسامية، نافيا أن يكون "للشعب اليهودي" أية صلة تاريخية بهذه الأرض على الإطلاق، اثبت عباس بدوره خطأ اليسار مجددا، ولهذا ازدادا اليمين استعارا.
اليسار لم يمت...بل قتل
عند التعمق في النقاش، يجب القول ان خطأ اليسار ليس هو من أدى الى موته، بل ان طبيعة الرد الفلسطيني هي التي "قتلت" اليسار.
غير ان الخطأ الأكبر لليسار الإسرائيلي هو أنه ما يزال ميتا حتى الان. فبعد ان تم سحب السجادة من تحت اليسار في العام 2000، سمح اليسار بمرور ما يقرب من (20) عاما من الزمن دون أن يقدم للجمهور الإسرائيلي رؤية مقنعة مغايرة للمستقبل.

وكلما زاد اليسار من القول إن "هناك شريك" وان وقف بناء المستوطنات سيجلب السلام، يصبح الجمهور الإسرائيلي أكثر اقتناعا بأن أي تقاطع بين الواقع وأيديولوجية اليسار ما هو الا أمر "عارض ومؤقت" ليس أكثر.
ان هذا الوقع امر غير صحي. وهو أمر مروع ليس بالنسبة لليسار الإسرائيلي فحسب، بل لإسرائيل كلها.
عرفات قتل اليسار... وعباس يسعى لإحيائه
ما يثير السخرية على الجانب الفلسطيني ان عرفات هو من قتل اليسار الإسرائيلي، وان عباس يستميت من اجل اعادته الى الحياة.

يبدو أن الثلاثي الأمريكي، ترمب، وغرينبلات، وكوشنر، على وشك "صفقة" للسلام في الشرق الأوسط. ومن المؤكد هذه الصفقة ستعطي إسرائيل أكثر مما ستعطي للفلسطينيين، وهو ما سيعطي عباس غطاء ومبررا كي يرفضها.
اما الإسرائيليين وأنصارهم، فسيسعدون بخطة ترمب، لأنها لن تطالب بإزالة المستوطنين، ولن تسمي القدس الشرقية كعاصمة لفلسطين، وستمنح إسرائيل السيطرة على الأمور الأمنية، حتى في المناطق الفلسطينية. كما يسعى ترمب شخصيا الى التأكد أنه لن يتم التراجع بسهولة عن أي مأزق وقرار يتخذه.

باختصار، سيكون هناك نصر كبير جدا لليمين الإسرائيلي مرة أخرى.

وردا على ذلك، سيقول اليسار، أن "انتصار" اليمين، ومعه ترمب، هو في الواقع "ضربة قاتلة" لإسرائيل. لأنه سياتي اليوم الذي يكون فيه (3) ملايين فلسطيني عديمي الجنسية. وعندها سيقولون: "حسنا، لا تعطونا دولة، ولكن أعطونا فقط الجنسية الإسرائيلية".

حينها، سيرفض الإسرائيليون، لكن المجتمع الدولي لن يقبل الرفض الإسرائيلي.

غير ان إسرائيل ستتعنت. لكن، سيأتي يوم تكون فيه الأمور مختلفة. مثل أن يكون العنف أكثر، بحيث يموت الإسرائيليون بالمئات. ويمكن أن يكون البيت الأبيض مختلفا أيضا تجاه إسرائيل، ويمكن ان يكون مجلس الامن بدون نيكي هالي، ويمكن ان لا تجد أحدا في أوروبا مع إسرائيل.
وإذا حدث كل ذلك، ليس لإسرائيل خيار سوى الانضمام الى وجهة النظر الدولية، والا فإن "الدولة اليهودية" سوف تتهاوى.

كيف يمكننا تجنب ذلك؟
بما أن إسرائيل لا يمكن ان تعطي الفلسطينيين الآن دولة، وبما انها لا تريدهم مواطنين فهي المستقبل، فما العمل إذا؟
كيف نتخيل حياتهم، وحياتنا بعد (25) عاما من صفقة ترمب مثلا؟
هل سيكون هناك واقع او مستقبل "لدولة يهودية"؟
الجواب على هذا السؤال هو: لا
وإذا بقي اليسار الإسرائيلي متهالكا، ومنفصلا عن الواقع، فسوف يدفع أطفالنا الثمن غاليا.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: "ذي جيروزالم بوست"
 

تصميم وتطوير