الجولان بعد 37 عاماً: نفس الموقف والوقفة

30.10.2018 12:02 PM

كتب: عبدالسلام الريماوي


في العام 1999، كان من المقرر ان تكون وجهة الرحلة التي نظمها زملاء العمل  الى يافا صعودا الى حيفا وعكا، غير ان سوء التخطيط وعدم العثور على حافلة بلوحة تسجيل اسرائيلية صفراء دفعنا الى تغيير مسارها الى اتجاه معاكس، الى غور الاردن صعودا الى بيسان عبر طريق ترابية تتخطى الحاجز الاسرائيلي- وان كان امام نظر الجنود- ومنها الى بحيرة طبريا وهضبة الجولان السوري المحتل.

مررنا بأطلال القرى التي دمرتها اسرائيل بعد العام 1967 وعبرنا حقول التفاح حتى وصلنا مدخل بلدة مجدل شمس، فتوقف الركب وقصد البعض منزلا طلبا لماء الشرب، وعندما علم صاحب المنزل الشاب اننا قادمون من رام الله، خرج بنفسه وأصر ان يستضيف الجميع في بيته، وبدأ على الفور وزوجته باعداد وليمة سريعة من السندويشات و"عرايس اللحمة- والمشروبات، لاكثر من اربعين ضيفا، وغمرانا بدفء الأخوة السورية الفلسطينية والاستقبال والترحاب والكرم المعروف عند ابناء معروف سكان الجولان والسوريين بشكل عام.

زيارتي الاولى للجولان السوري المحتل كانت في صيف العام 1993 ضمن المشاركين في المخيم الصيفي الدولي بجامعة بيرزيت، حيث استقبلنا بذات الحفاوة من قبل الفعاليات الوطنية ومشايخ هضبة الجولان ، حيث أولموا لنا الطعام والتفاح الاحمر الشهي، واستمعنا لندوة حول الاوضاع السياسية والمعيشية وكفاحهم وأدوات صمودهم في ارضهم في ظل الاحتلال، وسرنا في زفة عروسين في بلدة مسعدة، وزرنا النصب التذكاري لقائد الثورة السورية سلطان باشا الاطرش، ووصلنا تلة الصرخات، نقطة التواصل المباشر والحي مع باقي الجسد السوري، واستطعنا ان نتواصل بصوت عال مع من يقف في الجهة المقابلة. السلك الشائك الذي قسم الارض لم يفلح في فصل الهواء والهوى ولم يزعزع انتماء ابناء الجولان المحتل وايمانهم بحتمية العودة لوطنهم الام سوريا.

استذكر هاتين الرحلتين لتلك البقعة العزيزة من أرضنا العربية وأنا أتابع مجريات الحراك الشعبي العارم والموقف الوطني الرافض المشاركة في الانتخابات المحلية التي تنظمها دولة الاحتلال الاسرائيلي، بما في ذلك قرى الجولان السوري المحتل الاربع (مجدل شمس، مسعدة، بقعاتا، عين قنيا)، وقيام اهالي مجدل شمس باحراق بطاقات الترشح الانتخابي في ساحة سلطان باشا الاطرش والشعارات التي عادوا لرفعها مثل: "ما بدنا انتخابات محلية.. هويتنا سورية"، مكررين ما فعلوه  قبل ستة  وثلاثين عاما باضرابهم الشهير في شباط 1982 رفضا لقرار الضم الاسرائيلي في كانون الاول 1981، ومبادرتهم الى حرق الهوية الاسرائيلية.

من أجل كل هذا وذاك صمدت وانتصرت سوريا رغم القتل والدمار وفداحة المؤامرة...

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير