مهرجان فلسطين الوطني للمسرح 2018: مهرجان مقاوم بامتياز

31.10.2018 02:31 PM

كتب: وليد الهودلي

كمشاهد ومتابع لما يعرض هذه الايام من مسرحيات في مهرجان فلسطين الاول للمسرح برعاية وزارة الثقافة والهيئة العربية للمسرح اقدم هذه الملاحظات :

• الطابع الغالب على هذه المسرحيات هو الطابع الوطني فهي بمجملها تعالج قضايا وطنية وتحقق انتماءا عميقا للوطن وهذا سياق طبيعي للفن الذي ينتج في ظل وجود احتلال واستبداد للارض والانسان ، فجاءت هذه المسرحيات في هذا السياق المنسجم مع السياق العام لهموم المواطن الفلسطيني والعربي ولهموم فلسطين بشكل خاص ، تجلى ذلك في مسرحية " مروح على فلسطين " التي جاءت المهرجان من مسرح الحرية في جنين ، استعرضت عدة جرائم يمارسها المحتل بشكل دائم من حواجز واعتقال وقتل ، ومررت الفلسطيني المولود في امريكا والعائد ليتعرف على وطنه كي يرى العجب العجاب والفنون الاجرامية لممارسات الاحتلال وتقطيع اوصال الحياة الفلسطينية ومن خلال الكوميديا السوداء جذبت المشاهد بطريقة جميلة ليتابع دراما مسرحية في غاية الروعة .

وجاءت مسرحية راس عروس من مجد الكروم من الداخل الفلسطيني لتتحدث عن حق العودة بطريقة رائعة وبعرض مشوق يعلق قلوب المشاهدين بفيض من الحنين الصارخ  في أعماقنا والمنتظر حق العودة من غير نسيان او نقصان .

مسرحية أنصار اخذت بايدينا الى انتفاضة الحجارة وسجن النقب والاعتقال اللئيم لالاف المعتقلين وزجهم في عمق الصحراء ، مسرحية تعترك مع الذاكرة وتعيد اخراجها بشكل مسرحي رائع .

مسرحية قصص من زمن الخيول البيضاء للروائي ابراهيم نصر الله فتحت جرحا غائرا في الصراع مع الظالمين على ارض فلسطين واوصلتنا الى حقبة الانتداب البريطاني الذي قاد الامور الى تسليمها للصهاينة وحيقث يقف الثائر الفلسطيني مدافعا عن حقه ومقارعا للظلم والظالمين بكل صبر وثبات .

مسرحية اثنان في تل ابيب عرضت حكاية العنصرية الصهيونية بابشع صورها وصورتها في اسفل درجات الانحطاط الانساني من خلال سخرية ممثلين مبدعين كانا قادران على مسك خيوط هذا العمل الكبير وجسد كل منهما عدة ادوار باقتدار فني رائع .

مسرحية خوش بوش التي جاءت المهرجان من بين أسوار عكا بعرض مسرحي ساخر عن مؤسسة للامراض النفسية  .. بكوميديا جميلة عرضت الصراعات الاجتاعية والسياسية والثقافية تركت المشاهد في حالة متواصلة من الضحك وفي ذات الوقت شفرت رسائل رمزية خطيرة تسللت لتستقر في الاذهان وليعيد في مخيلته مشاهد المسرحية ليقطف ما تجلت به رمزيتها بكل فن وخفة دم محببة جميلة .

• من الملاحظت ايضا هذا الحضور اللافت للمسرح الفلسطيني من داخل الخط الاخضر ، اذ اغلب المسرحيات جاءت من هناك وهذا يدلل على المستوى الفني الذي خرج من عباءة التحديات هناك ، والذي يحاول الفلسطيني من خلالها تثبيت هويته الثقافية وترسيخ القضية بكل ابعادها  . وهذا فعل جميل لا بد من تشجيعه وفتح المجال باستمرار لهذا الفن ان يرى النور في الضفة والعالم العربي وبذل كل الجهود لاستمراره وتطويره .

• هناك سمة ثالثة واضحة وهي ان هذه الفرق المسرحية قد ارتقت وحققت مستوى جيد من الابداع المسرحي وهي تحاول جاهدة ان لا تطغى القضية الوطنية على الروح الابداعية بل الجمع بينهما ،إرتقاء فني وحضور قوي للقضية وهذه بذلك تثبت امكانية هذا الابداع وتبطل نظرية من قالوا ان من عليه ان يبدع ويدخل السوق الفني عليه ان يخرج  من عباءة الوطن ، ويتعامل مع الموضوع "بزنس" فقط لا غير ، هذا بمثابة نزع الروح من الفن الذي نصبوا اليه وغير صحيح على الاطلاق . هذا ما اثبته هذا المهرجان وقد اصاب من سماه : مهرجان فلسطين الوطني للمسرح مع وضع خط تحت كلمة الوطني .

ملاحظة : تتبع بقية الملاحظات بعد حضور بقية المسرحيات .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير