الطائرة تطير الى الخلف

07.11.2018 08:49 AM

كتب: سامر عنبتاوي

لسنا من صنع الطائرة، وليس منا من وضع التصميم ولا انسيابية الحركة و الطيران، وعندما طارت ركبناها وحجزنا مقاعد الفخامة وجلسنا في المقدمة، بل اخترنا اكثر الطائرات فخامة واصبحت فيللا متحركة، وشاهدنا الطائرات في مطاراتنا جاثية بشكل انسيابي، بمقدمتها واجنحتها وذيلها، وسافرنا وجبنا العالم فيها دون ان نفكر للحظة واحدة في فلسفة بناء الطائرة، ولماذا صنعها العالم، هل صنعت لتقريب المسافات ؟ ابدا فالمسافات هي هي لم تتغير، هل صنعت لاختصار الزمن ؟ غير صحيح ايضا فالزمن هو الزمن، هل صنعت لنعيش الفخامة ؟ نستطيع ان نعيشها على الارض في القصور ونستلقي على الفراش الوثير ونستمتع  بكل وسائل الرفاهية و الراحة، اذا لماذا صنعت هذه الشريرة الطائرة ؟؟ الاجابة ببساطة صنعت لتحمل بني الانسان من مطار ( منطقة جغرافية ) الى مطار آخر ( منطقة جغرافية ) اخرى لتقطع المسافات البعيدة وبأقصر وقت فالزمن و المسافة ثابتين و لكن العقل الانساني استطاع التعامل معهما لتوفير الجهد و الطاقة و انجز الكثير و نقلنا من واقع الى واقع  .

فلسطينيا ركبنا الطائرة من مطار يسمى اغتصاب 48 لنصل الى مطار الحرية، فوجدنا انفسنا نهبط اضطراريا في مطاراغتصاب 67 ( ترانزيت ) فتغير بعض  الركاب و بقيت الطائرة نفسها، فتوجهنا الى مطار عمان فبيروت وطرابلس فاليمن و الجزائر، مررنا بمطارات العالم ووجهتنا فلسطين لنكتشف ان الطائرة تطير الى الخلف، فهل طاقم الطائرة غير مؤهل ؟ أم ان الركاب فوضويون و مزعجون ؟ أم أن الرياح قوية جدا ؟ أم أن البوصلة في قمرة القيادة معطوبة ؟ أم أن الطائرات في الجو كثيرة لا تفسح لنا المجال ؟ أم الرؤية مشوشة وضبابية ؟ أم اننا لا نعرف قيادة الطائرة التي لم نصنعها ؟ أم اننا لم نركب الطائرة اصلا و كان كل ذلك حلما ؟ أم كل او معظم ما تقدم ؟ المهم لماذا طائرتنا هي الوحيدة التي ترجع الى الخلف ؟ عوامل الطبيعة مشتركة للجميع ، الرياح، والجاذبية، وفنون القيادة، لماذا طارت بشكل صحيح ووصلت لمطاراتها الطائرات في فيتنام و الجزائر و كوبا و كل من احتلت ارضه ؟؟ فلماذا لماذا طائرتنا تطير الى الخلف ؟ ام اننا ركبنا الطائرة ( بالشقلوب ) فكان وجهنا الى ذيلها و( قفانا ) الى المقدمة ؟

العوامل والاجوبة كبيرة و خطيرة، فنحن لم نتحد لمحاولة صناعة طائرتنا وبأيدينا، وعندما ركبناه اختلفنا من يجلس في المقدمة أو الوسط أو الخلف للاعتقاد الساذج بأن من يجلس في المقدمة يزداد احتراما أو يصل أسرع، وفي حقبة ما تقاتلنا على غرفة القيادة فتجمعنا فيها فاختل التوازن ومالت المقدمة واتجهت سريعا للارض، فتخلخل الطيران واهتزت الاجنحة واصبحت الطائرة في مهب الريح وكل مطب أو عاصفة أو رياح شديدة او ضعيفة تتقاذفها وتبعدها عن مسارها ولذلك تقلبت في الجو فلم نعد نعرف المقدمة من الخلفية و لكن العالم كله شاهدنا نعود الى الخلف.

يا شعبنا و اهلنا في حالة تخبط الطائرة سقط منا الكثيرين وارتطمت اجسادهم بكل بقاع العالم التي سالت فيها دمائهم بأيدي الاعداء كثيرا و بأيدي أبناء جلدتنا عديدا، و للأسف بأيدينا ليس قليلا.

ايها الفلسطينيون لم تنته الحكاية و لا زلنا نطير والعبرة ليست اننا نطير بل الى اين الاتجاه، ففكوا احزمة الأمان و اتركوا المقاعد فهي لن تفيد و الطائرة تتقاذفها الرياح و تعود الى الخلف و عدلوا المسار و تشاركوا جميعا في قيادة الطائرة فالطائرة لا تزال في الجو و الارض الطاهرة بانتظار و نريد ان نهبطها بسلام لا بارتطام .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير