عهد التميمي...حين أثارت حفيظة ميري ريغيف

06.11.2018 02:00 PM

كتبت: ربى عنبتاوي

في الوقت الذي أنقسم الرأي العام الفلسطيني بين أحقية الطفلة "عهد التميمي" التي عُرفت بنضالها الشعبي ضد المحتل، بلقب "الأيقونة"، وما تبع ذلك من اهتمام عالمي أولاً ومحلي ثانياً تباينت حوله الآراء، كانت ميري رغيف -عضوة الكنيست عن حزب الليكود ووزيرة الشباب والثقافة في حكومة نتنياهو- تدرس سبلاً لمضاهاة عهد عالمياً وتحسين صورة إسرائيل المليئة بالعنف وانتهاك الحقوق الفلسطينية، وخاصة بعد فشلها الذريع بتنظيم مباراة ودية للأرجنتين بالقدس في حزيران الماضي إثر نجاح حراك فلسطيني مناهض.

ريغيف تلك المرأة التي عرفت بعدائها الشديد للفلسطينيين كجزء من خلفيتها السياسية الليكودية المتطرفة، فكّرت كجزء من منظومة إعلامية إسرائيلية لا يمكن إلا أن يقال عنها بأنها محنّكة، كيف تحسن من صورة إسرائيل بخطوة تشكل علامة فارقة، رغم كل محاولاتها ومساعيها في إيصال رسائل إسرائيلية في دول غربية كان آخرها منصة في ميدان التايمز "نيويورك" بذكرى مرور 70 عاماً على تأسيس دولتهم "نكبتنا الفلسطينية".

النجاح الساحق في خطة ريغيف كان بزيارة عقر دار العرب وليس الدول الغربية، وليس للقاءٍ سياسي؛ ولكن تحت شعار السلام والتآلف بين الأديان والشعوب، نجحت تلك الوزيرة المثيرة للجدل في مرافقة بعثة رياضية إسرائيلية إلى بطولة الجودو "جراند سلام"، التي أجريت في أبو ظبي أواخر أوكتوبر الماضي.

هذا الحدث تلقفه الإعلام العالمي وانتشر بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي. ظهرت صورة ريغيف كمرأة عصرية باسمة تصافح بحرارة يد رئيس اتحاد الجودو الإماراتي " محمد بن ثعلوب الدرعي". مشهدٌ استفزازي أضف إليه عزف النشيد الوطني الإسرائيلي "الاستقلال" أو ما يعرف إسرائيليا بـ "هتيكفا" عند تسليم لاعب الجودو الإسرائيلي "ساغي موكي" الميدالية الذهبية. ريغيف استغلت هذا السبق الخطير على مستوى التطبيع العربي الإسرائيلي لتذرف الدموع في محاولة واضحة للعب دور الضحية واستمالة الرأي العالمي والعربي تحديداً حول "المحرقة" وتاريخ اضطهاد اليهود في اوروبا، وربما كانت دموع الانتصار والفرح بتحقيق سبق كبير على مستوى التطبيع العربي الاسرائيلي.

لم تكتفِ هذه الوزيرة التي يصفها مقربون من نتنياهو بصاحبة "الحماسة المفرطة" بهذا الانتصار، لا بل أرادت نيل المزيد من المكاسب بأن طلبت زيارة مسجد الشيخ زايد في العاصمة الإماراتية، حيث حرصت على ارتداء لباس محتشم وقالت بالحرف: "كان مهما بالنسبة لي أن أظهر الأخوّة التي يمكن أن تسود بين اليهود والمسلمين، وأن أمدَّ يدي للسلام".

هذه العبارة التي رددتها ريغيف باللغة العبرية وان بدت متوقعة ومستهلكة، إلا أن صداها كان كبيراً لسياقها المكاني، وعن أي مكان نتحدث "دار عبادة للمسلمين في دول عربية غنية وصديقة للولايات المتحدة والغرب "الإمارات المتحدة". كما أن اختيار ريغيف لوصف علاقة الأخوة بين المسلمين واليهود، وليس الإسرائيليين، في محاولة لاختزال الصراع العربي الإسرائيلي "بصراع أديان" وليس حقوق سياسية واغتصاب لأرض شعب أعزل.

عهد وريغيف
لماذا هذا الربط بين الأيقونة التي تعاطف معها العالم بأسره "عهد التميمي" لأسباب لا ننكر انسجامها مع معايير عالمية من حيث الشكل الخارجي وطبيعة النضال الشعبي التي مثلته ابنة قرية فلسطينية صغيرة "النبي صالح"، وبين ريغيف؟

لأنه ببساطة كان بين فعل وردة فعل، بين عدالة قضية ووقاحة احتلال، بين طفلة تحولت إلى ايقونة، ووزيرة يمينية تستميت ل"أيقنة" إسرائيل المحبة للسلام رغم كل التاريخ الدموي العنيف.

قد تنجح ريغيف في خلق مزيد من الإحباط العربي تجاه مواقف بعض الدول التي تنحو باتجاه تطبيعٍ علني وصارخ بعد أن كان يحدثُ بقليلٍ من الاستحياء سابقاً. هذا الطوفان من التطبيع الذي جرى أواخر أوكتوبر في عدة دول خليجية لن يحسن من صورةإسرائيل في العالم الغربي وتحديداً "أوروبا"، طالما تحتقر الأولى المواثيق والمعاهدات الدولية وتستمر في انتهاكها لحقوق الشعب الفلسطيني، لكنها سترسّخ صورة مليئة بالسوداوية عن العالم العربي المنقسم والمتشرذم والذي صفع القضية الفلسطينية على خدها الأيمن، فيما أكمل الصفعة على خد عهد الأيسر.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير