غرفة العمليات المشتركة

19.11.2018 11:41 AM

كتب: حمدي فراج

يتصور البعض غير القليل من المحللين والمراقبين ، أن لغرفة العمليات المشتركة في غزة يعود الفضل للحالة الانتصارية التي تحققت مؤخرا وعكست ذاتها ايجابيا على المزاج الجماهيري والشعبي الفلسطيني والعربي عموما ، وحتى هؤلاء الذين شككوا ، كما هي عادتهم غالبا ، فإنهم لم يستطيعوا التشكيك في ما ألحق بالعدو من خسائر مادية ومعنوية جسيمة ، توجت بأن يقدم وزير الحرب استقالته ، ويعود نظيره في غزة القائد محمد ضيف الى الواجهة – التي لا يستسيغ التناغم معها – من جديد ، وظهر السنوار يتسلم مسدسا اسرائيليا غنمه المقاتلون في ارض المعركة ، فيثني على المقاتل ، ويمتشقه على خاصرته، في مشهد اعلامي يشي بالكثير.

ليست هي غرفة العمليات المشتركة ، فطوال عمر المنظمة ، سواء في الشتات او في الداخل ، كانت لها غرفة عملياتها المشتركة. القيادة الوطنية الموحدة، كانت بمثابة غرفة عمليات مشتركة، قادت فعاليات الانتفاضة الاولى بنجاح غريب، وصل في بياناتها التي كانت تترجم الى معظم لغات العالم، ايلاء الاهتمام بضرورة ان يستثمر الناس حواكير بيوتهم واسطح منازلهم في زراعتها.

إذن، هو القرار بالمقاومة والمناهضة لهذا المحتل، وتحريم عقد اي نوع من السلام معه قبل ان يفكك معداته ويرحل، إجتراح هذا القرار بشكل مؤكد اولا، وتطبيقه بشكل صحيح ثانيا، فتأتي غرفة العمليات المشتركة كأحد اهم ميكانزمات التطبيق.

ماذا كان يمكن ان تطبخ الغرفة على نارها لو كانت خابية، او بدون موقد. ماذا لو لم يكن لها ارتباطاتها العضوية مع محاور المقاومة محليا وعربيا وعالميا، ماذا لو ظلت أسيرة المعبد والكهف ولا تأتمر الا بما يقوله الامير الذي يعيش في كنف أمير.

   إن "الغرفة" التي استقطبت اليوم محبة الناس والتفافهم حولها، مرشحة ان تمضي قدما في هذا الطريق، طريق حصد المزيد من الانجازات، بما في ذلك ما استعصى قديما وحديثا على الصعيد الداخلي من خلافات بدت وكأنها من دون حل، ولولا تدخل مصر بما تمثل من ثقل، وبما مثلت من حالة صبر وتؤدة واصرار، لكانت الامور قد ذهبت في تشتيتات اخرى. وهذا لا يعني بالطبع، ان تستسهل "الغرفة" بقية الطريق، ولا ان تضع ثقتها الا في جماهير شعبها، هذا الشعب هو الوحيد القادر على تسييجها بالحراسة و الامان والنضال. أليست هي هذه الجماهير التي خرجت في مسيرات العودة قبل ثمانية اشهر بمئات الالاف؟ أليست هي هذه الجماهير التي قدمت مئات الشهداء والاف الجرحى؟ أليست هذه المسيرات في نحو ثلاثين جمعة هي التي دفعت اسرائيل لأن تذعن وتستعد لرفع حصارها مقابل ان تتوقف.

    من قال انها اذا توقفت، فإنها لا تستطيع استئناف سيرها من جديد، وخاصة حين يكون أمرها منوطا بغرفة محترمة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير