نادية حرحش تكتب لـوطن: سهى جبارة.. الحرية المفقودة والقمع الذكوري في هيئة أجهزة الأمن

09.12.2018 12:42 PM

يعني من الممكن استخدام قضية سهى جبارة تزامنا مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، على الرغم ان القضية هي قضية قمع يعيشه الرجال والنساء على حد السواء فيما بين السجون والبيوت عند التكلم عن طريقة التفكير التي تجعل من الظلم امرا طبيعيا. فالجلاد لا يحتاج لأن يبرر فعلته كثيرا، فهناك مجتمع مجيش ليدافع عنه. بالنهاية فالنظام الذكوري متأصل في لحظة الولادة تقوم بتنشئته الأم. ولكن هنا تختلط الأوراق ويبيت من الصعب فهم ما يجري، خصوصا اننا نعيش في كيان سلطوي لا قانون يحكم فيه. لا أعرف ما هي تهمة السيدة سهى جبارة الام لثلاثة أطفال من تر مسعيا. ولا يهم ما هي تهمتها. فنحن امام المشهد اللاحق للتهمة وسبب الاعتقال. نحن امام قضية تعذيب وتنكيل كثيرا ما جرت وتجري في قبوات الاعتقال وغرف التعذيب. قصص ذهبت فيها أرواح وانتهت حياة ولا يزال القمع سيد الموقف. كسر ممنهج للنفوس والقلوب امام ظلم لا ينتهي. وقد يكون الامر صعب تصديقه بالنسبة للفلسطيني العادي. فنحن متعودون على ظلم الاحتلال وافعاله الشنيعة في التنكيل والتعذيب. وعليه يبدو ان الانسان الفلسطيني يحاول قدر استطاعته عدم تصديق منهجية هذا النوع من الجرم الذي يجري في سجون السلطة الفلسطينية. وهنا في الضفة المنفصلة عن شطري الوطن، يبدو الامر مفزعا أكثر، ان تكون سلطة رام الله التي تتهم سلطة حماس في غزة على اتباعها وسائل تعذيب مرفوضة ضد الرجال والنساء في السجون وخارجها.

عدم معرفة ما هي تهمة سهى جبارة بعينها تؤكد على اننا نعيش في غابة بربرية لا مكان انساني. فبين اعتقال المرأة لما تجاوز الشهر وكيل اتهامات علنية وادعاء ان التحقيق سري، تضيع الحقيقة ويستمر الظلم.

الظلم هنا الأصل. فتعذيب الانسان بما نشرته مؤسسة العفو الدولية، تؤكد لنا مرة أخرى فشل المنظومة الوطنية الفلسطينية. فما تقوم به قوات الامن لا يختلف عما تقوم به قوات القتل الامريكية في معتقلاتها. وكأن من يقوم على تدريب الامن الفلسطيني هم مجرمون وسفاحوا تلك المعتقلات المتمثلة بجوانتانامو كمثال.

وهنا، في حالة ان المعتقلة امرأة، صار من الاسهل رميها باتهامات متعددة، فبالنهاية كونها امرأة يجعلها عرضة للاتهام في الشرف وللتهديد بالشرف. وفي محاولة الدفاع عنها تصبح كل الأمور مشكوك فيها. فهذا شأننا نحن قوم المنكوبين في هذه الأرض. جلد الضحية كإثبات للوجود. فبين اتهامات مزعومة بان المرأة تعمل لجهات عدوة (مع الأسف تبين فيما بعد ان تلك الجهات العدوة قد تكون حماس) وبين اتهامها بالعمالة، وبين الزعم ان ما يجري في قضيتها هو محاولة منها للخروج خارج البلاد.

ومن يريد ان يبقى في بلاد تقمع على هيئة مباشرة بالاعتقالات والتعذيب والقتل المنهجي.

ما رواه والد سهى جبارة، يؤكد ان ما يمارسه الامن هو بلطجة لا امن. وتهديد المرأة في شرفها كوسيلة ضغط لها ولأهلها من أبشع ما يمكن ان يقع على امرأة في مجتمع يحاول في أحسن امكانياته الحياة وسط تصفية ممنهجة للإبادة من قبل الاحتلال.  

من الناحية الحقوقية البحتة، ان المرأة أعلنت الاضراب عن الطعام منذ ما يقرب الشهر، وتدهورت حالتها الصحية، ولم نرى أي حراك من اجلها من قبل المؤسسات النسوية والحقوقية. ما الذي يحرك الحراك الشعبي في وضعنا؟ يعني لو تنبهنا، لقررنا بلا شك، ان ما جرى لسهى جبارة قد يجري لك منا. إذا ما كان سقف الحريات معدوم، وإذا ما كان سيل الاتهامات ممكن ولا يبرره قانون ويحميه النظام. استغرب عدم الاكتراث لقضيتها بينما انشغلت الحراك النسوي في يوم التضامن من اجل مناهضة العنف ضد المرأة في قضية كهذه. قضية تجعل من القتل الذي تستباح فيه النساء امرا طبيعيا.

اللجنة الحقوقية التي تبنت قضية سهى جبارة تم تطويقها وجعلها تصرخ في غرفة مفرغة في محاولة لقتل الموضوع وبالتالي نسي من يحاول المتابعة او المتابعة الامر. الا ان تدخل امنيستي قد دق الخزان على كم الهول الذي يجري في هذه القضية.

كم مؤسف ما وصلنا اليه.... امنيستي تتدخل على غرار تدخلاتها في الدول الأكثر قمعا في موضوع الحريات، في وطن يعاني أبناء شعبه ويل قمع الاحتلال وممارساته.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير