كيف ترى دولة الاحتلال الانتصار الكبير للرئيس الاسد؟

12.07.2018 02:05 PM

ترجمة خاصة- وطن: يمثل سقوط درعا بداية النهاية للحرب الأهلية السورية، ولكنها لم تنته بعد. وسيكون لذلك تبعات إيجابية، وأخرى سلبية، على دولة الاحتلال، وعلى الروس، الذين يتفهمون مخاوف الاحتلال، على الرغم من بعض الخلافات بين الطرفين حول طريقة سحب الوجود الإيراني من سوريا. وتحت كل الظروف، يتوجب على إسرائيل أن تبدأ بالاستعداد لليوم التالي لانتهاء الحرب السورية، وفق الكاتب.

تعتبر عملية السيطرة على محافظة درعا، والمعبر الحدودي مع الأردن، بمثابة نصر معنوي مهم للرئيس السوري، بشار الأسد، والقادة الروس معه. وهو أمر مهم، لأنه يشكل ضربة قوية لمعنويات المتمردين "السنة"، الذين يواصلون انسحابهم من جميع الجبهات تقريبا. بيد أن درعا تعتبر رمزا كبيرا بالنسبة لهم.

وحتى الان، لا يوجد سوى محافظتين في سوريا تركتا تحت سيطرة المسلحين، وهما: محافظة إدلب في الشمال، ومنطقة شرق الفرات. بقيت الأولى خارج سيطرة النظام بفعل وجود القوات التركية فيها. اما الثانية فبقيت خارج السيطرة، أيضا بسبب سيطرة الأكراد السوريين عليها.

اما محافظة درعا، فقد بقيت لفترة طويلة خارج سيطرة النظام، بفعل التعزيزات التي تلقتها من الدول العربية، بمن فيها السعودية، ودول الخليج. . فضلا عن ذلك،قام مستشارون اميركيون وبريطانيون بتقديم الدعم للمسلحين.

تقدم الجيش السوري من درعا على محورين. واستولى على المعبر الحدودي مع الأردن، وقطع بالتالي طريق الامدادات البرية الى المتمردين في جنوب سوريا، وجنوب غربها. وبالتالي، تم فصل المتمردين في القنيطرة عن شريان الإمدادات الرئيسي القادم من الأردن. ومن شبه المؤكد أن مرتفعات الجولان السورية ستسقط مثل "الثمار الناضجة" في يدي الجيش السوري ، وسيضطر المسلحون الى التوقيع على استسلام بوساطة الروس.

وجود قليل لحزب الله

من وجهة نظر إسرائيل، فإن الوضع الوشيك في الجنوب السوري يأتي بعدة عواقب: أولى تلك العواقب هي ان قوى حزب الله، والميليشيات الشيعية العراقية، التي أرسلتها إيران، شاركت في معركة درعا، والقرى المحيطة بها. علما ان تلك الميليشيات، والمقاتلين من حزب الله، الذين شاركوا في الحملة على درعا كانوا يرتدون زي الجيش السوري.

وتشير الاعداد الصغيرة من تلك القوات والميليشيات في منطقة درعا الى ان الروس فهموا مطالب إسرائيل وتحذيراتها، فوافقوا عليها، وطلبوا من الإيرانيين، ومن خلالهم حزب الله، بأن يكون لهم حد أدنى من المشاركة في العمليات القتالية.

قصف روسي عنيف لسد الفجوة

من الجدير بالذكر ان منطقة درعا كانت تعتبر مركز العمليات في جنوب سوريا، للجماعات التابعة لتنظيم القاعدة. وفي البداية، كان يطلق على التنظيم في سوريا "جبهة النصرة"، ليتغير ذلك ويطلق عليه فيما بعد "جبهة فتح الشام". ومن المتوقع ان تؤدي السيطرة على درعا الى إزالة قاعدة العمليات التابعة لمنظمات الارهاب العالمي، التي كانت قد سيطرت في وقت سابق على معبر القنيطرة الحدودي مع إسرائيل. وما تزال "فتح الشام" موجودة في الجولان السوري، لكنها في وضع معزول الان، ومن المتوقع أن تضطر الى الاستسلام. هناك أيضا "جيب" لتنظيم الدولة (داعش) في المرتفعات الجنوبية للجولان، أي في المنطقة الحدودية بين إسرائيل والأردن وسوريا. غير انه معزول في الوقت الحالي، ومنقطع عن التعزيزات. وبالتالي، فإن سقوطه يعتبر مسألة وقت فقط.

انتشار الجيش السوري قد يفضي إلى التصعيد

ينطلق قلق الاحتلال في هذا المجال من جانبين: الأول هو إمكانية أن يستغل الجيش السوري انسحاب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من عدة مواقع في المنطقة المنزوعة السلاح على الجانب السوري من الجولان، مما يشكل انتهاكا لاتفاقية العام 1974، والتي تحظر وجود الجيش السوري، والأسلحة الثقيلة على الحدود. وإذا قام النظام السوري بذلك، تحت إشراف الروس، فإن وضعا جديدا سينشأ، حيث سيجد جيش الاحتلال نفسه في صراع مباشر مع القوات السورية المتمركزة على بعد اقل من (1) كيلومتر من المجتمعات الإسرائيلية.

اما المصدر الاخر لقلق الاحتلال، فهو احتمال أن يقوم الاسد بإرسال قواته للقتال في مرتفعات الجولان، وان يتسرب القتال إلى داخل إسرائيل. ومن المحتمل حينها ان تتصاعد الأمور، وان يقوم جيش الاحتلال، بالرد على اية قذائف، او أي تسلل للطائرات، وفق الكاتب.

ويمكن لهذا الاحتكاك الخطير ان يخرج عن السيطرة، وان يتحول إلى نزاع، أو حملة عسكرية، أو حرب. وفي الحقيقة، ليس لإسرائيل مصلحة في ذلك. غير ان لديها مصلحة واضحة في منع اقتراب الجيش السوري من الحدود.

ويضيف الكاتب، "لا ترغب إسرائيل في الدخول في أي قتال، حيث انها تسعى الى التأثير على وعي السكان، بحيث يتوقفوا عن رؤية دولة الاحتلال على أنها عنصر معاد".

المصلحة الروسية

لدى روسيا مصلحة مهمة في ابداء حسن النوايا تجاه إسرائيل حاليا، حتى لا يعيق جيش الاحتلال مساعي الجيش السوري في احكام السيطرة على الجانب السوري من مرتفعات الجولان، بدعم روسي. كما يريد الروس الوصول إلى اتفاق طويل الأجل من شأنه أن يضع نهاية للحرب في سوريا. ولهذا، فهم يسعون الى ان يتمكن الأسد من احكام سيطرته على مجمل الأراضي السورية. ولتحقيق هذه الغاية، يحتاج الروس إلى ان لا تتدخل إسرائيل باي حال.

بوتين يتفهم مطلب إسرائيل

وفي هذا السياق، بادر بوتين إلى دعوة نتنياهو لمشاهدة مباريات الدور نصف النهائي لكأس العالم في موسكو، كبادرة استباقية لتخفيف المقاومة الإسرائيلية المتوقعة لسيطرة الجيش السوري على المناطق القريبة من الحدود مع دولة الاحتلال. ويبدو أن بوتين يتفهم مطلب إسرائيل بأن يمتنع الإيرانيون عن تعزيز وجودهم العسكري في سوريا. لكنه لا يوافق إسرائيل على طلبها بالانسحاب الفوري لإيران ووكلائها من سوريا، بل يريد بوتين لذلك أن يتم بشكل تدريجي.

في هذه الأثناء، لا يوجد اتفاق واضح حتى الان حول هذه المسألة. لكن الروس يعتقدون أنهم سيتوصلون إلى تفاهم مع إسرائيل في نهاية الامر. فهم يعرفون جيدا أن إسرائيل مستعدة لتقديم الكثير، وأكثر من الأمريكيين والأكراد، الذين يحتلون ربع الأراضي السورية إلى الشرق من الفرات، مع الأتراك الذين يسيطرون على قسم كبير من الأراضي السورية، من أجل منع قيام دولة كردية، ولمنع الانهيار التام للمسلحين  في محافظة إدلب.

ترجمة: ناصر العيسة، عن: "واي نت بالإنجليزية"

تصميم وتطوير