غزه بين الحب والموت وزمن التصهين

27.10.2018 10:06 AM

وطن- كتب: معمر عرابي

ألا يكفي اثني عشر عاماً وغزة تحت الحصار الذي نسميه علناً "حصار إسرائيلي" وهو في حقيقته إسرائيلي عربي؟! ألا يكفي ثلاثة حروب عاشتها غزة خلال سنوات الحصار، لم تبقي فيها شيئاً مؤهلاً للحياة فيها.

لك الله يا غزة وأنتِ تكشفي عن عورتنا كل يوم، كلنا مجرمين عندما وافقنا وشاركنا في حصارك، واهمين اننا سنكسرك، متناسيين أنك عصيه عن الانكسار، وستبقين نجمة مضيئة وشاهدة على خيبتنا في زمن التصهين الذي يمارسه العربان علناً، تصهين فاضح لا مجال لتأويله أو تبريره، سوى أنهم قد باعوكِ بثمن بخس، كما بيعت كرامتهم، وأنظمة عربية تصهينت وخذلت القضية الفلسطينية.

بات علينا أن نعترف في الزمن الجميل، زمن رومانسية الثورة وعندما كان لدينا مشروع وطني واضح يعرّف الصديق من العدو، أن هؤلاء المتصهينين العرب في دول الخليج كانوا يأتوننا صاغرين، أما اليوم فنحن نشهد أكبر حركه تصهين رسمي عربي، تقوده الأنظمة العربية بشكل مخزٍ، متفاخرين بممارستهم التطبيع مع الاحتلال، ولكنهم لم يجرؤوا على خياناتهم هذه الا عندما وجدوا في قياده الشعب الفلسطيني، قياده مهرولة عن جبل أُحد لاقتسام غنيمة واهية والحصول على امتيازات شخصية، والانزلاق في مشروع تصفوي منذ 25 عاماً، منذ نكبتنا المستمرة في أوسلو الذي أوصلنا الى القاع، كانوا ينتظرون ضعفنا وهواننا، ولكننا ما هُنا أمامهم وأمام الاحتلال إلا عندما هان على قيادتنا مشروعنا التحرري من الاحتلال، وبتنا نلهث وراء الحلول التي يسمونها "سلمية" لم تجلب لنا إلا الدمار وليس السلام، نعم علينا أن نعترف بذلك.

عربان تتسابق وتتنافس في أيها سترضي دولة الاحتلال في التطبيع، مشايخ سلطنة عُمان يستقبلون رئيس حكومة الاحتلال، ومشايخ قطر والإمارات يستقبلون وفوداً رياضية إسرائيلية، ماذا يسمى هذا الفعل في ظل ما تحياه غزة من قصف إسرائيلي يستهدفها، سوى أنه في صلب قتلها وتجويعها وتشديد الحصار عليها، سوى أنه مباركة عربية للحصار الإسرائيلي المستمر للقطاع، وإنما أيضاً مباركة عربية لممارسة إبادة جماعية للقطاع.

ماذا نقول لغزة عندما تسألنا ماذا فعلنا لننصرها؟ ماذا سنجيبها عندما تسألنا أين كنتم عندما كان الموت يدنو مني كل ثانية؟ عندما خذلني القريب؟ عذراً منكِ يا غزة، فأنتِ الحرّة الحيّة ونحن الأموات على مائدة ضياع كرامتنا.

الى طرفي الانقسام، لا تجعلوا غزة ضحيتكم التي لن يغفرها لكم التاريخ، لا تجعلوها مكاناً لمزاوداتكم السياسية، ولا تتركوها تجابه الموت الذي يأتيها من عدة أطراف، إسرائيلي وتصهين عربي وانقسام مقيت، لا تجعلوا غزة تكفر بكم أكثر من هذا، وإلا فنحن على ثقة بأنها ستثور كالبركان في وجه كل مَن يقف أمام حريتها، غزة ستكسر الحصار يوماً وستحتفي بحريتها يوماً، فلا تكونوا في معادلة مضادة معها تخزيكم يوماً ما.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير